سعر الذهب اليوم فى بداية التعاملات الصباحية وعيار 21 الآن الاثنين 13 مايو 2024    4 شهداء بينهم طفلة في قصف للاحتلال على منزل شرقي رفح الفلسطينية    المقاومة الفلسطينية تخوض اشتباكات ضارية مع الاحتلال شرق رفح    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضان إندونيسيا إلى 37 شخصا واستمرار البحث عن 17 مفقودا    عاجل.. يوفنتوس يعود لمنافسات دوري أبطال أوروبا    صباحك أوروبي.. عرض جنوني من ليفربول.. مستقبل جرينوود.. ورحيل كاسيميرو    في حفل مهيب.. سان جيرمان يحتفي بالدوري الفرنسي    في الذروة الصباحية.. تفاصيل الحالة المرورية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    التعليم: امتحانات الثانوية العامة ستكون خالية من الأخطاء الفنية    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق شب في كافية بشبين القناطر    إصابة 10 أشخاص في تصادم ربع نقل بأخرى ميكروباص في المنيا    غدا.. «الصوت الذهبي» يعلن نتائج نسخته السابعة في حفل بدار الأوبرا    تنطلق اليوم.. 9 أفلام مجانية بقصر السينما ضمن برنامج مايو    كيف أصرت «الوالدة باشا» على بناء مسجد الرفاعي؟ اعرف القصة | صور    تعرف علي حكم قراءة الجنب للقرآن الكريم ومس المصحف    أسباب وحلول لأرق الحمل: نصائح من الخبير لنوم هانئ    "عملات معدنية وحصى".. طبيب عماني يكشف عن أشياء صادمة يأكلها الأطفال في غزة    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في الأسواق.. كم سعر السمك البلطي؟    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 13 مايو    أخبار مصر: فرص عمل بالسعودية، حقيقة زواج ياسمين صبري، كاف يقرر تعديل موعد أمم إفريقيا، عرض 16 سيارة للبيع في مزاد علني، ماذا يأكل أطفال غزة؟    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    الرئيس الليتواني: إقالة شويجو إشارة موجهة إلى الشعب الروسي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 مايو    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الإثنين 13 مايو.. توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية    مناقشة آليات تطبيق رسوم النظافة بمنظومة التخلص الآمن من المخلفات بالإسماعيلية    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    اليوم| محاكمة متهمي قضية اللجان النوعية    مؤلفة مسلسل «مليحة»: استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطينيين    صابر الرباعي: أتطلع لمواكبة الأجيال الحديثة.. والنجاح لا يعتمد على الترند    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: طلاب المدارس الفنية محجوزين للعمل قبل التخرج    الشوالي يحذر الترجي من نجمين في الأهلي قبل مباراة نهائي أبطال أفريقيا    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    بعد الخطاب الناري.. اتحاد الكرة يكشف سبب أزمة الأهلي مع حسام حسن    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    استثمار الذكاء الاصطناعي.. تحول العالم نحو المستقبل    بسبب سرقة الكابلات النحاسية، تعطل حركة القطارات في برشلونة    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجندة تليفونات الرئيس!
صفحتها الأولى تضم أسماء: عمر سليمان وفتحى سرور وزكريا عزمى.. ووظائفها تبدأ بالحصول على المعلومات بعيدا عن التقارير الرسمية وتنتهى بالتهنئة وتمرير طلبات غير رسمية
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 04 - 2009


هل يحب المصريون الكلام فى التليفونات؟
طبعا
من أين يأتيك هذا اليقين؟
الإحصائيات الرسمية تؤكد أن أهل مصر ينفقون 40 مليون جنيه يوميا على المكالمات الهاتفية، ويمكننى أن أمنحك دليلا أقوى من الإحصائيات السابقة على أهمية المكالمات التليفونية فى حياة مصر كلها، وليس المصريين فقط وقبل أن تسألنى إزاى؟!.. أقولك أنا.
