«الوطنية للانتخابات» تعزي أسرة موظف توفي أثناء التوجه للعمل بإحدى اللجان    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    «الوطنية للانتخابات»: نتوقع إقبالاً أكبر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    تقرير غرفة عمليات حزب المحافظين لليوم الأول من انتخابات مجلس النواب    «الوطنية للانتخابات»: المشهد الانتخابي عكس حالة من التوافق بين مؤسسات الدولة    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم بالبورصة العالمية    أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    10 قطاعات رئيسية.. تعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر    صعود شبه جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر    انقطاع المياه 6 ساعات عن مركز بلطيم لهذا السبب    الري: حملات مكثفة لإزالة التعديات على مجرى النيل بفرع رشيد    حماس: تصديق الكنيست على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين محاولة لتشريع القتل الجماعي    وزير الخارجية يتوجه إلى مدينة بورسودان    اليوم.. انضمام صلاح ومرموش ومصطفى محمد لمنتخب مصر في الإمارات    هشام نصر: عبد المجيد ومحمد السيد مستقبل الزمالك.. ولن نكرر نفس الخطأ    الشحات: لا أحد يستطيع التقليل من زيزو.. والسوبر كان «حياة أو موت»    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    وزير العمل يوجه بإعداد تقرير عاجل حول حادث مصنع بالمحلة    انتخابات مجلس النواب 2025.. توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام اللجان بأطفيح| صور    اليوم.. محاكمة 9 متهمين في «رشوة وزارة الصحة»    مهرجان تلال الفسطاط الشتوي يشهد حفلات لآمال ماهر وأحمد سعد.. وانطلاق الفعاليات الجمعة المقبلة    لحظة خروج جثمان إسماعيل الليثي من المستشفى استعدادًا لدفنه (فيديو)    وزير الصحة يستقبل نظيره الهندي لتبادل الخبرات في صناعة الأدوية    الصحة: الخط الساخن يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر بنسبة استجابة 100%    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حبس عاطلين لاتهامهما بسرق دراجة نارية فى طوخ بالقليوبية    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومى    ننشر كواليس لقاء وفد روسي رفيع المستوى بالرئيس السيسي    مرشح واقعة اللافتات الشهيرة بقنا على أحداث الأمس: انا لقيت عربية بطاطا قعدت أكل منها وسبت اللجنة"    هتندع.. عاجل من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد تداول فيديو.. «الداخلية» تضبط سائق «ربع نقل» سار عكس الاتجاه في الجيزة    زلزال يضرب كريت باليونان| هل شعرت مصر بالهزة؟.. البحوث الفلكية توضح    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    بتوقيع عزيز الشافعي...بهاء سلطان يشعل التحضيرات لألبومه الجديد بتعاون فني من الطراز الرفيع    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    بعد دخوله العناية المركزة.. ريم سامي تطمئن الجمهور على نجلها    نورهان عجيزة تكشف كواليس اليوم الأول للمرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025 في الإسكندرية    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    4 أسابيع من التقدم.. حظ برج الدلو اليوم 11 نوفمبر    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية النهوض باللغة العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 10 - 2011

لقد كانت المنطقة العربية‏,‏ الممتدة من المحيط الأطلسي في الغرب إلي الخليج العربي في الشرق‏,‏ مهدا لحضارة‏,‏ رائعة في الماضي‏.‏ في أوج هذه الحضارة‏.‏ أي بين القرن التاسع والحادي عشر الميلاديين‏,‏ كانت الحضارة العربية الإسلامية تقود العالم في إنتاج المعرفة, معيار التقدم الإنساني في عصرنا الحالي, وكانت اللغة العربية هي لغة العلم بلا منازع.
