اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أن استمرار اعتقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد للأطباء العرب وعضو مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمين"، والذي وصفته بأنه يمثل الأصوات المعتدلة في المطالبة بالإصلاح، لهو دليل قاس على أن فرض سيادة القانون في مصر والعالم العربي يخضع لأهواء أنظمتها الاستبدادية، بالرغم من رغبة الشعوب العربية الجارفة في الإصلاح وتوسيع المشاركة السياسية. وفي تحليل بعنوان "الإسلاميون ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي"، قال جون ايسبوسيتو أستاذ الشئون الدينية والدولية والمدير المؤسس لمركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون إن مصداقية مصر في إصلاحات انتخابية تضررت كثيرا بسبب المضايقات الحكومية، واعتقال وحبس منتقديها سواء من العلمانيين أو الدينيين، في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي. وأضاف أن التهديدات الناجمة عن الإرهاب العالمي وفرت ذريعة كبيرة بالنسبة للحكام المسلمين "المستبدين"، وبعض صانعي السياسة الغربيين للتراجع عن دعم وتعزيز الديمقراطية في تلك البلدان، وكذا الحد من سيطرة المجتمع المدني وحقوق المنظمات غير الحكومية. إذ يحذر الحكام من أن تعزيز العملية الديمقراطية يمكن أن تؤدى إلى زيادة تغلغل الإسلاميين إلى مراكز السلطة، ومن ثم تهديد الاستقرار والأمن، فضلا عن تهديد المصالح الغربية ذاتها، وقد ساهمت الحكومات الغربية، بدافع من مصالحها الذاتية في الحصول على النفط والمواقع الاستراتيجية الهامة في تفاقم تلك المشكلة، من خلال الاستمرار في تقديم الدعم، وبالتالي إطالة أعمار تلك الأنظمة الاستبدادية الصديقة، بحسب التقرير. لكنه مع ذلك، أكد أنه "يجب على صناع القرار في الغرب أن يتعلموا التفكير بطريقة إستراتجية أكثر وأن تميز بوضوح بين الإسلاميين المعتدلين – الذين لا يعتنقون العنف وسيلة لهم - وبين الإرهابيين". ونصح الكاتب أيضا باتباع الطرق الدبلوماسية من خلال المشاركة والحوار مع الإسلاميين المعتدلين و شركائهم من العرب والمسلمين، ووضع استراتيجية عسكرية للقبض على "الإرهابيين" واحتواء التطرف. فالأحزاب الإسلامية وكما أكد هي جزء لا يتجزأ من السياسة والمجتمعات المسلمة، وأنها ليست ببعيدة، وضرب مثلا بالجزائر وتونس والمغرب ومصر ولبنان وتركيا والأردن والكويت والبحرين وباكستان وماليزيا وإندونيسيا، حيث قال إن المرشحين ذات المنهج الإسلامي، والأحزاب السياسية اختاروا الاقتراع وليس الرصاص طريقا للإصلاح، وأنهم فازوا بالمقاعد البرلمانية والبلدية، وكذا تقلدوا مناصب وزارية ومناصب رفيعة مثل رئيس وزراء تركيا والعراق، ورئيسة إندونيسيا. وأشار إلى الانتخابات في السنوات الأخيرة في كل من باكستان، وتركيا، والبحرين، والمغرب، وكذلك في فلسطين، العراق، الكويت، المملكة العربية السعودية، ومصر، حيث شهدت استمرار صعود الإسلام في السياسة الإسلامية في القرن 21. وحسب التقرير، فإن التحديات القوية التي تواجهنا اليوم تتمثل في كيفية أن نميز بين التيار الرئيسي وجماعات المتطرفين، العلمانية والدينية، والعمل مع الإسلاميين المنتخبين بطريقة ديمقراطية، لافتا إلى ما تقوله الإدارات الأمريكية والعديد من الحكومات الأوروبية مرارا بأنها تميز بين التيارات المعتدلة والجماعات المتطرفة، ومع ذلك، ففي أغلب الأحيان لا تميز. واتهم الكاتب الحكام "المستبدين" في