هل سقطت الهيئة الوطنية للانتخابات في اختبار الشفافية؟    «بولار هيدرو» الإنجليزية تنشئ مصنعًا لتدوير المخلفات باستثمارات 2.4 مليار دولار    وزير الاستثمار يعلن اعتماد «إعلان القاهرة للتجارة»    وزير الخارجية: مصر ترفض الإجراءات الإثيوبية الأحادية بشأن سد النهضة    فنزويلا.. الأمة التي ترفض الركوع!    الفراعنة الأغلى، القيمة التسويقية لمنتخبي مصر والكويت قبل مباراتهما بكأس العرب    عاطل وربة منزل، إحالة عصابة المخدرات بالشرابية للجنايات    بعد جريمة التحرش بالأطفال في المدارسة الدولية، علاء مبارك يوجه رسالة قوية للآباء    وزير الثقافة يلتقي محافظ البحر الأحمر لبحث آليات تعزيز العمل    الكشف على 155 طفلا في قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة الحرية    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    محافظ المنوفية يتفقد الموقف التنفيذي لعدد من مشروعات الخطة الاستثمارية لعام 2026/2025    الكرملين: لقاء بوتين وويتكوف خطوة مهمة نحو الحل السلمي للصراع في أوكرانيا    تريزيجيه قبل مواجهة الكويت: كأس العرب فرصة لإظهار قوة منتخب مصر    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    تشكيل برشلونة المتوقع أمام أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني    سلوت يكشف موعد انضمام صلاح إلى منتخب مصر للمشاركة في كأس الأمم    غير صحيح.. جامعة حلوان تكشف حقيقة تعيين سامح حسين أستاذ جامعي    وزير الكهرباء يبحث خطة تعظيم عوائد الخامات الأرضيّة واستخلاص المعادن الاستراتيجية    قبل بدء المحاكمة، مفاجآت جديدة يكشفها محامي صغير الإسماعيلية ضحية زميله (بث مباشر)    «الأرصاد»: أمطار على السواحل الشمالية الشرقية وتكاثر السحب    تحرير 701 محضر ضد أصحاب المخابز والمحال التجارية بالشرقية    لأول مرة، مصر تتسلم رئاسة مؤتمر الأطراف ال24 لاتفاقية حماية بيئة المتوسط من التلوث    Disney+ تكشف عن بوستر مسلسل "Made in Korea" استعدادًا لطرحه في ديسمبر    حسن بخيت يكتب عن: ما أحوجنا إلى التربية الأخلاقية    الأمين العام لجامعة الدول العربية يفتتح أعمال قمة الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل بتونس    محافظ المنوفية يتفقد مشروعات الرصف بمدينة الشهداء.. ويوجه بتشكيل لجنة لمراجعة خطط الطرق المستقبلية    عبد الغفار يتابع مع محافظ البحيرة المشروعات الصحية والتوسع في الخدمات    تحرير (141) مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    مواعيد مباريات الثلاثاء 2 ديسمبر - مصر تواجه الكويت.. وبرشلونة ضد أتلتيكو مدريد    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    الاحتلال يفجر منزل أسير بنابلس ويقتحم بلدة برام الله.. وتحذيرات من تفاقم الأزمة بغزة    تقرير سوري: 16 آلية عسكرية إسرائيلية تقيم حاجزا وتفتش المارة بريف القنطيرة    إعلام سوري: مقتل رجل دين بالسويداء بعد اعتقاله من قوات للهجري    موعد مباراة مصر ونيجيريا المقبلة استعدادًا للكان    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    صحتك في خطوتك| فوائد المشي لإنقاص الوزن    أمينة عرفى ومحمد زكريا يضمنان الصدارة المصرية لتصنيف ناشئى الاسكواش    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    الطب الشرعي يكشف متهمين جدد في واقعة مدرسة السلام    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الربيع العربي..أمريكا واستراتيجية جديدة في الشرق الأوسط