إلا أن اللغة العربية تواجه, إزاء النقلة النوعية الحادة لمجتمع المعرفة, تحديا مزدوجا, فقد فرضت عليها معظم التحديات التي تشترك فيها مع معظم لغات العالم الأخري, في ذات الوقت الذي تعاني فيه أزمة حادة: تنظيرا وتعجيما وتعليما وتوظيفا وتوثيقا. وقد أظهرت الإنترنت, سواء علي صعيد البحث أو البث, مدي حدة هذه الأزمة الطاحنة, التي ترسخت حتي كادت تصبح عاهة حضارية شوهاء تلطخ جبين أمتنا العربية, وهو ماحدا بتقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني بأن يخلص الي أن انتشال العربية من أزمتها الراهنة يعد شرطا أساسيا للحاق المجتمعات العربية بركب مجتمع المعرفة, ونضيف أن الإصلاح اللغوي المطلوب لابد أن يتم بأقصي سرعة ممكنة حتي لا تتسع الفجوة اللغوية التي تفصل بين العربية ولغات العالم المتقدم, وربما اعتبر هذا الشرط نوعا من التعجيز لولا قناعة راسخة بأن تكنولوجيا المعلومات, بما توفره من وسائل عديدة في المجال اللغوي, تتيح فرصا عديدة لانتشال العربية من أزمتها الراهنة.
ويحذر المفكر العراقي علي القاسمي, في كتابه القيم (اللغة العربية وخطر الانقراض,2007) من أن اللغات تضعف وتموت, وأن اللغة العربية مرشحة لهذا المصير البائس لو استمر إهمالنا لها.
يقول علماء اللسانيات إنه يوجد في الوقت الحاضر ما بين 5000 و6000 لغة, طبقا لنوعية التصنيف واحتساب اللهجات أو عدمه. وتشير الإحصائيات المتوافرة إلي أن ما بين 250 و300 لغة تنقرض سنويا بفعل سرعة التواصل والميل إلي استعمال اللغات العالمية الأكثر فاعلية. وهذا ما يسميه بعضهم بالغزو الثقافي أو اللغوي. وبعملية حسابية بسيطة, يتبين لنا أن القرن الميلادي الحالي يمكن أن يشهد اندثار حوالي ثلاثة آلاف لغة, أي نصف لغات العالم.
وقد أكدت منظمة اليونسكو ذلك فقد أسفر أحد تقارير اليونسكو الأخيرة عن أن عددا من لغات العالم مهددة بالانقراض, ومن بينها اللغة العربية وفي كتاب ألفه اللساني البريطاني ديفيد كريستال بعنوان موت اللغة صدر عن مطبعة جامعة كمبرج, يعدد تسعة شروط لموت اللغة. وجميع هذه الشروط تنطبق علي اللغة العربية في وضعها الراهن, وفي مقدمتها شرط انتشار لغة الغالب في بلاد المغلوب وحلولها محل لغته التي هي من مقومات الأمة. وهذا مبدأ معروف في علم الاجتماع أرساه ابن خلدون في المقدمة بقوله: إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده... إن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها, أسرع إليها الفناء.
لا يتوقع اللغويون ان تحل لهجات اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية محل هذه اللغات في حين يتوقعون أن تحل, في المستقبل القريب, اللهجات المصرية والعراقية والمغربية الخ. محل اللغة العربية الفصيحة التي ستنقرض كما انقرضت اللغة اللاتينية في أوروبا واستعيض عنها بلهجاتها الإيطالية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية الخ. التي صارت لغات مستقلة.
فالدول الغربية اتبعت, وتتبع دائما سياسات لغوية تفرض استخدام اللغة الفصيحة المشتركة في التعليم والإعلام والإدارة والتجارة وجميع مجالات الحياة, فيعتاد المواطنون علي سماعها وقراءتها فيتمكنون منها وتقترب لغتهم الدارجة من اللغة الفصيحة. وفي فرنسا, مثلا, يوجد قانون يعاقب من يخطيء باللغة الفرنسية في الإذاعة أو التلفزة أو المدرسة, لأنه يفسد لغة الأطفال وغيرهم.
لكن السياسات اللغوية للدول العربية تميل إلي تفضيل اللهجات العامية واللغات الأجنبية في مجالات الحياة المختلفة كالإعلام والتعليم, وتشجيع العامية في الإذاعة والتلفزة ولا تمنعها أو تقلل منها. ويري بعض الباحثين أن هذه السياسات اللغوية للدول العربية تجعل لغة الكتاب العربية الفصيحة لغة غريبة نادرة الاستعمال يصعب استيعابها, فلا يقبل المواطنون علي القراءة. وأدي ذلك, إضافة إلي أسباب أخري كانتشار الأمية, إلي انخفاض نسبة القراءة وانحسار المعرفة في المجتمعات العربية, إذ تشير الإحصائيات إلي أن معدل القراءة في إسرائيل هو 40 كتابا للفرد الواحد (طبعا باللغة العبرية, وهي لغة ميتة تحييها دولة إسرائيل) وفي معظم الدول الغربية35 كتابا للفرد, وفي بلادنا كتاب واحد لكل 80 فردا (طبعا باللغة العربية, وهي لغة حية تميتها الدول العربية).
