كيف ولدت الثورة من خلف جدران برلين؟ كيف اتفق كل هؤلاء علي موعد ليكسر كل منهم جداره؟ ثورة بموعد ، هذه اول المفاجآت ، لم يصدقها الثوار ، ولا صدقها جيش الدفاع عن النظام. الجسارة وحدها ، كسرت غرور جيش حبيب العادلي ، وكسرت جبروت اسلحته و قاذفات دخانه الحارق ،وغطرسة بلطجيته ، و رصاص قناصته الحي ، جيش تحطمت اسطورته علي يد مدنيين عزل ، لم يجدوا غير اجسادهم بعد اغلاق النظام لكل هوامش المناورة ، في التغيير ، لم يعد سوي تحويل الفكرة الي قوة مادية عبر اجساد عارية و اياد مرفوعة بطاقتها علي تحريك الهواء باللعنات . انها ثورة المدينة علي نفسها.شباب الطبقة الوسطي ، قاد اكتشاف المصريين لشعب آخر يعيش تحت ركام جمهوريات الخوف والفساد . المارد بكامل رقته ينتفض من تحت الرماد الثقيل ، بنداء من عالم افتراضي ، تمرد علي الخطابات الجوفاء ، و المرارات الفاقعة ، و التوافقات المخزية ، تنظيم افتراضي حول من صفحات الشبكة الاجتماعي ميدانا للحرية ، تفككت البلاغة الخشبية ، وانتشرت ثقافة حرية ، لا تعترف بحواجز الاقصاء وكمائن التخوين ، و فذلكات الهزيمة الدائمة. المدينة في تعددها ، رجال و نساء ، محجبات و عصريات ، ملتحون و مسيحيون ، ملتزمون بالعبادات و متمردون علي القيم المحافظة ، نساء تدخن و رجال يهتفون بالدعاء ، لم يعدالدين مجرد ساتر ، و تعويذ ، اقترب من لاهوت تحرير ، والعلمانية لا تتحسس مسدسها كلما رأت جموع المصلين ، قبول وقتي ربما ، لكنه شكل الجسم الذي لا يمكن للذاكرة ان تنساه ، جسم اكتشف اجساد غيبها القهر ، السياسي و الاجتمعي ، بهذه الاجساد دفعت مصر فاتورة ...عبورها الي المستقبل. ثورة المدينة بعد سنوات ترييف ، وعسكرة، صنعت جمهورية ابوية ، تقدس الرئيس و تعتبره ابا فوق النقد ، البطريرك يصعد القصر و يبقي للابد في حماية طقوس عبادته ، " ..ليس من قيمنا ان نخرج الاب بهذه الطريقة.." قالت اجهزة الدعاية السوداء محرضة علي الابناء الضالين . الثورة علي البطريرك ، و الجنرال معا ، مهمة صعبة ، كادت الثورة ان تستبدل ابوة الرئيس ، بابوة افتراضية للجيش، انقذها اذن الوجود في الميدان ، الذي كان ميدان و جبهة وساحة العمليات ، هنا لا مجال سوي الانتصار و التشبث بالموقع ، والجيش طرف ، اجبر علي التحييد في الساعات الاولي ، بعد تحذيرات من الشعب بالخيانة ، وذوبان الجيش في قلب الحياة المدنية ، تحولات لم تجعل الجيش ابا بديلا ، لكنها جعلته شاهد تحول و شريك معتمد حسم المعركة لصالح الثورة. شريك تحرر من سطوة الرئيس ، و ادي التحية لشهداء مدنيين ، ضحية نظام الاب القاتل ، وبينهم شهيدات لاول مرة ، انها ثورة المدينة.