محافظ أسوان يمنح موظفي المحليات والمديريات المرشحين للانتخابات إجازة    الفريق أول عبد المجيد صقر يستقبل وزير الداخلية لتقديم التهنئة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    السيسي يتوجه لبروكسل لرئاسة وفد مصر في القمة المصرية الأوروبية الأولى    وزير الاستثمار: الحكومة تركز على تعزيز مساهمة القطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي    تأجيل محتمل ل اللقاء المنتظر بين ترامب وبوتين في المجر.. تفاصيل    سجن لاسانتيه.. كيف تبدو زنزانة الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي؟    موسكو تنفي تأجيل لقاء لافروف وروبيو: "لم يتم الاتفاق عليه من الأساس"    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وإيجل نوار في دوري الأبطال    ارتفاع كبير بالقاهرة والصعيد في المنطقة الآمنة، درجات الحرارة اليوم في مصر    6 مصابين في انقلاب ميكروباص على طريق مصر-أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    القبض على شاب انتحل صفة ضابط شرطة ونصب على طالبة بالجيزة    وزير الخارجية يشكر محافظ أسوان على الدعم اللوجستي لإنجاح منتدى السلام والتنمية المستدامين    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    في فيلم "أسد"، محمد رمضان تعرض لإصابات ولم يستعن بدوبلير لمشاهد الأكشن    مخاطر تقديم الكافيين للأطفال الأقل من 12 عاما    الرعاية الصحية: تقديم 50 ألف خدمة طبية للاجئين من 60 دولة    تصريحات ذكرتنا بالحقائق    صندوق التنمية المحلية يمول 614 مشروع ب10 ملايين جنيه خلال 3 أشهر    بروتوكول تعاون بين جامعة القاهرة و «القومي للحوكمة» لدعم التنمية المستدامة    الثلاثاء 21 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    «التضامن» تعلن فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية.. غدًا    السجن 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه للمتهم بالتشهير بفتاة في قنا    أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    البنك المصري لتنمية الصادرات EBank يرعى فعاليات Export Smart 2025    إعلام غزة الحكومي: دخول 986 شاحنة مساعدات منذ بدء سريان وقف إطلاق النار من أصل 6600 واحدة    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    مصر وفرنسا تبحثان خطة إعادة إعمار القطاع الصحي في غزة    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية قصر النيل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    «مصاب بالصفراء».. إعدام عجل يزن 500 كيلو بمجزر الحبيل بالأقصر    سيمفونية وجدانية.. عمر خيرت يحيي حفلا استثنائيا في الأوبرا    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    مصطفى هريدي: لا أرفض العمل ولكن لا أحد يطلبني.. وأعيش من التجارة حاليًا    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    "تأهيل وتوعية الطلاب بدور المشروعات المتوسطة والصغيرة فى تعزيز الاقتصاد".. ندوة ب"طب بيطري بنها"    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    وزير الصحة يتابع نتائج زيارته إلى الصين لتعزيز التعاون في الصناعات الدوائية والتحول الرقمي    كيف تميز بين نزلة البرد العادية والتهاب الجيوب الأنفية؟    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة السد في دوري أبطال آسيا    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    موعد مباراة برشلونة وأولمبياكوس بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    ياسين منصور يكشف إمكانية طرح شركة الأهلي في البورصة    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخوان المسلمون بين السلفية والصوفية‏!‏

كان مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها العام الأول الأستاذ حسن البنا يعني ما قاله عندما عرف هذه الجماعة بأنها دعوة سلفية وحقيقة صوفية‏.‏ فقد قدم, في رسالة المؤتمر الخامس للجماعة, الذي عقد في فبراير 1939, تعريفا بالجماعة بعد عشر سنوات علي تأسيسها, فقال إنها: دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية.
وربما يبدو غريبا اليوم, في ظل التراشق بين جماعات سلفية وأخري صوفية, كيف يمكن الجمع بين منهج السلف وسلوك المتصوفة في إطار واحد. ولكن هذا هو ما نجح البنا في تحقيقه عبر تنقية هذا وذاك من شوائب شتي والتمسك بجوهر كل منهما عبر (العودة بالإسلام إلي معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله) ومن خلال إدراك أن (أساس الخير طهارة النفس, ونقاء القلب, والمواظبة علي العمل, والإعراض عن الخلق, والحب في الله, والارتباط علي الخير) وفق مفهومه لكل من السلفية والصوفية علي التوالي. ولم يكتشف مؤسس جماعة الإخوان أن السلفية والصوفية الصحيحتين لا تتعارضان نتيجة دراسة أجراها أو بحث قام عليه فقط, بل لأنه جمع هو شخصيا بينهما في تكوينه وثقافته وسلوكه عندما شب عن الطوق وقبل أن يؤسس جماعة الإخوان. فقد تلقي معارفه الدينية الأولي, سواء من والده الذي كان دارسا ومؤلفا للعديد من كتب الحديث, أو من معلمه في كتاب قرية المحمودية بالبحيرة الشيخ محمود زهران, علي أساس سلفي.
ولم يمنعه ذلك من الانخراط في نشاط الطريقة الصوفية المسماة إخوان الحصافية. ولكن الصوفية لم تكن بالنسبة إليه مجرد حلقات ذكر, بل وسيلة لمزيد من التقرب إلي الله ونقاء القلب والنفس والتفاني أيضا في خدمة الإنسانية.