ويحذرنا القاسمي من أن الثنائية اللغوية في بلداننا تشكل صراعا غير متكافيء بين لغة قومية تلقي من أهلها أصناف الاحتقار والإهمال والتهميش, بل والتدمير, وبين لغات عالمية وافدة, بكل سطوتها الثقافية وسلطتها الاقتصادية وهيمنتها الدولية, فتلقي هذه اللغات الأجنبية الترحيب والتعظيم في بلداننا, وثمة عوامل أخري تشجع علي بسط نفوذ هذه اللغات (الوافدة) تتهيأ بإرادة جهات مسئولة في مجتمعنا العربي.
مثلا صرح أحد اللغويين من دولة خليجية أنه عند عودته إلي منزله في المساء لايفهم أطفاله الصغار, فهم يتحدثون بإحدي اللهجات الهندية, لأن المربية هندية والخادمة هندية والسائق هندي, والإنجليزية الهندية هي السائدة في الأسواق والفنادق والمطاعم والمطارات وجل الأمكنة في البلاد, وأحيانا يضطر إلي استقدام مربية سيرلانكية بدل الهندية, فتتبلبل لغة أطفاله.
وتتجه منظمة الأمم المتحدة في نيويورك إلي إلغاء العربية من بين اللغات العالمية الرسمية في المنظمة وهي: الإنجليزية, الاسبانية, الفرنسية, الروسية, الصينية, العربية, وذلك لثلاثة أسباب: عدم استعمال ممثلي الدول العربية اللغة العربية في الأمم المتحدة, فهم يستعملون الإنجليزية أو الفرنسية, عدم وجود مترجمين عرب أكفاء يجيدون اللغة العربية. وعدم وفاء معظم الدول العربية بالتزاماتها المتعلقة بدفع نفقات استعمال العربية في المنظمة.
كما أن ضغوط الدول الكبري علي اليونسكو جعلتها تعلن مؤخرا أن الحقوق اللغوية تنحصر في ثلاثة: الحق في لغة الأم (وليس اللغة الأم) الحق في لغة التواصل في المجتمع, والحق في لغة المعرفة.
وتعني هذه الحقوق بالنسبة إلي بلداننا العربية مايأتي: لغة الأم: اللهجة العامية أو احدي اللغات الوطنية غير العربية مثل الدنكا في السودان والسريانية في سوريا, والأمازيغية في الجزائر والمغرب. لغة التواصل: اللهجة العربية الدارجة لغة المعرفة العالمية: الإنجليزية (او الفرنسية في بعض البلدان)
هذا علي حين أن بلدانا عديدة بلغت شأوا رفيعا من التقدم والرقي بفضل نشر المعرفة بلغتها القومية. فقد ذكر ان اليابان استسلمت في الحرب العالمية الثانية تحت وطأة القنابل الذرية الأمريكية, ففرض الأمريكيون شروطهم المجحفة علي اليابان المستسلمة, مثل تغيير الدستور, حل الجيش, نزع السلاح, إلخ. وقد قبلت اليابان جميع تلك الشروط باستثناء شرط واحد هو التخلي عن لغتها القومية في التعليم, فكانت اللغة اليابانية منطلقا لنهضتها العلمية والصناعية الجديدة.
وفي كوريا يتم التعليم, في مختلف مراحله ومتنوع تخصصاته, باللغة الكورية الفصيحة, مع العلم أن اللغة الكورية كانت قد منعت في المدارس الكورية وحلت محلها اليابانية أثناء الاحتلال الياباني لكوريا الذي انتهي في الحرب العالمية الثانية. وتوجد في كوريا حاليا 110 قنوات تليفزيونية كلها خاصة الا قناة حكومية واحدة وجميعها تبث بالغة الكورية الفصحي السليمة (طبقا للسياسة اللغوية للدولة وتحت مراقبتها).
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.