يكفى أن نحصى معا عدد الاتصالات الهاتفية التى يجريها الرئيس مبارك بنفسه مع رموز الإعلام وبعض رجال المعارضة والشخصيات العامة فى مصر، ويكفيك أيضا أن تتابع نتائج هذه الاتصالات الهاتفية لتدرك أن الإنجاز الذى تحققه المكالمة الرئاسية قصيرة المدة يفوق كثيرا وبمراحل الإنجاز الناتج عن اجتماع موسع لمجلس الوزراء، ولك فيما حدث مع التلميذة آلاء والمستشار المنزلاوى ونقابة المحامين ونقابة الصحفيين خير دليل، فهل يعنى ذلك أن يستغنى الرئيس عن كل وزير بعامل «تليفونست» توفيرا لنفقات الوزراء ومشاكلهم؟
قارن بين عدد الساعات والأيام التى قضاها وزير التعليم فى البحث والتحليل لقضية التلميذة آلاء التى كتبت موضوع تعبير سياسى، وحرمها أستاذ جاهل من درجة النجاح خوفا على نفسه لاحبا فى القيادة السياسية التى انتقدتها الطفلة الصغيرة بإدراك فطرى وعاطفى، وظل وزير التربية والتعليم حائرا فى كيفية التعامل مع القضية بصحبة رئيس الوزراء، حتى جاءت مكالمة هاتفية رئاسية لم تستمر أكثر من دقيقة لتنهى الموضوع وتنتصر لتلميذة مدرسة شربين، ولغيرها من ملايين الطلبة كانوا معرضين لنفس المصير، لو كانت الحماسة التى أصابت آلاء قد أصابت بعضهم، وقارن أيضا بين الأيام التى ظل فيها المستشار المنزلاوى يصارع الموت والمرض والإهانة من وزير العدل الذى رفض تقديم الدعم الكافى لعلاجه، ووصل عناده فى ذلك أن جموع القضاة كانت تستغيثه لإنقاذ روح الرجل حتى ولو على سبيل الصداقة أو الشفقة ومع ذلك ظل المنزلاوى حبيس المرض والإهانة حتى جاء تليفون الرئيس مبارك، وفى ثوان معدودة بقرار علاج المنزلاوى على نفقة الدولة ليحل المشكلة ويحول صلابة قرار وزير العدل بالرفض إلى قرار موافقة كله سهولة وليونة، وبما أن الرئيس مبارك أعلى قيادة فى الدولة يعتمد الهاتف كوسيلة رسمية من ضمن وسائل التواصل مع شعبه ومشاكل شعبه يمكنك وأنت مغمض أن تبصم بالعشرة على أهمية المكالمات الهاتفية فى حياة المصريين ومستقبل مصر بشكل عام، خاصة لو كانت المكالمات الهاتفية تنتمى إلى النوع الذى اعتاد الرئيس مبارك أن يجريها فى السنوات الماضية.
مكالمات الرئيس الهاتفية المفاجئة لبعض الشخصيات العامة أثارت دهشة الجميع وحيرتهم أيضا خاصة مع تكرارها، مما دفع البعض للتعامل معها على أنها مجرد «شو» رئاسى يبحث به الرئيس عن مكانة فى الشارع بعد سنوات من البعاد مع الناس، بينما اعتبرها البعض نصائح غربية ضمن خطة لتحسين صورة الرئيس، ونظر إليها آخرون على أنها وسيلة للتواصل مع حقيقة ما يحدث فى البلد، دون انتظار ما تأتى به التقارير أو ما تجود به نميمة الرجال المقربين من السلطة، وهى مثلها مثل مئات الوسائل التى يسعى من خلالها الرئيس أى رئيس- للاحتكاك المباشر بما يحدث فى الشارع بعيدا عن أى مؤثرات ذات مصلحة أو آراء ملوثة برغبة عكس رغبة الناس.