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 08 - 2012

في ظل التغيرات المتلاحقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في اعقاب ثورات الربيع العربي تجددت الدعوات المطالبة بإعادة تقييم جذري للاتجاهات الرئيسية الأمريكية والمصالح الأمريكية في المنطقة والخيارات السياسية المناسبة لتحقيقها‏.‏ وأكد تقرير ل مركز الأمن الأمريكي الجديد, ضرورة إعادة النظر بشكل منهجي في سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط, وتبني ما وصفه التقرير بمنهج التكيف الاستراتيجي, ففي الوقت الذي تظل فيه بعض السياسات الأمريكية الحديثة والقديمة صالحة للتعاطي في الوقت الحالي, يجب التأكيد علي ضرورة التكيف مع بيئة استراتيجية تغيرت بشكل درامي وفي الغالب ستظل تتغير. وتواجه الولايات المتحدة في الوقت الحالي تهديدات قصيرة المدي في حاجة إلي انتباه سريع من صانعي القرار السياسي الأمريكي نابعة من إيران وسوريا واليمن وكذلك العلاقات المصرية الإسرائيلية. ولكن من المهم أن تنتهج في الوقت نفسه سياسات من أجل السيطرة وتخفيف التهديدات المحتملة علي المدي الطويل في المنطقة, مستعينة بدرجة عالية من المرونة الاستراتيجية والبراعة الدبلوماسية. وخلال هذا الملف نقدم تحولات السياسة الداخلية العربية, و العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والسلام الفلسطيني الإسرائيلي, والعلاقات المصرية الإسرائيلية, والتهديدات السورية واليمنية, ثم الأربع محاور في تنظيم العلاقات الأمريكية العربية في المستقبل وموقف إسرائيل من الربيع العربي.
أعد الملف: هناء دكروري وإيمان عارف وميادة العفيفي وشريف الغمري ودينا عمارة
واشنطن في مواجهة تغييرات الواقع الجديد
اعتادت الولايات المتحدة علي فرض سياستها واستراجيتها علي كل مكان في العالم حتي ولو بالقوة, ولكن بعد الربيع العربي أصبح علي الولايات المتحدة ضرورة تبني استراتيجية جديدة تجاه المنطقة إذا ما أرادت أن تحمي مصالحها وتستمر في التواجد.
ويشير تقرير التكيف الاستراتيجي في سبيل استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط الصادر عن مركز الأمن الأمريكي الجديد إلي أن هناك أولويات ينبغي أن تضعها الولايات المتحدة علي رأس إهتمامتها إذا ما أرادت ضمان التواجد وحماية مصالحها وتأتي في مقدمتها سياستها تجاه إيران. وعليها أن تستمر في مسارها المزدوج تجاه طهران من خلال استمرار فرض عقوبات صارمة بالإضافة إلي الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ويوضح الخبراء في مركز الأمن الأمريكي الجديد أن إستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة يجب أن تكون أكثر مرونة, وأن تتوفر الشفافية في التعامل مع إيران بناء علي معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي تسمح بالتفتيش لكشف ما إذا كانت إيران تقوم بتطوير أسلحة نووية بالفعل وفي الوقت نفسه يتم التفاوض علي السماح لها بالتخصيب السلمي, ويكون الهدف الأهم هو منع إيران من تطوير أسلحة نووية فعلية, كانت إدارة بوش تعتمد علي التهديد المستمر سواء بفرض عقوبات إقتصادية أو باستخدام القوة العسكرية, ولكن إدارة أوباما رأت أن سياسة الضغط يجب أن تتم من خلال إجماع دولي مع استمرار فرض العقوبات وفي نفس الوقت الاستعداد للتفاوض, وكان أوباما قد صرح أن امتلاك إيران للسلاح النووي أمر غير مقبول وأن جميع الخيارات مطروحة بما في ذلك الخيار العسكري ولكنه أكد أنه يفضل الحل السلمي والتوصل إلي تسوية دبلوماسية دائمة.
