الشعب يعاقب الشعب! بالتأكيد لم يدرك الغالبية منا حجم المعاناة التي لحقت بالمسنين من أصحاب المعاشات جراء إضراب عمال وموظفي البريد الذين اختاروا توقيتا مؤلما بداية الشهر الحالي وعقب عيد الفطر المبارك دون إدراك لحاجة صاحب المعاش إلي دواء وغذاء وسداد ديون. لن يشعر أي منا بحجم المأساة التي يعيشها أي مسافر سواء بسيارته الخاصة أو بأي طريقة أخري حينما تتقطع به السبل خمس أو ست ساعات علي طريق قام العشرات أو المئات أو حتي الآلاف بتعطيله دون أي مبالاة بطفل أو مريض أو مصالح صعبة التأجيل, وهي جريمة يجب تطبيق حد الحرابة فيها. إضراب أطباء وممرضات أحد المستشفيات والذي تسبب في وفاة مريض رفضوا جميعا إسعافه يجب أن يفتح باب النقاش واسعا حول مدي أحقية هذه الفئة التي أدت قسم اليمين علي العمل بضمير في انتهاج مثل هذا السلوك. الاعتداءات اليومية السافرة علي المستشفيات والعاملين بها أسفرت في النهاية عن زيادة معاناة المرضي من ذوي المعتدين ناهيك عن الخسائر التي لحقت بهذه المستشفيات من جراء تدمير معدات هنا وتكسير واجهات ونوافذ هناك. السرقات التي لحقت بكابلات الكهرباء ومحولاتها وكابلات التليفونات وقضبان ومستلزمات السكك الحديدية, إضافة إلي الأعطال التي لحقت بهذه القطاعات الثلاثة كان أثرها المباشر علي المواطن صارخا بخلاف أن الأرقام تتحدث عن عشرة مليارات جنيه خسائر ثمانية أشهر. أعتقد أن كل شوارع محافظة القاهرة قد تضررت حين قطع شباب ألتراس الأهلي طريق صلاح سالم عقب مباراة كيما أسوان, كما أن منشآت محافظة الجيزة كان يمكن أن تدفع ثمنا باهظا إذا استمرت حالة الانفلات الأمني عقب الاعتداءات علي مديرية الأمن هناك. التجاوزات المستمرة علي أقسام ورجال الشرطة سوف يدفع المواطن ثمنها غاليا كلما استمر هذا الجهاز بهذا الوهن ومادام هناك مسجلون خطر وهاربون من السجون يعيثون في الأرض فسادا في ظل ظاهرة تهريب واسعة للسلاح إلي داخل البلاد وتداوله بأسعار زهيدة. تبني وسائل الإعلام المختلفة لظواهر الاعتصامات والاحتجاجات وقطع الطرق دون استنكارها أسهم بالتأكيد في تفاقمها, كما أن استجابة المسئولين لمطالب تم التعبير عنها بطرق غير مشروعة ساعد علي استمرار الوضع الراهن. أعتقد أن من حق كل تلميذ ألا يقوم للمعلم وألا يوفيه التبجيل إذا امتنع عن العمل علي الرغم من أن ذلك كان يجب أن يحدث منذ أن أصبحت الدروس الخصوصية هي القول الفصل في العملية الدراسية, وفي الحالتين فالعقاب يقع علي المجتمع بأسره. سوف يستمر عقاب الأغلبية علي صمتها بأيدي عدة مئات من أصحاب الصوت العالي الذين يطلق عليهم الآن (القوي السياسية) وذلك بفرض نظم انتخابية غير واقعية ورفض الاحتكام للشارع حتي في أهم شئونه المستقبلية. وأخيرا.. الشعب يريد العقاب أعتقد أن ذلك هو الشعار الحقيقي للمرحلة والذي رفعناه في كل الميادين والطرقات ومواقع العمل دون أن ندري بعد أن أصبحنا يعاقب بعضنا بعضا علي مدي الساعة علي اعتبار أننا مذنبون أو هكذا حكمنا علي أنفسنا. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة