محافظ أسيوط: حصاد 103 آلاف فدان قمح وتوريد 63 ألف طن للشون والصوامع حتى الآن    محافظ قنا يتابع سير العمل بمزرعة النخيل والصوبات الزراعية    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    النائب محمد الرشيدي: تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باجتياح رفح ستسفر عن نتائج كارثية    عزت الرشق: أي عملية عسكرية في رفح ستضع المفاوضات في مهب الريح    كريم شحاتة يتقدم باستقالته من منصبه مع فريق البنك الأهلي    نجم ميلان يحسم موقفه من الانتقال للدوري السعودي    محافظ مطروح يشهد فعاليات النسخة الأخيرة لبرنامج شباب المحافظات الحدودية    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    بالصور.. تهشم سيارة مطرب المهرجانات عصام صاصا في حادث اصطدام شاب ووفاته أعلى دائري المنيب    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يعود مرة أخرى للارتفاع ويحقق مليون و500 ألف    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    التعليم تعلن تعليمات عقد الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني الثانوي    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    ماكرون يطالب نتنياهو بعدم اقتحام رفح الفلسطينية وإدخال المساعدات إلى غزة    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين بكفر الشيخ    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    قصف روسي على أوكرانيا يتسبب في انقطاع الكهرباء عن سومي وخاركيف    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليد خيري حارس حدائق المحبين:
الكتابة .. فن مستباح
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 04 - 2015

لفت وليد خيري الأنظار بمجرد ظهوره بمجموعته القصصية "تجاوزت المقهي دون أن يراك أحدهم" كتابة طازجة ربما كان الوسط يحتاجها وقتها، فتم استقبال صاحبها بانتباه استحقه. لكنه اختفي فجأة لنحو ثماني سنوات، دون أي أسباب واضحة، ليظهر مجددا برواية "حارس حديقة المحبين" التي يستكمل فيها ما بدأه في مجموعته الأولي. بالطزاجة نفسها التي لم يفقدها بعد، سرد خفيف يكاد يطير من خفته حسب وصف الناشر (العين) ليشكل شخوصا غير اعتيادية تماما: حارس الحديقة، موظف طرة الأسمنت، ربة البيت المهذبة، البرنس، شاعر قصيدة النثر، الفرنسية الشقراء، سلطان العاشقين، الولد النزق، حارسة حمام النساء وغيرها من الشخوص التي لا يمكن أن يضمها مكان واحد سوي تلك المساحة من الشبق السردي الجموح.
وراء الغياب الطويل قصة لا تخلو من الدراما، مرحلة يسميها "المرحلة الكومباوندية " بدأت بانتقاله للعيش في "كومباوند" مغلق. هناك اعتزل الكتابة، وتفرغ فقط لممارسة دور الأب الصالح، يصف تلك المرحلة فيقول:"كنت أشعر أن الكتابة تحرضني علي التمرد .. حتي إن هناك بعض الكتب كنت أتجنب قراءتها في تلك المرحلة حتي لا تحرضني علي التمرد علي تمجيد قيم العائلة ..منها الشعر بالتأكيد .. لكن فيرس الكتابة كان يلتهم جسدي دون أن اشعر ..كان يتغلغل إلي روحي من جديد بعد أن خلت أني شفيت فجاءني في شكل دمل صغير ظل يزاملني حتي خرج في شكل رواية حارس حديقة المحبين".
بدأ كتابة الرواية مع بداية 2014 وأنهاها قرب نهاية العام ذاته، وحتي ينجز الرواية في هذا الوقت الضيق لجأ للطريقة المحفوظية "لأول مرة في حياتي اكتب بشكل يومي صباحي منتظم حتي صرت موظفا عند حارس حديقة المحبين .. وكنت من قبل اسخر من تلك الطريقة في الكتابة واعتبر ذلك مهاترة لكن بعد هذه التجربة تغيرت كل أفكاري نحو عادات الكتابة".