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
تظل اسرائيل هي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة ويتشارك الاثنان في مصالح أمنية اقليمية, كما ان المكاسب من التعاون العسكري والمخابراتي تمثل استفادة للجانبين, فالولايات المتحدة تستفيد من خبرة اسرائيل في مجال الحرب في المناطق الآهلة بالسكان ومكافحة الارهاب وذلك قبل فترة طويلة من مواجهاتها تحديات في العراق وأفغانستان, ولعل ما يقف وراء قوة العلاقة بين البلدين هو الانجذاب بين مجتمعين ديمقراطيين, يتشاركان في القيم ويتمتعان بعلاقات تعاون وثيقة بين مواطنيها في المجالات العلمية والتعليمة, ومع ذلك تبقي التوترات بين البلدين قائمة, وتكمن أساسا في الخلافات حول تصور أولويات التهديد خاصة بالنسبة لايران وعملية السلام., هذه الخلافات تظهر بين الحين والاخر, ولكنها هذه المرة أكثر عمقا ووضوحا, وتتعلق بالخلافات الحادة في رؤيتهما للمنطقة. وهناك عدد كبير من الإسرائيليين يشكون أن الولايات المتحدة تتفهم عمق التهديد الذي تواجهه بلادهم, في الوقت الذي تتزايد فية المخاوف في الولايات المتحدة من المدي الذي يخدم فيه التأييد الامريكي لاسرائيل مصالح بلادهم. وهي خلافات بدت حادة فيما يتعلق بعملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية المجمدة حاليا. وبينما تستمر ادارة أوباما في التعاون الوثيق مع اسرائيل, فان مسئولي الادارة تحدثوا في أكثر من مناسبة عن تأثير فشل عملية السلام علي المصالح الامريكية. ومما لا يخفي علي أحد أن القيادة الاسرائيلية الحالية قلقة من الربيع العربي, وفي ظل هذه التطورات فان اسرائيل تبدي قلقا متزايدا من مبيعات الأسلحة للدول العربية, حتي لو كانت هذه الاسلحة تهدف لتقوية قدرة شركاء الولايات المتحدة علي مواجهة ايران.
العلاقات المصرية الإسرائيلية
تولي الولايات المتحدة إهتماما كبيرا بأمن إسرائيل وبمعاهدات السلام بينها وبين العرب واستمرار السلام بينهما وخاصة مصر, ولكن بعد الربيع العربي بدأت إسرائيل تشعر بالقلق من القيادة الجديدة في مصر, وتشير الدراسة إلي أن الولايات المتحدة يجب أن تقوم بأمرين للحفاظ علي السلام بين البلدين.
أولا: العمل من خلال سفاراتها هناك لتقريب وجهات النظر ومنع التوتر بين القيادتين والقيام بزيارت مكوكية لتسهيل الحوار بين الجانبين لنزع فتيل أي توتر قد يحدث أزمة
ثانيا: تقوم الولايات المتحدة من خلال إستراتيجيتها الجديدة بالتأكيد علي أن مصر أهم حليف لها بالمنطقة وتعتمد عليها للحفاظ علي السلام.
التهديدات السورية واليمنية
تواجة الولايات المتحدة تهديدات أمنية في كل من سوريا واليمن من احتمال نشوب حرب أهلية هناك وهو ما يشعل المنطقة ويهدد المصالح الأمريكية, وبالتالي يجب علي الولايات المتحدة أن تتبع سياسة دبلوماسية قوية للضغط خاصة علي سوريا للتوصل إلي حل للصراع. ويجب تشجيع مزيد من الحرية والعدالة للشعب السوري ومحاولة إنقاذه من شبح الحرب الأهلية الذي يخيم علي البلاد من خلال العمل مع الأمم المتحدة وأصدقاء سوريا والمعارضين السوريين وممارسة الضغط الدولي وفرض عقوبات علي النظام الحالي ومساعدة المعارضة للتوصل إلي تسوية وإتفاق بينهم علي أهداف واحدة. وكذلك يجب استبعاد الحل العسكري في سوريا.
أما بالنسبة لليمن فقد كانت إستراتيجية الولايات المتحدة تعتمد بشكل أساسي علي تدريب وحدات داخل الجيش اليمني لمحاربة الإرهاب هناك والذي يتمثل في تنظيم القاعدة, وقد نجحت تلك الإستراتيجية في التخلص من بعض قيادات القاعدة هناك والذين كانوا يمثلون تهديدا كبيرا للولايات المتحدة مثل أنور العولقي وفهد القوع الذي يعتقد أنه المسئول عن تفجير المدمرة الأمريكية كول في اليمن عام.2000 لذلك يجب أن تضع الولايات المتحدة إستراتيجية جديدة في ظل الوضع الجديد في اليمن يساعد علي مزيد من الإصلاح السياسي والإقتصادي هناك والقيام بزيادة الإستثمارات والإنفاق لمواجهة نفوذ القاعدة.
