رغم أن النظام السابق بمصر سقط في الحادي عشر من فبراير الماضي بخلع رأسه عقب ثورة25 يناير إلا أن الصورة التي لايمكن لهذا الجيل وكل من يعيش علي أرض مصر أن ينساها هي صورة الرئيس المخلوع حسني مبارك وهو نائم علي سريره خلف القضبان. لتكون هذه هي المرة الأولي في التاريخ المصري التي يعزل فيه حاكم وهو حي وتجري محاكمته علنا وهي أيضا المرة الأولي في التاريخ العربي فلا توجد سابقة مماثلة حتي محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين لأن من عزله وحاكمه وأعدمه كان الأحتلال الأمريكي وليس الشعب العراقي ولذلك فقد كان مشهد محاكمة الفرعون الأخير ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته القوي حبيب العادلي وأركان نظامه هو الأبرز في الثورة المصرية وهو ماأنعكس علي تعليقات الصحف العالمية والعربية. ففي الولاياتالمتحدة قالت صحيفة نيويورك تايمز ذائعة الصيت إن ظهور حسني مبارك, الذي حكم الفترة الأطول في تاريخ مصر الحديثة حتي أطيح به في ثورة شعبية في فبراير, في قاعة محكمة علي سرير المستشفي لمواجهة اتهامات رسمية بالفساد والتواطؤ في قتل المتظاهرين, قدم درسا لا ينسي لمصر وللعالم العربي في السلطة المهانة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن محاكمة حسني مبارك المتلفزة حولت مصر وجزءا كبيرا من الشرق الأوسط إلي غرفة معيشة واسعة حيث جلس ملايين المشاهدين, في المحلات التجارية في عمان والقدس وفي الأكواخ اليمنية الفقيرة, منبهرين بالمشهد غير العادي الذي كان لا يمكن تصوره يذاع من محكمة القاهرة. أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فاعتبرت محاكمة حسني مبارك دلالة علي مدي تغير المشهد السياسي بعد الثورة التي اجتاحت مصر قبل ستة أشهر, وقالت إنها أزالت عن مبارك صفات الألوهية التي ارتبطت به طيلة ثلاثة عقود حكم خلالها البلاد. فيما أعتبرت واشنطن تايمز الأمريكية أن محاكمة مبارك وظهوره علي شاشات التليفزيون لحظة غير مسبوقة في تاريخ العالم العربي, فلأول مرة يتم وضع زعيم شرق أوسطي معاصر خلف الأسوار علي أيدي شعبه. وقارنت بين محاكمة مبارك وبين محاكمة الرئيس العراقي الراحل, صدام حسين عام2006 التي اهتزت لها أرجاء الشرق الأوسط, خاصة أنها كانت من قبل الإحتلال الأمريكي الذي دخل العراق متحججا بأسباب واهية, كما قارنتها بمحاكمة زين العابدين بن علي, الرئيس التونسي, الذي كان نظامه أول الأنظمة التي أطاحت بها مظاهرات الربيع العربي, غير أن محاكمة الرئيس المصري تحمل بين طياتها رمزية تاريخيه لأنه حضر المحاكمة, بينما حكم علي بن علي غيابيا وهو في منفاه بالمملكة العربية السعودية. من جهة أخري رأت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية أن سقوط ومحاكمته كان نعمة لم يصدقها أحد في البداية ولا يزال البعض لا يصدقون أنفسهم, وأولهم مبارك نفسه الذي بالتأكيد لا يصدق مشهد مثوله أمام المحكمة ويواصل الإنكار الذي اعتاده منذ البداية, فقال في آخر تصريحاته لقناة العربية الإخبارية في10 أبريل الماضي, أنه وأسرته ضحايا الإدعاءات الكاذبة التي تسعي لتدمير سمعته ونزاهته. وقد تصدر هذا الحدث المهم الصحف العربية, ففي لبنان أكدت صحيفة السفير ان الشعب المصري العظيم يواصل كتابة الصفحات الأولي من التاريخ العربي الجديد, ولأنها مصر فهي تنجز هذه المهمة الجليلة بهدوء يتناسب مع خطورة قدراتها وموقعها وتراثها النضالي العريق وإحساسها المكين بجدارتها وأهليتها لدورها القيادي الذي لا بديل منه.وأوضحت ان مصر قدمت النموذج الراقي لمحاكمة أنظمة القتل في الوطن العربي, ووضعت نقطة النهاية لعصر الاستبداد والطغيان الذي غيب الأمة عن ذاتها فخسرت حاضرها وحقها في صناعة المستقبل الذي صادره أعداؤها لكي يحبسوها في زنزانة الماضي. واعتبرت صحيفة الأنواراللبنانية أن مشهد المحاكمة يحمل الكثير من الرموز, والدروس والرسائل إلي الحكام العرب والشعوب.وأشارت الي ان.. فرعون علي سرير في قفص المحكمة, وتجري محاكمته بعد ثورة شعبية حاول قمعها, وبناء علي مطالبات الثوار الذين ليسوا في السلطة, وهو يواجه محكمة مدنية, لا محكمة ثورية ولا محكمة أمن دولة. وفي السعودية اعتبرت صحيفة الرياض إن محاكمة حسني مبارك, سابقة في التاريخ العربي الذي شهد قسوة الحكام في معظم تاريخه.ووصفت الصحيفة المحاكمة بأنها حضارية, لأنها استوفت شروط الادعاء والدفاع, وحضور الشهود, مشيرة إلي أنها سابقة تعطي دلالة بأن القضاء المصري لايزال يملك استقلاليته ونزاهته, وهي بدايات لتقوية دوره في المستقبل. أعد الملف أشرف أبوالهول هاني عسل - محمود مكاوي شريف طه محمد فؤاد