قالت مؤسسة التراث الأمريكية، إن استجابة إدارة الرئيس باراك أوباما على الاضطرابات السياسية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار العامين الماضيين، كانت ضعيفة ومترددة. ويرى العديد من المراقبين، الذين على دراية بأوضاع المنطقة، أن الإدارة الأمريكية فقدت فرصة لكسب النفوذ والتأييد من الشارع العربى، بفشلها فى تقديم المزيد من الدعم القوى للمتظاهرين المدنيين الساعين لتحقيق الحقوق السياسية والتمثيل لجميع المواطنين. ويؤكد المركز البحثى البارز حاجة إدارة أوباما لوضع استراتيجية تحفظ كلا من الضغط على الإرهاب العالمى وتروض الإسلاميين الساعين لملئ الفراغ السياسى المتروك فى أعقاب الانتفاضات العربية، لذا فإن صناع القرار الأمريكى بحاجة إلى تطوير سبل للرد بفعالية على النفوذ المتنامى للأحزاب الإسلامية فى جميع أنحاء العام الإسلامى بما فى ذلك الإخوان المسلمين فى مصر، وحزب العدالة والتنمية فى المغرب، والجماعة الإسلامية فى باكستان. ويرى المركز أن التحدى الأكثر إلحاحا للمصالح الأمريكية، يكمن فى صعود الإخوان المسلمين السريع إلى السلطة فى مصر فى أعقاب سقوط مبارك، وأشار إل طلب حكومة الرئيس محمد مرسى من الولاياتالمتحدة إطلاق سراح مخطط تفجيرات مركز التجارة العالمى عام 1993 الشيخ عمر عبد الرحمن. ويقول إن مثل هذا الطلب الجرئ هو مؤشر واضح على أن الإسلاميين يشعرون بأهميتهم وقوتهم، فحتى الإرهابيون الذين على علاقة بالقاعدة، الذين قاموا باحتجاز رهائن أمريكية فى الجزائر قبل أسبوعين، طالبوا بالإفراج عن الشيخ الضرير وعافية صديقى، الباكستانية المتورطة فى تهم تتعلق بالإرهاب. ولخص جيم فيليبس، المحلل بمؤسسة التراث، المخاطر التى تواجهها الولاياتالمتحدة فى ظل صعود الإسلاميين، قائلا: "بينما قدمت الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية الفرصة لازدهار الديمقراطية، فإنها طرحت أيضا فرصا لطيف واسع من الأحزاب الإسلامية لتحقيق أجنداتها غير الديمقراطية". وأضاف فيليبس: "المتمردون الإسلاميون والمنظمات الإرهابية باتوا فى وضع جيد لتوسيع نفوذهم وسط حالة عدم الاستقرار السياسى التى ظهرت فى العديد من البلدان، فلقد أصبح الشرق الأوسط بيئة استراتيجية أكثر عداء، حيث بات الأمن الإقليمى والمصالح القومية الأمريكية والقيم الغربية محل هجوم متزايد، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تتفاعل مع هذا من خلال اللامبالاة". ومن ثم يشدد التقرير على حاجة الولاياتالمتحدة إلى تنفيذ إستراتيجية لمكافحة الإسلاميين الذين قد لا يتغاضون عن الإرهاب علنا، لكن يسعوا نحو تخريب الأنظمة الديمقراطية ويتبعون أيديولوجية تقود إلى التمييز ضد الأقليات الدينية، وهذه الاستراتيجية ينبغى أن تنطوى على تعزيز مبادئ الديمقراطية ومفاهيم الحرية الفردية وكذلك تقديم الدعم لبناء المؤسسات الديمقراطية القوية مثل القضاء المستقل والإعلام الحر والبرلمان الفعال. ويمكن للولايات المتحدة أيضا بناء الدعم من أجل الحرية الدينية من خلال الانخراط على نحو استباقى مع جماعات مسلمة وقادة المجتمع المدنى الذين ينظرون إلى دينهم بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية وفهم الأهمية الأساسية لحرية التعبير والممارسة الدينية. وبنفس قدر أهمية الإصلاح السياسى لابد من تعزيز الحرية الاقتصادية. حيث الحاجة لتعزيز الأسواق الحرة وتوفير فرص تجارية أوسع وتدفقات استثمارية وتنشيط القطاع الخاص وخلق فرص العمل وتحسين الأداء العام لهذه الاقتصاديات، ويمكن للولايات المتحدة تسهيل هذه العملية من خلال توفير الدعم التقنى والخبرات التى تشجع روح المبادرة المحلية وفرص التعليم وحماية حقوق الملكية. ويخلص التقرير إلى أن مفهوم تعزيز المثل الديمقراطية والمؤسسات فى بلدان أخرى يشكل قاعدة السياسة الخارجية المتجذرة فى تاريخ الولاياتالمتحدة، ويستعين بقول ماثيو سبالدينج، المحلل بالمركز ذاته، أن المبادئ المؤسسية الأمريكية تجبرها أن تكون مدافعا عن الحرية فى العالم وتعزيز الحرية فى الخارج. وسيلقى السناتور الجمهورى راند بول، كلمة الأربعاء، أمام مؤسسة التراث، يطرح فيها عددا من الأفكار الخاصة بشأن استعادة الرؤية المؤسسية للسياسة الخارجية، يركز من خلالها على الكيفية التى يجب أن تتعامل بها الولاياتالمتحدة مع صعود حركات الإسلام السياسى. ويشير التقرير إلى أن كلمة بول قد تقطع شوطا طويلا فى مساعدة واشنطن على الاستجابة بشكل مناسب للتهديدات الدولية الجديدة التى يواجهها الأمريكيون، لاسيما إذا شرح بالتفصيل كيف يمكن للمبادئ الأساسية الأمريكية أن تعمل كقاعدة للاستراتيجية الأمريكية فى معالجة المد المتصاعد للإسلام السياسى.