تحولات السياسة
الداخلية في المنطقة
هناك أربع اتجاهات تعيد تشكيل السياسات العربية, منها استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي, والاسلام السياسي والرأي العام العربي الذي اكتسب قوة جديدة والصعوبات الاقتصادية, كل هذه التوجهات تختبر قدرة الدبلوماسيين الامريكيين ومسئولي الدفاع, وهي تطورات ستؤثر علي المصالح الأمريكية. فمن المتوقع أن ينتشر عدم الاستقرار السياسي في الشرق الاوسط ويتعمق في المستقبل المنظور, وخلال الثمانية عشر شهرا الماضية, سقطت الأنظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا واليمن, بينما تستمر الانتفاضات العنيفة في سوريا والبحرين, التحديات التي واجهت هذه الدول كانت حادة, بعض الأنظمة الأخري بما في ذلك السعودية والأردن والمغرب والامارات العربية المتحدة والكويت شهدت احتجاجات شعبية, وكذلك الأردن التي تعد حليفا أساسيا للولايات المتحدة واسرائيل, تبدو مرشحة لمزيد من عدم الاستقرار السياسي هذا العام, حيث شهدت تعيين ثلاثة رؤساء وزارات في اقل من عام ونصف العام, وقد اعتبر تتابع رؤساء الوزارات دليلا علي عدم قدرة الملك علي ايجاد توازن بين الاحتفاظ بقوته والدفع باتجاه اجراء اصلاحات.
الدول الثورية في المنطقة تواجه صعابا عديدة, ولكن التحديات تختلف من دولة لأخري, في بعض الدول مثل مصر وتونس تكمن المشكلة في اصلاح مؤسسات الدولة, وفي ليبيا, حيث تعمد القذافي عدم بناء مؤسسات, يكمن التحدي, وفي اقامة مؤسسات, أما المشاكل التي تواجه اليمن فتتعدي الانتقال السياسي وتمتد لتشمل تحديات ديموغرافية, فاذا أخذنا في الاعتبار أن45% من السكان تحت سن الخامسة عشرة, وانها تواجه كوارث بيئية مثل النضوب المتسارع لموارد المياه, فانها ستصبح دولة غير قابلة للحكم, وهو ما سيلقي ظلال من الشك حول قدرة اليمن علي أن تصبح شريكا في الجهود الامريكية لمكافحة الارهاب. وهنا يذكرنا علماء العلوم السياسية أن الحكومات التي تقع في منتصف المسافة بين النظم التسلطية والنظم الديمقراطية هي اقل نظم الحكم استقرارا وأكثرها قابلية للانزلاق نحو حرب اهلية.
الاتجاه الثاني أن قوي الاسلام السياسي ستستمر في التصاعد علي امتداد المنطقة.
التوجه الثالث يتعلق بقوة الرأي العام العربي, فهذا الرأي العام يتطور في الشرق الاوسط منذ منتصف التسعينيات علي الاقل, وهناك حوار سياسي مشترك أوجدته وسائل الاعلام المختلفة بدء من قناة الجزيرة وحتي تغريدات تويتر.
التوجه الرابع هو التحديات الاقتصادية التي ستستمر في تغذية عدم الاستقرار السياسي.
أصبحت القاعدة فاعلا استراتيجيا في الشرق الأوسط وهو ما يطرح تساؤلات حول أولوية المصالح الأمريكية في مواجهة الإرهاب مقارنة بمصالحها الأخري في المنطقة. وبينما وصف تنظيم القاعدة من قبل بأنه تنظيم مركزي ومتجانس, فالواضح أنه ومنذ القضاء علي بن لادن فإن القاعدة تكافح من أجل القيام بعمليات علي مستوي العالم. وبالرغم من ان التهديدات مازالت قائمة إلا أن هناك عدة عوامل ساهمت في تراجعها علي مستوي الشرق الأوسط منها الحملات التي قامت بها الحكومة الأمريكية في أفغانستان وباكستان, كما أن الربيع العربي الذي جاء بأحزاب إسلامية بوسائل سلمية كان تأثيره مدويا علي القاعدة حيث هدمت ثورتا تونس ومصر دعاية التنظيم القائمة علي أن العنف والعمليات المسلحة هي مفاتيح التغيير السياسي والاجتماعي.