الجزائر، وتونس، ومصر، وغيرها من المناطق الرئيسية بأنهم يرهبون ويقمعون الجماعات الإسلامية ويزورون نجاحهم في الانتخابات، معترفا في الوقت ذاته أن هناك تحديا معقدا يواجه تلك الدول الغربية في الاتصال ب "حماس" و"حزب الله" فكلاهما تم انتخابه كباقي الأحزاب السياسية، وله قاعدة شعبية، وفي نفس الوقت فهي حركات مقاومة قاتلت الاحتلال الإسرائيلي، بينما تصفهم إسرائيل والولاياتالمتحدة وأوروبا، بأنهم منظمات إرهابية. وقال إن الولاياتالمتحدة وأوروبا بحاجة للتعامل مع المسئولين المنتخبين ديمقراطيا- من "حماس"، و"حزب الله" -، في الوقت نفسه تدين بشدة أي عمل من أعمال "الإرهاب" عن طريق ميليشياتها، كما يجب أن تميز بوضوح بين المقاومة المشروعة، وبين الهجمات على المدنيين. وطالب في الوقت ذاته الولاياتالمتحدة أن تدين الهجمات "الإسرائيلية" على المدنيين، مثل العملية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة "الرصاص المسكوب"، والاعتداء على لبنان في عام 2006. ويشير إلى أن الإرث الذي تركة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في العالمين العربي والإسلامي خلّف فجوة كبيرة، وقلل من مصداقية واشنطن فيما أعلنته من هدف لها في نشر الديمقراطية في تلك الدول. فبحسب ما ينقل عن استطلاع للرأي أجراه معهد "جالوب" فإن الأغلبية في 35 دولة إسلامية لا يعتقدون أن الولاياتالمتحدة كانت جادة في إقامة نظم ديمقراطية في المنطقة، وضرب أمثلة على ذلك بأن 24% فقط من مصر والأردن، و16% فقط في تركيا وافقت على أن الولاياتالمتحدة كانت جادة في إقامة نظم ديمقراطية. وأضاف "يجب على الحكومات الأمريكية والأوروبية التي تدعو إلى حق تقرير المصير والديمقراطية أن تبرهن على ذلك من خلال بياناتها وسياستها التي تحترم حق جميع الحركات والأحزاب السياسية والدينية فضلا عن العلمانية، للمشاركة في العملية السياسية، وأن لا تستجيب لتخريب العملية الانتخابية في الجزائر وتونس ومصر و باكستان". وأردف مؤكدا "يجب أيضا عليها الاعتراف بحكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا في غزة وأن لا تحاول إدارة وتحديد عملية التحول الديمقراطي في عراق ما بعد صدام، وأنه يجب أن تتجنب أمريكا عملية الكيل بمكيالين على وجه الخصوص، لأنها متهمة بشكل واضحة أنها تكيل بمكيالين". وطالب الكاتب باحترام ودعم العملية الديمقراطية وحقوق الإنسان لاستعادة مصداقيتها لنشر الديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي، وأكد أن تعزيز وتطوير منظمات المجتمع المدني، ودعم حقوق الإنسان، ودعم وتطوير المؤسسات المدنية يشكل التحدي الكبير الذي يواجه الولاياتالمتحدة مع الحكومات العربية والإسلامية، لأنه يظهر مدى التزامها بالتحرر السياسي والتحول الديمقراطي لتلك الدول. وطالب بأن تقوم السياسات الأمريكية بالتمييز بين المنظمات، (علمانية كانت أو إسلامية)، التي تهدد الحرية والاستقرار في المجتمع، وتلك التي هي على استعداد للمشاركة في عملية التغيير التدريجي من داخل النظام. وأشار إلى أن الاختبار الحقيقي لكل من الحكومة والمعارضة الإصلاحية سيكون على أساس استيعاب مبادئ وقيم الديمقراطية، بالإضافة إلى أي مدى ستكون سياساتها وإجراءاتها عاكسة لقبول التنوع في الرأي، ومبادئ الحريات الديمقراطية الأساسية، وتعدد الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك تقديرا لمفهوم "المعارضة الحليفة" بدلا من النظر إليها على أنها تهديدا للنظام السياسي.