الأم المنسية.. التي يتجاهل زوجها يوم عيد الأم ومفاجأتها بهدية, والتي يردد لها أولادها معلش ياماما مفلسين.. ماذا تفعل؟ هل تكافئ نفسها وتشتري لنفسها هدية؟ أم تشتري عدد إثنين هدية عوضا عن هديتي الزوج والأبناء؟ أم تنسي الفكرة كلها وتعتبره يوما مثل بقية الأيام؟ أم تحضر هي الهدايا لهم.. وفي يوم العيد تعزمهم؟ وهل ستصبح سعيدة لوفعلت ذلك أم ستظل في حاجة لمفاجأة ملفوفة بسوليفان وأشرطة كثيرة ملونة تسمي بالهدية..؟ د. أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس جامعة عين شمس يقول: من كلمات الكاتب الراحل نجيب محفوظ الخالدة آفة حارتنا النسيان وبالتالي نستطيع أن نقول: أن آفة الأسر المصرية هي نسيان فضل الأمهات, فالأم المصرية التي أنجبت وكافحت وعانت سنوات وظلت تعمل في صمت لتتحمل الألم في نبل دون أن تشكو, كثيرا ماينسي أبناؤها فضلها ويبعدون عنها رغبة في الإستقلال, والأم التي دائما ماتقضي رحلتها في الحياة تدفع من دمائها وحيويتها ومن حريتها ووجودها من أجل راحة أبنائها, كثيرا ماتصيبها خيبة الأمل, عندما تحتاج إليهم فتجدهم منشغلين لايقدمون لها أي عون, والأم التي علي استعداد دائم أن تفدي أبناءها بروحا, كثيرا ماينكسر خاطرها عندما مايغيب أبناؤها عنها ولايأتون لزيارتها ولايقدمون لها أي شيء حتي في عيد الأم, لذلك فكثيرا مانجدها تزرف الدمع ويخيم علي وجهها الجميل الحزن عندما يحل يوم عيد الأم دون أن يطرق أي من أبنائها بابها لتظل وحيدة بين أربعة جدران. فمنذ أن طرحا الكاتبان العظيمان مصطفي أمين وعلي أمين بأخبار اليوم فكرة عيد الأم عام1943 والتي تم تنفيذها في مصر عام1956, وقد وقع الاختيار علي يوم21 مارس للاحتفال بعيد الأم المصرية, وقد صارت الأم أكثر سعادة وقدعادت الابتسامة إليها من جديد بعد أن أدركت أن عطائها لأبنائها لم يذهب سدي, ومنذ هذا التاريخ أصبح واجبا علي المصريين جميعا الاحتفال بعيد الأم وأصبح هذا العيد حق لها وحدها دون منازع, والأم المصرية المعروفة بحنانها الزائد وعواطفها المفرطة لاتنتظر في عيدها تقديم الهدايا الغالية التي تثقل كاهل أبنائها, وغالبا ماتؤكد هذا في قولها لهم: ماتتعبوش نفسكم ياأولاد.. عندي كل حاجة كفاية إني أشوفكم, وهي غالبا ما تكتفي بمظاهر الاحتفال من تلقي الورود, وربما وقبلة علي وجنتيها أفضل لديها من ألف هدية. ورغم هذه القناعة لدي الأم المصرية إلا أن العلماء يحذرون الأبناء من استغلال طيبتها ورضاها الدائمين, وتلك الحالة الرومانسية التي تعيشها في هذا اليوم الجميل, وذلك بألا يبخلوا عليها في التعبير عن حبهم لها وقت شراء الهدايا, فلايشتروا لها الرخيص.. أو غير اللائق.. أوغيرالمناسب في وجود قدرة مالية لديهم تمكنهم شراء مايليق بها, فإذا كان عطاء الأمهات للأبناء بلاحدود فليكن التعبير منهم مناسبا لهذا العطاء ولظروف لأسرة. ويري علماء النفس أن علينا تعويد أبناؤنا التضحية بمصروفهم ومدخراتهم لكي يقدموا هدايا تليق بالأم, ويتعلموا أن العطاء يجب أن يكون متبادل, ولأن القاعدة الشرعية تؤكد علي أن العطاء يجب أن يكون علي قدر المعاناة, لذا فإن الهدية التي تليق بالأم تكون لها قيمة في قلبها أعظم بكثير من أي شيء في هذه الحياة. ومن هنا يوجه د. أحمد خيري نصيحته للأبناء أن يعطوا للأمهات حقهن, وأن يوفوهن قدرهن عند شراء الهدية وألايكسروا بخواطر أمهاتهم, وألايجعلوا هداياهم لهن سطحية وعابرة وغيرمثيرة للدهشة, بل يجعلوها مفجرة للفرحة في أعينهن ومصدرا لسعادتهن, وعليهم أن يتعلموا أن قيمة هدية كل أم ليست بسعرها المرتفع إنما فيما يعينها علي الحياة, ولابأس أن تكون الهدية مفيدة لحاضرها ومستقبلها, في صورة نقدية في مظروف جميل مذيل بعبارات رقيقة أو دفتر توفير أو قطعة جميلة من الذهب فتجد فيها سندا ماديا عند الحاجة, فمن المعروف أنه كلما كبرت الأمهات في الأعمار كلما أصبحن يشعرن بالاكتئاب نتيجة لانحسار العمر وغياب الشباب وبعد الصديقات وزواج الأبناء, وكلها عوامل تؤثر سلبا علي سعادتها, لذا نؤكد علي التدقيق والعناية في اختيار هدية عيد الأم! ماذا لونسي الأبناء أو تجاهلوا تقديم الهدايا للأم في عيدها؟ د. أحمد خيري يجيب: إذا كنا نري أن عيد الأم حق لكل أم فلابد لها أن تطالب بهذا الحق, وننصحها بأن تكون المطالبة رقيقة, وأن تأخذ شكلا مميزا وجميلا, بأن تتجاهل هذا النسيان أو هذا التناسي, وتدعوهم جميعا للاحتفال في دعوة علي الغذاء وتناول بعض الأطباق الشهية التي يفضلونها والمصنوعة بيديها, وعليها أن تقدم لهم بعض الهدايا التي تفرحهم والتي عجزوا عن تقديمها إليها, علي أن تظل الابتسامة تعلو شفتيها طوال الوقت, فهذا التصرف من الأم هو رسالة عتاب للأبناء تشعرهم بالخجل من هذا التقصير فيعودون إليها كل عيد أم فرحين.. غير ناسين.. ومحملين بالهدايا.