أثارت مناقشات قانون الانتخابات البرلمانية بمجلس الشورى الجدل حول وضع المستثنين من أداء الخدمة العسكرية وأحقيتهم فى الترشح، خاصة مع الملاحظات التى أوردتها المحكمة الدستورية العليا، ولفهم آلية الترشح وعلاقتها بالخدمة، يتطلب معرفة الأصل القانونى لكل المواد الخاصة بالتجنيد. تنص المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية على: " تُفرض الخدمة العسكرية على كل مصرى من الذكور أتم الثامنة عشرة من عمره، وتُفرض الخدمة الوطنية على من أتم الثامنة عشرة من الذكور والإناث وذلك كله وفقاً للأحكام المقررة من هذا القانون"، وتنص المادة السادسة بند رابعاً على أنه: "يُستثنى من تطبيق المادة الأولى الفئات التى يصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار وزير الدفاع طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة". ومن المادتين يتضح أن الاستثناء هنا بمثابة إعفاء نهائى من أداء الخدمة طبقاً للقانون ولسبب لا يرجع إلى المرشح، أمام المادة 6 من القانون رقم 127 لسنة 1980 من الفئات المستثناة أيضاً طلبة الكليات العسكرية وكليات الشرطة وغيرهم، وضباط الجيش والشرطة يتم قبول ترشيحهم بعد الاستقالة أو بلوغ سن المعاش، بل وقد أعفتهم اللجنة العليا للانتخابات فى قرارها لفتح باب الترشيح من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها لأنهم مستثنون. الموقف التجنيدى لأى مواطن ينحصر فى 3 صور 1- أدى الخدمة. 2- أُعفى منها (وينقسم إلى إعفاء نهائى أو مؤقت). 3- متهرب من الخدمة. والمستثنى من الخدمة العسكرية والوطنية طبقاً لأحكام القانون هو بلا شك لم يؤد الخدمة ولم يتهرب منها، لأنه تقدم بنفسه إلى التجنيد فصدر قرار وزير الدفاع باستثنائه طبقاً لأحكام القانون 127 / 1980مادة 6 بند 4، وإذا لم يكن من أصحاب الصورة الأولى ولا الثالثة فهو قطعاً من أصحاب الصورة الثانية. ولذلك فمن الخطأ الخلط بين المتهرب من التجنيد الصادر بحقه القرار التفسيرى للمحكمة الدستورية العليا الصادر فى الطلب رقم 1 لسنة 24 ق تفسير – الجريدة الرسمية العدد 36 (تابع) بتاريخ 4/9/2003 ص 3 وما بعدها، وبين الشخص الذى قام بواجبه ولبى نداء الوطن فصدر قرار وزير الدفاع باستثنائه من الخدمة وفقاً للأحكام المقررة من هذا القانون. التخلف عن التجنيد قررت لجان فحص طلبات المرشحين للانتخابات البرلمانية 2011 قبول المتخلفين عن التجنيد بشرط حصولهم على أحكام قضائية برد الاعتبار تأسيساً على أن رد الاعتبار قضائياً أو قانونياً يمحو الحكم القاضى بالإدانة ويزيل كل ما ترتب عليه من آثار سابقة وأهمها عودة حق الشخص فى مباشرة الحقوق المدنية والسياسية والنيابية طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية، والمواد 1 & 16 & 17 من القانون العسكرى رقم 2 لسنة 1969. ومن بين الذين قبلت اللجان أوراقهم عبد الله تمام ومحمد سلمان حسن فى أسيوط وصبرى عبد الصبور فى الإسكندرية وممدوح سعد فى الأقصر. وقد طالب العديد من المتخلفين عن التجنيد بمساواتهم بأبناء سيناء ومطروح الذين صدر قرار من المشير طنطاوى بإعفاء من تجاوز الثلاثين منهم من أداء الخدمة العسكرية وعدم اعتبارهم متهربين وإعطاءهم شهادات بذلك. ويفرق بعض فقهاء القانون بين ثلاث حالات: الأولى: الهارب من الخدمة. الثانية: المتخلف عن التجنيد. الثالثة: المتهرب من التجنيد. أما الأول فهو الشخص الذى التحق فعلاً بالخدمة ولو ليوم واحد ثم هرب وتمت محاكمته وبعد قضاء العقوبة تم رفده وحصل على شهادة تأدية الخدمة بتقدير (ردىء) يرتفع إلى (جيد) بعد مرور عام. وهذا يعد رد اعتبار ويمكنه الترشح للبرلمان. أما الثانى فهو الشخص الذى يمتنع عن تقديم نفسه لمنطقة التجنيد التابع لها من سن 18 : 45 دون زيادة يوم واحد، وهو الأمر الذى يترتب عليه عدم تجنيده فى حالة السلم وإمكان تجنيده فى حالة الحرب أو الطوارئ أو التعبئة بقرار من رئيس الجمهورية، وبالتالى يخضع لحكم المادة 36 من قانون الخدمة العسكرية. وغالب الفقه يخرجه من نطاق التهرب تأسيساً على كونه لم يتجاوز سن التجنيد كلياً فيعتبر تحت الطلب، أما عن حقه فى الترشح للانتخابات البرلمانية فهو محل خلاف. أما الثالث فهو الذى تهرب من التجنيد حتى تجاوز 45 سنة ولو بيوم واحد، وهو السن الذى يستحيل تجنيده فيه، وهذا لا يحق له الترشيح قولاً واحداً. طعن هام سنة 2012 الطعن رقم 2134 لسنة 58 ق إدارية عليا بتاريخ 21/1/2012 حيث تخلف المدعى عن التجنيد حتى أتم سن الامتناع عن التجنيد وقيدت ضده القضية رقم 722 لسنة 2003 جنح ع قنا وصدر حكم بتغريمه ألفى جنيه مع الإيقاف، فتم استبعاده من كشوف المرشحين على سند عدم أدائه الخدمة العسكرية والذى لا غنى عن توافره فى المرشح. تقول المحكمة: وقد استقر قضاء هذه المحكمة على وجوب توافر هذا الشرط فى المرشح، وأن التهرب من أداء الخدمة العسكرية حتى تجاوز سن التجنيد لا يعتبر بمثابة الإعفاء القانونى من أدائها. بيد أن هذا القضاء منوط إعماله بأن يكون التهرب عن أداء الخدمة العسكرية راجعا إلى محض إرادة المكلف. أما إذا كانت الحيلولة بينه وبين أداء هذا الواجب المقدس مرجعه إلى قوة قاهرة قعدت به عن ذلك فإنه لا يسوغ عقلا ومنطقا اعتباره متهربا وحرمانه من حق دستورى كفله له الدستور كحق الترشيح فى الحالة موضوع الطعن الماثل. ولما كان ذلك وكان عدم أداء الطاعن الخدمة العسكرية الإلزامية هو اعتقاله عام 1992، ومن ثم فإن عدم أدائه الخدمة العسكرية يكون لسبب خارج عن إرادته وهو الاعتقال والذى يعد بمثابة القوة القاهرة التى حالت بينه وبين أداء هذا الواجب المقدس. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.