أنا لا سفسطائية ولا مستشرقة ولا حتى قارئة الفنجان أو الطالع ولكنى متأملة جيدة للواقع، فليس معنى أن ينجح السلف أنهم سيحكمون مصر، ولا يعنى تكفير نجيب محفوظ أنهم سوف يسودوا فى الفكر والابداع خرابا، ولا يجوز أن يصبحوا شغلنا الشاغل ويجعلونا نرضى بأخف النارين "الأخوان المسلمون" ونتلمس لهم الأعذار فى مخالفتهم لتصدر الساحة وسرقة ما أطلقنا عليه "حقهم المسلوب" من النظام السابق، دون أن نفكر ولو للحظة.. ألم يكن هذا التحيز فخا لنا لتقبل الأخوان بصدر رحب؟ وسرعان ما سنلوم أنفسنا على بيع أصواتنا لهم بعد هجوم وانتقاد وتجاهل، وعلى صعيد آخر فأننا هولنا من حجم السلف فى حين أننا لو قرأنا الواقع جيدا فلن نخشى لا هذا ولا ذاك، وسنجد أن عبدالمنعم الشحات جاء برأيه فى نجيب محفوظ بناءا على مشاهدته لأفلامه ولم يقرأ روا ياته، ومعنى ذلك أنه ببساطة شاهد أفلامه ليس بدافع الفضول - حاشاه لله حتى لا أبرز مخالفته لأعراف السلف – وأنما قد شاهدها بدافع الانتقاد، وهذا مسموح، ولكن السؤال هنا ألم يكن التلفاز محرما باعتباره بدعة لما يبثه ليل نهار من أضرار على المجتمع؟ لماذا أذن يخاطر السيد الشحات وغيره بالتواصل مع مالم يكن موجودا لدى السلف الصالح؟ ولماذا أذن قامت مجموعة من السلف بغزو هذا العصر الملىء بالبدع أولا بتأسيس مواقع ألكترونية وصفحات فيس بوك وفيديوهات يوتيوب، بل والمفاجأة ذات العيار الثقيل أنهم بدأوا فى نشر ثقافتهم عبر التلفاز لتأسيس جيل جديد عبر حلقات كارتونية بعنوان "السلفى الصغير" التى تقوم بعدل نصاب الأمور التى قد أفسدها كثيرا " توم وجيرى" وغيره من الكارتون المصنوع من قبل الفرنجة بثقافتهم المبتذلة؟ أذن فقد نوى السلف والنيه لله أنهم سيقدمون جيلا سلفىا جديد وسيقومون بتطهير المجتمع من البداية، ولكن هذا يتطلب مشاهدة المبتذل والمتدنى اخلاقيا ومجاراة كافة البدع والتواصل معها، وإلا سنعيب عليهم انتقاد شيئا لم يروه ويقعوا جميعا فى فخ الشحات الذى انتقد وحرم وكفر دون علم ولا قراءة وجاءت تصريحاته على أساس "السمع" ليس إلا، ولهذا سيخرج من بينهم أمثال نادر بكار المتحدث باسم حزب النور ليبشر بسلف تقدمى - عذرا لتضارب التوجهين ولكن لا توصيف لهما غير ذلك – فهو مثقف ومطلع على الأدب العربى والأجنبى رغم خلافه معهم، وإطلاعه جعله أكثر حنكة فى الرد على كل المخاوف من العودة للوراء فى وجود السلف، وما يطمأننى فى كل هذا أنى أرى عكس ما كان متوقعا، فبدلا من أن يسحبنا السلف للخلف در، أصبح مربوطا من عنقه يجذبه تيار التكنولوجيا والخيال والإبدع أو البدع رغما عنه، بدافع أن يكون لديه أسلحة جديدة، أذن فقد عفا الله عما "سلف". المزيد من مقالات ناهد السيد