استقبلت مشرحة زينهم حتي أمس ثمانية جثماين لضحايا أحداث مجلس الوزراء لتشريح الجثث والتعرف علي أسباب الوفاة, حيث بدأ فريق من الطب الشرعي عمله في وضع تقرير عن إصابات الضحايا التي كان معظمها رصاصات استقرت في أجسادهم خاصة مناطق الرأس والصدر. في الوقت نفسه الذي تجمع أهالي الضحايا في مشهد حزين بطعم الموت حول مبني المشرحة انتظارا لتسلم جثث ذويهم, وقد سيطر الحزن والحداد عليهم لرحيلهم المفاجئ بلا وداع لأطفالهم وذويهم ليخلفوا ورائهم زوجات أرامل وأمهات ثكالي. المشاهد أمام المشرحة مآساوية تدمع لها العيون وتدمي القلوب علي ضحايا من شباب يافع قدم حياته فداء للحرية التي ينشدها ولم يمهله القدر لمعايشتها ومنهم الشهيد الدكتور علاء عبدالهادي21 سنة طالب بالسنة الخامسة بكلية الطب جامعة عين شمس نجل عامل البناء البسيط وربة المنزل التي لا تملك من متاع الدنيا شيئا سوي فلذة كبدها الابن الأكبر علاء وشقيقه كريم19 سنة تحمل الأب معاناته مع الفقر والمرض وعمل ليلا ونهارا لتربية نجليه حتي الحق ابنه الأكبر بكلية الطب جامعة عين شمس وتفاخر الابن البار بأبيه عامل البناء وسط زملائه في الدراسة وتمني لو ينتهي من دراسته في لمح البصر ليحمل عن أبيه الأعباء التي أثقلت كاهله سنوات طوال وعرف الشهيد علاء عبدالفتاح بين زملائه في الجامعة بحسن الخلق والالتزام ومساعدة كل من حوله وكان متفوقا في دراسته وارتجفت أوصاله عندما شاهد الجرحي يتساقطون علي مقربة من مقر مجلس الوزراء ارتدي البالطو الأبيض واشتري الأقراص المسكنة والشاش والأقطان والمراهم علي نفقته الخاصة وقرر الذهاب إلي هناك في محاولة منه لإسعافهم وكلم زملائه علي الFacebook واخبرهم أنه متوجه إلي مقر مجلس الوزراء لعلاج الجرحي وطلب من زملاءه الدعاء له وتوجه إلي الميدان وبينما كان يمسك بقطعة من الشاش لوضعها علي جبهة مصاب لوقف النزيف اخترقت رصاصة غادرة أنفه لتخرج من رأسه ويسقط علي الأرض جثة هامدة وبعد ساعتين فوجئ زملاءه بخير علي الFacebook أن الدكتور علاء عبدالهادي استشهد أمام مبني مجلس الوزراء وتم نقله إلي مستشفي قصر العيني,وقام صديقه باصطحاب شقيقه للتعرف علي جثته, وفوجئ به يرقد داخل مشرحة المستشفي. والد الشهيد علاء احتسبه عند الله من الشهداء ولكن طالب بالقصاص من قاتل فلذة كبده فهو كان يرتدي البالطو الأبيض الذي تلطخ بدمائه الطاهرة وكان يؤدي واجبه حتي طالته يد الغدر وأطاحت بأحلامه وأكد أن فلذة كبده كان سيحتفل بعيد ميلاده الثاني والعشرين بعد يومين وبدلا من إقامة حفل عيد الميلاد أقيمت له مراسم العزاء زملاء الشهيد بكلية الطب جامعة عين شمس اصروا علي مرافقة الأطباء والاشتراك معهم في تشريح جسده ثم قاموا بلف جسده بعلم مصر وتوجهوا إلي مسجد النور لاقامة صلاة الجنازة عليه ويتمكن زملاؤه من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه فقد كان الشهيد الدكتور علاء عبدالهادي من خيرة طلاب الكلية. ولأن الموا يحصد أفضل الشباب هاهو المهندس محمد عبدالله22 سنة كان يعمل بإحدي الشركات الخاصة في القاهرة إلا أن الشركة قررت الاستغناء عنه لسوء أحوالها المادية, فترك عمله وعاد إلي مسقط رأسه بمحافظة المنيا وهو الابن الأكبر لوالديه العجوزين وله شقيق واحد معاق ذهنيا فشد الرحال إلي بلدته ليتولي رعاية والديه وشقيقه المعاق إلا أنه فوجئ بمدير الشركة يطلب منه الحضور إلي القاهرة لتقديم استقالته بشكل رسمي وتسلم مستحقاته واستقل القطار وتوجه إلي فرع الشركة بحلوان وبعد أن أنهي مهمته تقابل مع صديقه الوحيد طارق بميدان التحرير وخرجا للتنزه, وبينما كان يسيران علي مقربة من الجامعة الأمريكية اخترقت رصاصة قلبه وسقط علي