للفنانة هند عبد الله الأشعل كنت جالسا في احتفالية العدد 1000 من جريدة أخبار الأدب، أستمع لكلمة الكاتب السيد يس، التي أعجبتني وأثلجت صدري للأمانة، وفيما كان يتكلم ذكر تلك الوظيفة التي صار يعمل بها أغلبية من يظهرون علي شاشات الإعلام ونري صورهم في صحفنا المصرية.. إنها وظيفة «الناشط السياسي»، أيعلم أحد منكم ماذا تعني هذه الوظيفة؟ وكيف يصبح المواطن ناشطا سياسيا؟ أنا وحتي هذه اللحظة لم أجد إجابة علي هذه الأسئلة، ولكني أحاول أن أفهم وأستوعب مضمون هذه المهنة الجديدة والمستحدثة والتي انتشر ظهورها بعد ثورة 25 يناير. كل من يتكلم عن السياسة وحقوق الإنسان الآن صار ناشطا سياسيا، له آراؤه وتحليلاته للأمور، أنا هنا لا أقلل من شأن أحد ممن يتكلمون عن السياسية، ولكني أتساءل، هل كل من تكلم عن السياسة أصبح رجل دولة ورجلا سياسيا؟ وهل يحق له الخوض في أعمق التفاصيل التي قد يكون سمع عنها مصادفة من برامج التلفاز أو من الصحف المختلفة؟ ان كثرة هذا اللغط السياسي الذي نعيش فيه الآن أدي بنا إلي مرحلة ليست بجيدة، فالناس بعد أن تشاهد السيد الناشط السياسي علي إحدي المحطات الفضائية وهو يحلل الأمر من وجهة نظره ويذهب بهم لنقاط بعيدة تصل في بعض الأحيان إلي حد الخيال، فتجد من يشاهد هذا البرنامج مرتبكا يكاد أن يصدق هذا الكلام، بل وينشره بين معارفه ليشاركوه التفكير، ومن هنا تبدأ الإشاعات في الانتشار، وتبدأ وسائل التواصل الاجتماعي بنشر هذا الكلام الذي لا صحة ولاسند له، ويتساءل الناس ويسألون بعضهم بعضا، وكل ذلك بسبب أن السيد الناشط السياسي يشرح لنا وجهة نظره في أمر سياسي ما قد يكون سئل عنه مصادفة... ونعود نتساءل من أين تأتي الإشاعات والاخبار الكاذبة والأمر واضح وضوح الشمس في نهار الصيف، أما آن لوسائل الاعلام أن تتحري الدقة فيما تنشر وتكتب لنتلافي وجود هذا التخبط المجتمعي الذي نراه تقريبا كل يوم؟ أنا لا أقول هنا أن ليس من حق كل مواطن أن يتحدث عن الأمور السياسية، ولكني أطالب بأن يتحدث بصفته «مواطنا مصريا» يعبر عن وجهة نظره الشخصية، لا كناشط سياسي يحلل السياسات ويضع الخطط. كل منا عليه أن يعلم أن هذا الوطن صار ملكا للجميع.. لكل المصريين، وأن يراعي ان الكلمة التي تخرج من فم كل واحد فينا صار لها ألف حساب الآن، بل إن الكلمة الواحدة التي تخرج قد يترتب علي إثرها إشعال فتن قد تهز أركان البلاد... فلأجل من هذا؟...