التفسير الأخير لمسألة مكالمات الرئيس مبارك الهاتفية قد يبدو أقرب للواقع خاصة أن نتائج اتصالات الرئيس المختلفة جاءت فى شكل حلول واضحة لمشاكل مؤرقة، بما يعنى أنها مكالمات بعيدة عن دائرة الاستعراض الإعلامى، ولكن هذا التفسير يدفعنا لسؤال أكثر خطورة يقول: هل يعتمد الرئيس - أى رئيس- على المؤسسات التابعة له والجهات التى تعمل فى خدمته حسب ما ينص القانون والدستور؟ هل يأخذ منها المشورة وهو واثق، ويسير خططه بناء على ما تضعه تلك المؤسسات والجهات على مكتبه من أوراق وتوصيات؟ هل يترك أذنه فريسة سهلة لألسنة المسئولين عن تلك المؤسسات أو المقربين منه؟ أم أن صفحات كتب التاريخ التى قرأ ما بين سطورها من تفاصيل تحدث بين الحاكم أى حاكم وحاشيته كلها صراع ومعارك تضليل تنتهى غالبا بالإطاحة برأس أحد الطرفين، أو اكتفاء الرئيس برأس واحدة ككبش فداء يضمن له سيطرة كاملة فيما بعد، على طريقة اقطع رأس تنحنى لك بقية الرؤوس خوفا وخضوعا، وهل المؤسسات والجهات المنوط بها تشكيل قرار الرئيس عبر تقاريرها ونميمة كبار المسئولين عنها فى ساعة فضفضة صادقة فعلا فى أداء واجبها لصالح الوطن أم أن طبع حاشية السلطان يغلب تطبعها ويدفعها بالفطرة إلى تزوير ما قد يصل للرئيس، بحيث يأتى القرار النهائى على هوى الحاشية لا على هوى الرئيس؟
الأسئلة السابقة بلا إجابة منذ فجر التاريخ، وهى إحدى المناطق الشائكة فى العلاقة بين الحاشية والسلطان، بين الرئيس ورجال الرئيس، ولهذا كان طبيعيا أن يبحث كل رئيس عن وسيلة يقفز بها فوق تقارير رجاله الرسمية لمعرفة الحقيقة، أو التدقيق فى رقم أو رأى يثير فى قلبه قليلا من الشك والريبة،فى الماضى كان الحاكم أو الولى يتنكر ويسير بين الناس، أو يجعل من ذوى الثقة بصاصين ينقلون له نبض الشارع، أما فى العصر الحديث فهناك وسائل مختلفة اختار منها الرئيس مبارك المكالمات الهاتفية ليحقق من خلفها هذا الغرض وأغراضا أخرى تخدم استمرار وجوده فى السلطة، ومن قبله فعل عبد الناصر وفعل السادات، فهل يعنى ذلك أن لكل رئيس أجندة تليفون بها من أرقام الهواتف ما يعينه على تحقيق أهدافه؟
أجندة التليفونات موجودة ربما ليس بالشكل التقليدى الذى اعتدنا وجودها عليه فى منازلنا، ولكنها موجودة تمثل مصدرا مهما للمعلومات والتواصل لا يمكن لأى رئيس الاستغناء عنه، فمن المؤكد أن تليفون عبد الناصر كان يحفظ رقم تليفون محمد حسنين هيكل ويطلبه تلقائيا، إما للبحث عن معلومة أو مشورة، مثلما كان تليفون أنور السادات يحفظه أيضا فى السنوات الأولى لحكمه بحثا عن نصيحة، أو تمريرا لمعلومة مثل المكالمة التى نقلها هيكل فى كتابه «خريف الغضب» والتى دارت بينه وبين السادات أثناء مفاوضات اتفاقية السلام بعد أن قال إسماعيل فهمى لهيكل إن هناك هجومًا شديدًا على الاتفاقية وإن السادات يطلب من هيكل أن يتولى الرد على هذا الهجوم، وجاء نصها كالتالى:
السادات: أيوه يا محمد.. إسماعيل جالك؟
هيكل: مازال عندى
السادات: أنا مش عايز حد يدافع عنى أنا أقدر أدافع عن نفسى.. لكن مصر بتتهاجم يا محمد وعايزك تدافع عنها.
هيكل: بالأمس كنت فى فندق فلسطين، وقابلت بالصدفة جوزيف سيسكو (الذى شغل مناصب عدة من بينها منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا.. تولى توجيه السياسة الخارجية الأمريكية أثناء حرب أكتوبر تشرين أول عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين، والمفاوضات المصرية الإسرائيلية فى عام ألف وتسعمائة وأربعةٍ وسبعين) وتناقشت معه فيما قرأته فى «هيرالد تريبيون» عن البنود السرية.. وسيسكو قال إنها موجودة.. وإسماعيل فهمى نفاها.
السادات: مفيش حاجات سرية.
هيكل: لكنى قرأت عنها فى «التريبيون».
السادات: محمد.. هل ستصدقنى أم ستصدق «التريبيون»؟
هيكل: أصدقك أنت.. لكن الحقيقة أنا محتار.
السادات: بلاش بلبلة.. هاتكتب ولاّ مش هاتكتب؟! أنا باسأل سؤال واضح ومش عايز فيه بلبلة.. هاتكتب.. ولاّ مش هاتكتب؟!
