في مثل هذه الأيام ودعت مصر القارئ الشيخ محمود علي البنا 17 ديسمبر 1926 - 20 يوليو 1985 الذي كان قامة كبيرة في دولة التلاوة القرآنية وعلما من أعلام قرائها، وبرغم مرور أكثر من ثلاثين عاما علي رحيله فإنه لا يزال يحظي بجماهيرية غفيرة ونجومية تألق بها في مصر والدول العربية والإسلامية. وفي ذكري رحيله يروي لنا نجله رجل الأعمال والقارئ الشيخ أحمد البنا كيف كانت اللحظات الأخيرة من حياة أبيه الشيخ.. وما هي الوصية التي اختصه والده بها دون إخوته.. يقول الشيخ أحمد البنا: »اكتسب والدي الشيخ الشهير بقربه من الله وحفظه للقرآن شفافية لروحه جعلته يستشعر قرب الموت قبل رحيله بأسابيع قليلة لدرجة أنه كان يسارع ببناء مسجده ومدفنه في زمن قياسي ببلدته شبراباص كأنه كان يسابق الأيام قبل أن يباغته الموت.. وكان يطيب لأبي الشيخ أن يقترب من المساحة المخصصة لمدفنه قبل إتمامه أسفل مسجده، لدرجة جعلته يطلق علي مدفنه »بيت المستقبل»، وصدق حدس الشيخ واقترب منه الموت، ومرت الأسابيع القليلة الباقية من حياته بين الإسراع في إتمام مسجده ومدفنه والترتيب لرحيله حتي اقتربت ساعة الرحيل، فطلب مني أن أتلو عليه سورة يس.. وإذا به يوصيني أن أكمل مسيرته وأحمل مسئولية التلاوة من بعده وأكون خلفا له، وأوصاني أن أدير في جنازته شريطا مسجلا بصوته ليشيع نفسه بالقرآن.. وما أن انتهي أبي الشيخ من وصيته حتي أصبح يتعجل الساعات الباقية من حياته أن تمضي مسرعة لتقربه من موعد لقائه مع ربه الذي كان في يوليو 1985م ليرحل تاركا وراءه تراثا عظيما.