ولذلك جمع بين المنهج الإسلامي التقليدي والارتقاء الروحي, ونهل من ذخائر المكتبة السلفية التي كان يديرها الشيخ محيي الدين الخطيب, وتردد علي الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة المنار حين انعطفت نحو المنهج السلفي, مثلما أقبل علي أدب الصوفية أشد الإقبال.
فهو لم يكن منزعجا فقط من تراجع دور الإسلام في حياة المجتمع, بل كان في حالة قلق روحي عميق أيضا. وعندما أوشك علي إنهاء دراسته في دار العلوم, كتب عن الآمال التي تراوده مقدما نصح الناس علي غيره وموضحا أن السبيل إلي ذلك هو طريق السلف الصالح علي أصوله وطريق الصوفية الحق. ولم يكن ممكنا الجمع بين الفضاءين السلفي والصوفي علي هذا النحو إلا عبر النفاذ إلي جوهر كل منهما حيث يمكن أن يلتقيا دون تعارض في إطار رؤية جامعة ومنهج متكامل جمع تيارات وأطيافا كثيرة داخل المجتمع, وجعل جماعة الإخوان قبلة لليبراليين متدينين التحقوا بها في مرحلتها الأولي بالرغم من عضويتهم في حزب الوفد.
جمع البنا بين منهج عموم أهل السنة والجماعة وسلوك الراغبين في التقرب إلي الله بعيدا عن البدع والابتداع. وكانت السلفية المصرية, وفي المشرق العربي أيضا, وسطية قبل أن تتأثر بعض مدارسها بالتقاليد الوهابية التي صارت أكثر غلوا بعد رحيل مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب. كما كانت الصوفية المصرية في قسم كبير منها لا تزال علي أصولها باعتبارها حركة احتجاج صامتة ضد التكالب علي الدنيا ونزعة إلي التعمق الروحي والسكينة والتربية الخلقية بمنأي عن االخوارق.
كان هذا هو تكوين حسن البنا الذي طبع جماعة الإخوان المسلمين بطابعه, وخصوصا في حياته حيث سعي لأن يجمع التوجهات والتقاليد الإسلامية المختلفة التي تفرقت بها السبل باعتبارها تعبيرا عن تنوع هو بالضرورة سنة من سنن الخلق والحياة. أراد أن يشق طريقا يجمع سلفية غير جامدة وصوفية غير مبتدعة, إلي جانب نزعات أخري لم تخل الجماعة منها مثل الحداثية المتدينة والجهادية المعتدلة أو العاقلة. كما أدرك أهمية تقريب المسافة مع الشيعة. فقد أراد أن يجمع لا أن يفرق, ولكن بطريقة خلاقة قامت علي التنوع والتوفيق وليس التلفيق. ولا يزال هذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه جماعة الإخوان المسلمين بالرغم من المحن التي تعرضت لها وما تركته من آثار عليها. وكان أكبر هذه المحن عندما دفعت ثمنا غاليا للخلاف الذي أدي إلي اصطدامها بقيادة ثورة 1952 وقد فرضت تلك المحنة غلوا في التوجهات انعكس في كتابات المرحوم سيد قطب, والتي كانت رد فعل علي قهر شديد دفع إلي محاولة التمترس وراء مفاهيم مثل العزلة الشعورية وجاهلية المجتمع. فقد كانت أفكاره تعبيرا عن أزمة خانقة. ولذلك ارتبطت المعالم التي وضعها للطريق بظرف استثنائي تماما, ولا يمكن اعتبارها نزوعا إلي سلفية متطرفة أو جهادية.
لم يبلور قطب منهجا مغايرا لذلك الذي أقيمت عليه جماعة الإخوان المسلمين. ولم يرتبط زملاؤه وتلاميذه بفكرة مختلفة عن تلك التي أقام حسن البنا الجماعة علي أساسها. ولذلك كان مثيرا للاستغراب ادعاء أن القطبيين هيمنوا علي الجماعة في السنوات الأخيرة. وكان هذا الادعاء, الذي فنده كاتب السطور في مقالته بصحيفة الحياة في 14 مارس 2010 تحت عنوان الإخوان بين قطب والبنا: هل يوجد قطبيون الآن؟, جزءا من الذخيرة الفاسدة التي استخدمت في تصعيد الهجوم علي الإخوان حينئذ والذي بلغ ذروته مع مسلسل الجماعة في رمضان قبل الماضي.
والأرجح أنه لو كان قطب أفلت من الإعدام وعاش عقدا آخر لأعاد النظر في كتابه معالم في الطريق, وربما نسخه بكتاب آخر لا يختلف كثيرا في مضمونه عما جاء في كتاب المرشد العام الثاني حسن الهضيبي دعاة لا قضاة والذي يعبر عن وسطية منهج الإخوان. فهذا المنهج هو الأكثر قدرة الآن علي تجسير الفجوة العميقة التي باتت تفصل بين السلفية والصوفية, فضلا عن مد الجسور مع الاتجاهات الليبرالية الوطنية لمواجهة أعباء تركة ثقيلة تشتد الحاجة إلي التعاون في حملها سعيا للعبور إلي مستقبل تستحقه مصر وشعبها.
المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.