هيكل.. لا.. مش هاكتب.
السادات: إن شا الله عنك ما كتبت.
بالتأكيد لن تجد ألطف من مكالمات الرئيس السادات الهاتفية، خاصة مع هيكل نظرا لخفة دم السادات وتلقائيته، ونظرا لحالة الندية التى كانت واضحة بين الطرفين، والتى انتهت بأن شطب السادات تليفون هيكل من أجندة تليفوناته ووضع بدلا منها تليفونات أحمد بهاء الدين وعبد الستار طويلة وموسى صبرى وغيرهم، ويكفى أن تقرأ كتاب أحمد بهاء الدين «محاوراتى مع السادات» لترى كيف استخدم السادات أجندة تليفوناته لتحقيق أهداف سريعة وغير متعبة.
أجندة تليفونات الرئيس مبارك تختلف كثيرا عن أجندة تليفونات الرئيس السادات، تضم أرقاما تمنح معلومات وقصصا أكثر مما تمنح المشورة، ويستخدم الرئيس مبارك بعض أرقامها لضرب أكثر من عصفور بمكالمة هاتفية واحدة، فالمكالمات التليفونية للرئيس مبارك لها وظائف محددة وواضحة يمكن حصرها فى الآتى:
- تحصل على معلومات من بين الكلام أو بالطلب المباشر وغالبا ما تأتى مكالمات هذا النوع فى أوقات الأزمات مثلما حدث فى أزمة نقابة الصحفيين مع قانون الحبس، وجاءت مكالمات الرئيس مبارك لنقيب الصحفيين وقتها جلال عارف لتبحث عن معلومات حول مشاكل الصحفيين من المصدر لتنتهى بمكالمة تحمل وعدا رئاسيا بعدم حبس أى صحفى لم يترجم إلى قانون حتى الآن، أو مثلما حدث أثناء أزمة قانون المحاماة الجديد وما صاحبه من اعتراضات لتأتى مكالمة الرئيس مع الدكتور فتحى سرور لتنهى الأزمة بقرار فورى، طبعا يمكن أن تضع المزيد من المكالمات التى لم يعلن عنها على تلك القائمة.
- مكالمات إنسانية.. وهى أكثر المكالمات المعلن عنها لمبارك وربما كانت أخراها المكالمة التى تلقتها المذيعة منى الحسينى الأسبوع قبل الماضى وأثنى فيها الرئيس على برنامجها، ومن قبلها مكالمة الرئيس للشاعر عبد الرحمن الأبنودى أثناء علاجه فى فرنسا العام الماضى، ومكالمته مع الراحل أحمد زكى أثناء مرضه، أو مكالمات التهنئة التى داوم الرئيس على القيام بها لتشجيع نجوم المنتخب الوطنى ومديرهم الفنى حسن شحاتة.
- مكالمات لتوصيل رسائل معينة، ربما يكون أشهرها تلك المكالمة التى مارس من خلالها الرئيس مبارك هوايته فى تحقيق الأهداف عبر الهاتف، ولكن هذه المرة كان الاتصال للشعب المصرى عامة حينما أطل عليهم باتصال هاتفى من ألمانيا أثناء تلقيه العلاج فى يونيو 2004 عبر برنامج «صباح الخير يا مصر» وقال فى مكالمته: إننى أشكر إخواننا المواطنين المهتمين بصحتى وأقول لهم إننى أخضع حاليًا لعلاج يومى وأقوم بالتدريبات المطلوبة والأطباء هنا ممتازون جدًا.. وهذا سيستغرق بعض الوقت ولكنه ليس بالوقت الطويل.
إننى أدير الشغل من هنا إلى حد ما.. وليس كل الشغل.. الحكومة شغالة.. وإذا كان هناك احتياج لشىء، فإننى أتحدث معهم وليس هناك مشكلة من هذه الناحية بتاتا، كأنى واخد إجازة أسبوع يعنى الواحد لازم يستريح شويه، فرصة الواحد يستجم فيها وإن شاء الله بمجرد انتهاء العلاج سواء بالعلاج الطبيعى أو من غير العلاج الطبيعى نرجع ونكمل مشوارنا بإذن الله فى القاهرة.