إسرائيل.. أول الخاسرين من الربيع العربي
حتي نهاية عام2010 كانت اسرائيل تتفاخرامام العالم بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط المحاطة بأنظمة قمعية لا تعرف المشاركة الشعبيه اطلاقا, وبعد الربيع العربي إتسم موقف اسرائيل بشكل عام تجاه الحراك الديمقراطي بالقلق والتحفظ, غير أن تعاملها مع كل ثورة كان مختلفا وذلك بناء علي قرب هذه الثورة أو بعدها من تهديد مصالحها وأمنها الوطني. ورغم أن الطريق المستقبلي بالنسبة للمواطن العربي قد يكون وعرا ومبهما, لكن الأحداث في الشرق الأوسط تمثل مكسبا كبيرا له بمجرد اسقاطه الأنظمة القديمة العقيمة والجامدة, ولكن مع انهيار النظام القديم في الشرق الأوسط, من هم الفائزون والخاسرون؟
الخاسر الأكبر الذي خرج صفر اليدين هو إسرائيل, فالعديد من الحكام المستبدين القدامي الذين كانوا مدعومين من الولايات المتحدة بالمال والسياسة يتهاون الواحد تلو الآخر. ومع اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية أكبر داعمة لإسرائيل موقفا علنيا بدعم الثورات العربية متخلية بذلك عن الوقوف بجانب حلفائها في المنطقة العربية من الرؤساء الذين ثارت عليهم شعوبهم وأسقطتهم, دفع ذلك بعض المحللين إلي التكهن بوجود توتر في العلاقات بين البلدين, الأمر الذي أوجب علي الرئيس الأمريكي باراك أوباما المضي قدما لاتخاذ جميع الإجراءات لضمان حماية أمن إسرائيل, فقد شرع لاستكمال مشروع منظومة' القبة الفولاذية' والتي كانت أمريكا قد دعمته العام الماضي بمبلغ205 ملايين دولار والذي يهدف إلي اعتراض القذائف الصاروخية وتوفير حماية فعالة لإسرائيل من أي تهديد عسكري, ويتكون هذا النظام من صواريخ وأجهزة رادار وقد صنعته شركة رافاييل الإسرائيلية لتطوير الأسلحة, ولم تكتف أمريكا بذلك بل قدمت أيضا مساعدات بحوالي3 مليار دولار لتطوير برنامج التدريب والحماية العسكرية لإسرائيل. ويري المحللون أن التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يجب ألا يقتصر علي الإجراءات العسكرية التي إتخذها الرئيس أوباما بشأن إسرائيل, بل هناك مجالات تكنولوجية وثقافية أخري يجب تنميتها, كدعم المؤسسة الأمريكية الإسرائيلية للعلوم والتكنولوجيا, وهذا من شأنه أن يعيد الثقة مرة أخري في العلاقات بين البلدين.
أما بالنسبة لإيران فإذا أردنا أن نلقي نظرة علي التفسير العسكري للعلاقة النووية بين إيران وأمريكا سنجد أن الشيطان الأكبر( وهي التسمية التي تطلقها إيران علي الولايات المتحدة الأمريكية) و'الدولة الثانية في محور الشر'( وهو الأسم الذي تطلقه الولايات المتحدة الأمريكية علي إيران) يتبادلان الاتهامات السياسية والعسكرية منذ فترة ليست بقليلة, وبين حالة الشد والجذب والسجال الدائر عالميا حول تحدي إيران للمجتمع الدولي والقرارات الأممية بسبب برنامجها النووي وبالذات في إسرائيل, كان لافتا أن الجيش الإسرائيلي دخل طرفا في السجال ويهيمن علي النقاش في شأن الخيارات الإسرائيلية المحتملة ضد إيران, خاصة أن التكهنات باحتمال شن إسرائيل هجوما علي المنشآت النووية الإيرانية باتت حديث الإعلام والشارع الإسرائيلي.
أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما فأكد أنه يشاطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤية مشتركة لضمان أمن إسرائيل, ولكنه وضع الخيار العسكري كآخر الحلول, رغم اقتناعه التام باقتراب إيران من امتلاك أسلحة نووية ما يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر, ويهدد أصدقاءها في دول الخليج ومصالحها في الشرق الأوسط, واعتقادها أن قادة إيران يدعون إلي شطب إسرائيل من الخريطة, وهي تصريحات وجد فيها نتنياهو فرصة ذهبية من حليفه الاستراتيجي فراح يعلن أنه في انتظار الضوء الأخضر من أوباما في مسألة شن هجوم عسكري علي إيران.