ورغم سخونة الأحداث السياسية خلال السنوات الأربع الماضية التي سبقت كتابته للرواية لم يتنازل وليد عن موضوعه ولم يتطرق لأي من الأحداث الجارية علي طول الرواية، والأمر لا يبدو عفويا كما فهمت، فهو منذ مجموعته القصصية الأولي "تجاوزت المقهي دون أن يراك أحدهم" وحتي "حارس حديقة المحبين" مصمم علي تجاوز الأحداث الجارية "لأني أراها تصلح فقط لنشرات الأخبار .. ربما أكون مخطئا في تصوري لكني لا زالت أتحاشي الحدث الآني وأعمل علي الفعل الجواني، لكني بالتأكيد لم أتجاوز ظلالها الكثيفة".
البنية الفنية لحارس حديقة المحبين مختلفة. يتخللها كثير من معلومات العلمية في سياق كل فصل تقريبا،أطلق عليها المؤلف "شجرة المعرفة". ليس كما في أعمال الروائي صنع الله إبراهيم علي سبيل المثال بل وضعها كمعلومات جافة أحيانا ضمن المتن الروائي، وليد كان ضد وضع هذه المعلومات في هوامش لأن ذلك لا يتفق مع ما تصنعه بنا المعرفة كما يقول "المعرفة تصنع سلوكا لا أستطيع تهميشه". لكن بعضها في نظري- كان طويلا عطل السياق الروائي كفصل الاحتجاج العاري، هنا فضل وليد أن يحمل حارس الحديقة المسئولية كاملة يقول:"هذه الرواية شيدت صروحها بنفسها .. لم أعمد إلي بنية معينة قبل البدء .. كان كل مدماك في الكتابة يفرض وجوده وقالبه ..أنا لم أكن سوي بناء يرص القالب تلو الآخر حيث غاب المهندس المعماري الذي يضع التصورات القبلية ولم يبقي سوي ذلك البناء". المعلومات العلمية الغزيرة داخل الرواية دفعته ليقدمها في معرض الكتاب باعتبارها "رواية معرفية" سألته عما يقصده فقال إنه يسعي لتدشين المصطلح لأنه يعتقد بشكل أو بآخر أن هناك أنصبة كبيرة في جسد الرواية القادمة للمعرفة "شئنا أم أبينا المعرفة سيل منهمر لا نستطيع لأن نوقفه لكن ليس بذلك الحس التسجيلي الذي فعله صنع الله إبراهيم في بعض رواياته".
درس وليد الفلسفة والآن يكتب السيناريو ولكلاهما أثر واضح في كتاباته "دراستي للفلسفة جعلتني أري الأشياء من وجهة نظر مختلفة وجعلت السؤال هو المبتدأ والخبر عندي في كل شئ .. أو بعبارة شبه اكلشيه: في البدء كان السؤال. أما السيناريو فأثره في كتابتي الروائية واضح ..المشهدية عندي هي أساس الصورة ..أنا صانع صور بالكلمات".
من يتابع كتابات وليد حتي علي صفحات التواصل الاجتماعي سيلحظ أن له تعليقات كثيرة حول موضوعات العلاقات الإنسانية والعاطفية منها بالتحديد، تماما كبطل روايته حارسا لحدائق المحبين، وربما تأثرا بدراسته للفلسفة يجيب علي ملحوظتي ولاينفي تركيزه علي العلاقات العاطفية، لأنها حسب رؤيته جوهر علاقتنا بالله والكون والمرأة والأبناء وحتي الأصدقاء، حتي علاقته الشخصية مع الكتابة علاقة عاطفية بالأساس "الكتابة عندي مثل ست حلوة ومعاندة .. امرأة جميلة تعرض نفسها علي كل ليلة وتقول هيت لك فإذا ما استملحتها آتيها في فعل الكتابة..يا رجل أنا أري بيني وبين بعض الكتب قصص غرام"!
الحديث حول هذا الموضوع جرنا لتناوله للجنس في كتاباته يقول مباشرة:"الجنس عندي في الكتابة كما الجنس في الحياة .. فكما أن الجنس أحد مكونات الحياة فهو أحد مكونات الكتابة ..الجنس من وجهة نظري أحد أشكال الفنون فلنسمه الفن الثامن مثلا هو يتجاور جنبا إلي جنب مع الموسيقي والفن التشكيلي".