عقب انتهاء المكالمة كان واضحا أنها أتت بثمارها ونجحت فى صد طوفان الشائعات المتتابعة عن تدهور صحة الرئيس، وفى نفس الوقت خلقت أرضية إنسانية مع مواطنين كانوا قد بدأوا فى الشعور بأن بينهم وبين الرئيس ألف سور.
- الرئيس جعل للمكالمات الهاتفية وظيفة أخرى لا تقل أهمية عن الوظائف السابقة، حينما استخدمها كبديل للتعامل مع الجانب الإسرائيلى بدلا من اللقاءات الرسمية المتكررة التى يعلم تماما أنها تخصم من رصيده الشعبى كثيرا، واستخدمها أيضا كوسيلة للتواصل مع إيران كبديل للقاءات رسمية لا يريدها، وكان عاديا أن تسمع اتصالا هاتفيا بين الرئيس مبارك والرئيس أحمدى نجاد، ينقذ الرئيس من لقاء قد تفهمه إيران أنه تنازل من مصر عن موقفها ضد طهران.
الذين نالهم من مكالمات الرئيس نصيب أكدوا أن أجندة تليفونات الرئيس خلقت لتؤدى هذه الوظائف السابقة وإن كانوا قد أكدوا كثيرا أن الرئيس مبارك لا يكتفى ولا يقتنع بما يصله من تقارير عن الأحوال العامة، طبقا لما قالته المذيعة منى الحسينى للزميلة سهام الباشا فى اتصال هاتفى قالت فيه إن مكالمة الرئيس لها هى الثانية خلال عام واحد، الثانية كانت عقب انتهاء حلقتها مع وزير الإسكان أحمد المغربى، والأولى عقب حوار مع منتصر الزيات، منى الحسينى شددت على اهتمام الرئيس بمتابعة البرنامج، ولم تنس أن تشير إلى أن اتصال الرئيس بها يعنى أنه لا يفرق بين الإعلاميين، خاصة أن برنامجها ينتمى لتيار الإعلام المعارض، ولم يمنع ذلك الرئيس من الإشادة به، مؤكدة أن حديثها التليفونى مع الرئيس كشف لها أنه لا يعتمد على التقارير الرسمية فى تقييم الأمور، لأنه ناقشها فى كثير من النقاط التى وردت فى الحلقة أو التى تخص موضوعات مطروحة على الساحة.
الكاتب الصحفى وائل الإبراشى كان واحدا ممن وجد رقم هاتفهم مكانا له فى أجندة الرئيس مبارك، كشف للزميلة سهام الباشا فى اتصال هاتفى عن اسم المسئول الأول عن أجندة الرئيس مبارك الهاتفية، حيث قال لها إنه فوجئ عقب انتهاء حلقة برنامج «الحقيقة» الذى تناول خلالها قصة أم مسيحية تبحث عن ابنتيها ماريان وكريستين باتصال على هاتفه المحمول من شخص اسمه «أبوالوفا» قال الإبراشى إنه المسئول عن اتصالات الرئيس بالشخصيات العامة، يطلب منه أن يجد تليفونا أرضيا ويجلس بجواره لأن الرئيس يريد الاتصال به فورا، الإبراشى تخيل أن هناك من يريد أن يسخر منه، خاصة أنه فى ذلك الوقت كان رئيس تحرير صوت الأمة المعارضة للنظام، غير أن صوت الرئيس جاءه عبر الهاتف ليخبره أنه ليس ضد مناقشة مثل هذه القضايا، لأن الشفافية تضع الأمور فى حجمها الطبيعى لتقضى على الشائعات.
وقال الإبراشى إن الرئيس نقل له تعاطفه مع الأم المسيحية وأصدر أوامره لوزارة الداخلية بمتاعبة الحالات المتشابهة والتعامل مع هذه القضايا بشفافية، وهذا يعنى أن الرئيس لا يكتفى فقط بالتقارير الرسمية التى تصل إليه، ولم ينه وائل الإبراشى حديثه مع الزميلة سهام الباشا إلا بمفاجأة أخرى، حينما أكد أن اتصال الرئيس كشف له حجم النفاق الموجود فى الدوائر السياسية المصرية حيث فوجئ بالعديد من المسئولين والوزراء يتصلون به فى سابقة لم تكن تحدث من قبل ليشرحوا له دورهم فى حل تلك الأزمة.