الأرض شهيدا وراح صديقه يصرخ بأعلي صوته ووصل إلي مستشفي قصر العيني جثة هامدة, ووصلت أسرته من محافظة المنيا ليعود إليها في تابوت. والدة الشهيد محمد عبدالله أدمت قلوب كل الموجودين أمام مشرحة زينهم بكلمة ولدي التي خرجت من بين ضلوعها لتشق قلوب الحاضرين وأنهار من الدموع انسابت علي خديها وهي لا تكف عن العويل والصراخ, بينما تلفح الأب المكلوم بالصبر وراح يتمم بكلمات حسبي الله نعم الوكيل ضاعت العصا التي كنا نتوكأ عليها مات من كان سيحمل نعوشنا عندالممات.. راح من كان سيتولي رعاية شقيقه المعاق بعد رحيلنا أسألك ربي الصبر والسلوان والعوض. أما الشهيد أحمد محمود منصور لم تدم فرحته كثيرا ببكالوريوس الإعلام الذي حصل عليه في جامعة6 أكتوبر, أحلام كثيرة راودته وتمني أن يصبح صحفيا شهيرا وقرر أن يواصل دراسته بكلية الإعلام جامعة القاهرة وتوجه إلي الجامعة صباح أمس الأول وانتهي من محاضرته وطلب من الأستاذة عمل موضوع عما يحدث أمام مجلس الوزراء وتوجه بصحبة زميله في الدراسة إلي مجلس الوزراء لعمل موضوع صحفي بينما كان يقف تقابل هناك مع نجل عمه وأثناء انشغاله في الحديث معه استقرت رصاصة في رأس الشهيد وسقط علي الأرض جثة هامدة وكست الدماء ملابس وحذاء نجل عمه, وقام بنقله إلي المستشفي جثة هامدة. الطفل الشهيد الطفل الشهيد سيد عمر أحمد علي15 سنة نجل العامل البسيط فترك دراسته ليشارك أبيه أعباء الحياة اشتغل في إحدي شركات الكمبيوتر ليشد من أزر أبيه ويشاركه في الانفاق علي الأسرة حتي انتهي من عمله بمنطقة الدقي وسار إلي منطقة مجلس الوزراء لرؤية ما يدور هناك فهو لايزال عود أخضر ويهوي معرفة ما يدور حوله من أحداث خرج مع زميله وبينما كان يقف في ذهول من هول ما شاهده من ضرب وأطلاق أعيرة نارية وجرحي هنا وقتلي هناك اخترقت الرصاصة قلبه البرئ ليسقط علي الأرض غارقا في دمائه انتابت صديقه خالد حالة من الهيستيريا وراح يلطم خديه ويضرب بالمحيطين حوله وينادي علي صديق العمر بأعلي صوته ثم اتصل بوالديه الذين حملا التراب فوق رأسيهما أمام مشرحة زينهم حزنا علي رحيله. ..والشيخ الشهيد عماد عفت يعمل بلجنة الفتوي بالأزهر الشريف عاد من عمله وخلع عباءته وارتدي ملابسه العادية وتوجه إلي مقر مجلس الوزراء ليشارك في المظاهرات, فهو منذ اليوم الأول للثورة كما يؤكد نجل عمه كان يشارك في المظاهرات وكان مهموما بكل ما يجري في مصر ويتمني الاصلاح وعودة الهدوء وتوجه إلي مجلس الوزراء وبينما كان يشارك في المظاهرات اخترقت رصاصة غادرة ذراعه الأيسر وأخري اخترقت قلبه ليلقي مصرعه في الشارع. الشهيد عادل عبدالرحمن20 سنة طالب بكلية الآداب توجه إلي مجلس الوزراء بصحبة نجل عمه للمشاركة في المظاهرات, وبينما كان يقف علي مقربة من الجامعة الأمريكية بجوار ابن عمه اخترقت رصاصة صدره وسقط علي الأرض غارقا في دمائه, وأكد نجل عمه أن الشهيد عادل كان في المظاهرات منذ اليوم الأول وكان مشهورا عنه وسط ابناء العائلة حبه الشديد لمصر ورغبته في الدفاع عنها وحمايتها ويوم وفاته توسلت إليه والدته بعدم النزول إلي مجلس الوزراء والذهاب إلي كليته إلا أنه رفض وطلب منها الدعاء وألا تبكي عليه إذا استشهد فتلك هي رغبته أن ينال الشهادة وبعد نزوله من شقته بمنطقة بين السرايات عاد ثانية ليقبل والدته وأشقائه وراح ينظر إلي الشقة وكان يعلم أنها المرة الأخيرة له في بيته وتحقق الحلم. الدكتور محمود أحمد محمد علي نائب كبير الأطباء الشرعيين أكد أن المشرحة تسلمت8 جثث من بينهم6 جثث معلومة واثنين مجهولين لم يتم التعرف عليهما وتم تسليم جميع الجثث المعلومة لذويها, وتبين أن أسباب الوفاة لجميع الجثث هي طلق ناري في الصدر والرأس.