وسيلته لتحقيق هذا كله هي اللغة وهي في الرواية فصيحة أحيانا عامية أحيانا ومن القرآن في كثير من الأحيان..يبدو وليد كما لو كان يلعب بأداة متمكن منها، هي ساحته كما يقول، يلعب بها كما يلعب العازف بآلته والرسام بريشته، أما عن خلطه أو مزجه بين الفصيح والعامي فيقول: "ذلك مرده إلي محاولة حثيثة مني لخلق لغتي الخاصة، وبالمناسبة هناك ألفاظ كثيرة يحسبها البعض عامية لكن إذا بحثت عنها تجد لها أصل فصيح .. أنا اختار هذه المفردات .. محاولا صنع مقاربة، وتأثري بالقرآن شي طبيعي لسببين أولا بطل روايتي حارس حديقة المحبين وهو السارد الأكبر للرواية يحفظ القرآن فطبيعي أن تتأثر لغة السرد، ثانيا أنني أري انه من الواجب لأي كاتب يتصدي للإبداع بالعربية أن يهضم النص القرآني .. هو مرجع أساسي ورئيسي لأي كاتب بلغة الضاد".
في مراهقته كانت تعجبه بعض التراكيب الأدبية فقرر أن يصنع منها قاموسا أو معجما للمفردات ذات الحس الأدبي، وكان لنجيب محفوظ بالطبع النصيب الأكبر في هذا المعجم، حيث كانت تأسره لغته بشكل مبهر حتي إنه لازال حتي الآن يحفظ جمل البدايات عنده في بعض الروايات مثل "ميرامار" و"السمان والخريف".
"الغريب أن الكتابة أصبحت فنا مستباحا" يقول. وأسأله التوضيح فيوضح: بمعني أن كل فن من الفنون يلزم صاحبه بإجادة أدواته حتي يتم صكه فنانا معترفا به .. هل رأيت عازف لا يجيد العزف علي آلته ويعتبر نفسه عازفا ماهرا .. هل رأيت فنانا لا يعرف يرسم .. مستحيل .. الكتابة تجد فيها البعض يعدون أنفسهم كتابا ولا يستطيعون التعامل مع اللغة".
يقول وليد علي لسان بطل الرواية واصفاً الوسط الثقافي"ينتقدون كل شيء ولا يعجبهم العجب، إذا نجح فيلم نجاحا جماهيريا قالوا عنه: فيلم خفيف، وإذا ما حققت رواية مبيعات كثيرة وعملت best seller كما يقولون يصمونها بكلمة واحدة قائلين: ده مش أدب ده pop art ..يتحدث في الفصل نفسه عن السبكي وعلاء الاسواني..الخ إلي أي درجة تختلف تلك الرؤية عن رؤية كاتب الرواية نفسه أسأله ويقول: أري أن ثمة تواطئ خفي وغير معلن بين بعض الكتاب وبعض القراء بأن يمنح كلا منهما لقبا .. القارئ الخفيف يمنح الكاتب الخفيف لقب كاتب والعكس الكاتب الخفيف يمنح القارئ الخفيف لقب قارئ، لكن في مرحلة تالية ربما يتحول القارئ الخفيف إلي قارئ "تقيل" ويتجاوز الكاتب الخفيف الذي بالتأكيد سيظل خفيفا .. لذلك أري أن هذه الظاهرة جيدة في صالح القراءة وليست في صالح الكتابة.
بشكل عام يري وليد أن كتاب البيست سيلر يسدون خدمة عظيمة للقراءة فهم بالتأكيد يصنعون عتبة أولي لقراء كانوا يخافون أن "يهوبوا" ناحية الكتاب "لهم مني جزيل الشكر، غير ذلك يلتزموا الصمت خاصة إذا كانوا عاجزين عن صياغة جملة جمالية وحيدة في رواية تتجاوز الثلاثمائة صفحة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.