مكالمة الرئيس مع وائل الإبراشى تنتمى إلى هذا النوع من المكالمات التى يضرب بها الرئيس أكثر من عصفور واحد، الأول أن الاتصال كان بصحفى يرأس تحرير جريدة معارضة «صوت الأمة» لم تكن صفحتها الأولى تخلو فى كل عدد من مانشيت صارخ ينتقد الرئيس مبارك ويعارض عملية التوريث، على حد قول الإبراشى الذى اندهش مثل الآخرين من اتصال الرئيس، ثانيا كان الاتصال مصدرا للمعلومات حصل عليها الرئيس وبناء عليه أعطى أوامر مباشرة لوزارة الداخلية بضرورة حل أزمة السيدة القبطية، أما الثالثة أنه نجح من خلال قراره السابق أن يكسب تعاطف الشعب القبطى فى وقت كانت موجة اتهامات أقباط المهجر تعلو وتتهم مصر باضطهاد الأقباط فى الداخل.
غير أن نفس المكالمة تكشف العديد من العيوب لتلك الاتصالات الهاتفية من حيث ترسيخها مبدأ القرار الفردى لمبارك، فكل المكالمات الهاتفية للرئيس انتهت بقرار فردى قفز فوق المسار الطبيعى للأحداث وجعل من مكالمة الرئيس التليفونية قانونا أهم من قوانين الدولة والدساتير مثلما حدث فى أزمة قانون المحاماة الجديد، وقانون حبس الصحفيين، وصرف بدل الصحفيين، وحل أزمة كادر المعلمين، صحيح أن ما انتهت إليه المكالمات يصب فى مصلحة الناس، ولكنه فى نفس الوقت يكرس لفكرة أن كلمة الرئيس أعلى من كلمة القانون، ويجعل من مصير الوطن بأكمله فى يد شخص واحد فقط.
الأمر الثانى أن الهاتف الرئاسى لا يرن إلا فى الأوقات الحرجة، فى تلك اللحظة التى تصبح فيها العجلات الأمامية للسيارة على حافة الجرف، فجأة يأتى صوت الرئيس عبر سماعة الهاتف، فتعود السيارة للخلف ويتم إنقاذ ركابها مثلما حدث مع آلاء، والقاضى المنزلاوى والزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور، حينما بقى العفو الرئاسى معلقا لآخر لحظة، بشكل يضع الرئيس فى صورة المنقذ الوحيد، رغم أنه مسئول بشكل مباشر عما تصل إليه الأمور بصفته على رأس تركيبة الدولة بشقيها التشريعى والتنفيذى.
هذا بالإضافة إلى أن البعض يعتبر مكالمات الرئيس سنارة ذكية لاصطياد المعارضين وتحييدهم بمكالمة هاتفية، يأتى ردهم عليها فى غاية اللطف والنعومة فى الوقت الذى ينتظر فيه أهل الشارع ردودا تنتمى لنوع أقسى حتى ولو كانت مخالفة للذوق العام، الذى يحتم على المتصل به أن يكون ودودا مع المتصل حتى ولو كان عدوه.
بالطبع لا يمكن أن ننساق خلف أصحاب فكرة أن الرئيس بدأ يستخدم الاتصالات الهاتفية كبديل لرجال لم يعد يثق بهم أو فيهم، لأنه من المؤكد أن الصفحة الأولى لأجندة السيد الرئيس الهاتفية تضم أصحاب الأرقام التى يفتح معها الرئيس خطوطا ساخنة، مثل الوزير عمر سليمان الذى يحمل بين يديه أخطر الملفات المصرية بداية من الأمن القومى حتى الملف الأخطر، الذى يضم بين غلافيه كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلى الفلسطينى، أما فيما يخص الداخل المصرى، فمن الواضح أن الدكتور فتحى سرور كان هو همزة الوصل فى الكثير من القضايا التى عالجها الرئيس تليفونيا، وبالطبع لا يمكن أن تنتهى الصفحة دون أن يكون رقم هاتف الدكتور زكريا عزمى مدونا على أحد سطورها.
ربما تكون هناك أسماء أخرى لأصدقاء أو مستشارين لم يألف الإعلام أسماءهم أو وجوههم، وربما لا توجد سوى الأسماء التى ذكرناها وربما يحظى أى مواطن مصرى بسماع صوت الرئيس ذات مرة بعد عدد غير محدود من الدعوات دفعه لتكرارها، تلك الحالة من الاهتمام والحظ التى يحصل عليها من يسمع صوت الرئيس عبر أسلاك الهاتف، وربما تفاجئنا الأيام أو الرئيس نفسه بمفاجآت عن مكالمات هاتفية جرى فيها ما لا يتوقعه أحد.
كيف يتكلم الرئيس فى التليفون؟
العلاقة تختلف بين المواطن الأمريكى والرئيس الأمريكى عن العلاقة بين المواطن المصرى والرئيس المصرى، المواطن الأمريكى يعلم تماما أن الرئيس الأمريكى مواطن «زيه زيه» يدخل البيت الأبيض بأصوات الجماهير ويخرج منه بأصوات الجماهير برضه، أما المواطن المصرى فهو ينظر للوزير على أنه من كوكب تانى، وللرئيس على أنه مخلوق غير بشرى يأكل مما لا نأكل منه، ويفكر كما لا نفكر.. لا تستعجب لأن غياب الديمقراطية قد يصنع فى ذهن البنى آدم تصورات أبشع من ذلك، والمواطن المصرى لن يفلح فى فرض رغبته على الحاكم، قبل أن يقتنع بأن الحاكم هو فى الأصل مواطن مصرى «زيه زيه».. ومساهمة منا فى تدعيم تلك الصورة لابد أن يمتنع المواطن المصرى عن الاندهاش كلما اتصل الرئيس تليفونيا بأحد، لأن هذا واجب الرئيس ووظيفته وليس منحة ولا تفضلا، وثانيا ننقل لكم نص مكالمة تليفونية دارت بين الرئيس وابنه عقب تعرض الرئيس مبارك لمحاولة الاغتيال فى أديس أبابا نشره الكاتب عادل حمودة فى كتابه «لعبة السلطة فى مصر».
كان علاء مبارك قد طلب من والده أن يتصل به عند وصوله إلى أديس أبابا.. واتصل الرئيس به من الطائرة.
- حمد لله على سلامتك يا بابا.
- ضحك الرئيس قائلاً: أنا راجع.
- راجع إزاى؟
- يا بنى كانت هناك محاولة فاشلة للاعتداء علىّ..الحمد لله.
- ألف سلامة يا بابا.
- يا علاء.. اتصل بوالدتك تليفونيا قبل أن تذيع شبكات التليفزيون الخبر فتنزعج.. قل لها الحمد لله مافيش حاجة خالص.
ماذا لو كان الرئيس فى الإسماعيلية وقتها؟!
فى أغسطس 2008 كان من الممكن أن تعيش مصر فى كارثة لو فكر الرئيس وقتها أن يستجم قليلا فى استراحته الموجود بالإسماعيلية، لأنه وببساطة كان سيكتشف أن أيدى اللصوص امتدت لتعبث بالأشياء القريبة منه، وكان سيكتشف أنه ممنوع من الحديث من التليفون الأرضى الذى يحب أن يتكلم من خلاله مثلما طلب مدير مكتبه من وائل الإبراشى حينما أراد الرئيس الاتصال به، لأن كابل التليفونات الخاص الذى يغذى استراحته تمت سرقته رغم أن طوله يبلغ 2 كيلو متر حسب ما نشرته الصحف اليومية وقتها الغريب أن أحد أصحاب الفنادق الذى تضرروا من سرقة الكابل هو الذى اكتشف الأمر وحرر محضرا فى قسم شرطة أول الإسماعيلية، ومع ذلك لم تحل المشكلة حتى جاءه اتصال هاتفى من مدير العلاقات العامة فى المحافظة، على تليفونه المحمول، يلومه لأن السفارة الأمريكية تحاول الاتصال به منذ ثلاثة أيام ولا يرد، فأخبره بما حدث للكابل وما نتج عنه من انقطاع لكل شبكات التليفونات والإنترنت، فوعده بحل المشكلة فى القريب العاجل.. لكنه وكالعادة، لم يفعل شيئاً، فأرسل صاحب الفندق شكوى إلى مكتب المحافظ، وأخيرا استجابوا، وتم تركيب كابل جديد والمفاجأة أنه فى اليوم نفسه، وبعد مرور بضع ساعات، تم سرقة الكابل مرة أخرى.. فهل حدث هذا لأن الرئيس أصبح يذهب لشرم الشيخ ولم يعد يذهب للإسماعيلية؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.