ولكن الانتقادات الأخيرة لأوباما من تكرار التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم أحادي علي إيران ينفي نية واشنطن اعطاء اسرائيل ضوءا أخضر للهجوم علي ايران وهو الأمر الذي من شأنه أن يوسع الفجوة أكثر وأكثر بين أمريكا وإسرائيل. ويبقي السؤال هل تريد إسرائيل أنظمة ديمقراطية في المنطقة العربية كما كانت تطالب أمريكا دائما أم أنها سترفض ذلك بعد ظهور نتائج الانتخابات؟ وهل تعتقد بأن وجود أنظمة ديمقراطية سيفقدها الميزة التي تتباهي بها أمام العالم كونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؟ وهل سترفض الديمقراطية لأنها قد توصل إلي الحكم أنظمة لا تتردد في مواجهتها؟
4 محاور لتنظيم العلاقات الأمريكية العربية في المستقبل
عندما اجتاح الربيع العربي المنطقة, اكتشفت الولايات المتحدة أنها قد استثمرت بصورة مبالغ فيها في أنظمة غير ديمقراطية, وبالتالي أصبح حتميا علي واشنطن أن تركز اهتمامها في المستقبل علي عدم قيام انظمة معادية للولايات المتحدة في المنطقة بدلا من تركيزها علي دعم ومساندة الأنظمة الموالية للولايات المتحدة, وعلي أن تحافظ علي الاستقرار في المنطقة.ولتحقيق الاستقرار الحقيقي يجب ان يدرك صانعو القرار في الولايات المتحدة أن تحقيق آمال الشعوب العربية في الديمقراطية هو الطريق الوحيد المستدام للوصول إلي ذلك. وفي المرحلة المقبلة ينبغي علي الولايات المتحدة الاعتماد علي أربعة محاور في تنظيم علاقاتها مع الدول العربية:
مشاركة الشعوب وليس فقط الأنظمة الحاكمة
ولت الأيام التي كان الدبلوماسيون والعسكريون الأمريكيون يستطيعون خلالها تحديد الأنشطة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط عبر اتفاق غير معلن مع مجموعة من الزعماء والملوك والجنرالات العرب.ففي عصر الويكيليكس ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تفاصيل وعواقب السياسات الأمريكية تعلن وتناقش علي الملأ أكثر من أي وقت مضي.واذا ما استطاعت ثورات الربيع العربي تحقيق أهدافها فان الانظمة الحاكمة الناتجة عنها ستكون بالضرورة أكثر استجابة للمصلحة العامة.وبالتالي ينبغي علي الولايات المتحدة أن تحرص علي مشاركة جميع فئات الشعب وليس فقط الطبقة الحاكمة.
يجب أن يحاول المسئولون الأمريكيون اقناع نطاق مجموعة أكبرمن قادة الفكر ومختلف الفئات في المجتمعات العربية بأن العمل مع الولايات المتحدة يصب في مصلحة بلدانهم.
ومع ذلك يجب أن تكون الولايات المتحدة واقعية في تقديرها للمدي الذي تستطيع به كحكومة مشاركة الشعوب العربية وأن تأخذ في اعتبارها الشخصيات الفاعلة وسرعة وتنوع انتشار شبكات التواصل الاجتماعيوالأرث الطويل من الشك في النوايا الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.ولكن من خلال الشراكة العامة والخاصة يجب علي الولايات المتحدة أن تشجع الجامعات والشركات الأمريكية علي إقامة مراكز وفروع في الشرق الأوسط للتفاعل مع المواطنين.
استراتيجية مختلفة تجاه الإسلام السياسي
مع مشاركة الشعوب العربية علي نطاق أوسع يجب أن تكيف الولايات المتحدة سياساتها لتبني استراتيجية مختلفة ازاء الاسلام السياسي.فالاسلام السياسي لايتنافي مع الديمقراطية ولا هو بالضرورة خصما للولايات المتحدة. وتختلف مظاهر الاسلام السياسي من دولة إلي دولة بالمنطقة وبالتالي ينبغي علي الولايات المتحدة أن تكون حساسة تجاه الفروق القومية من دولة إلي دولة فيما يتعلق بالاهداف و الاستراتيجيات والرؤي وزعامات احزاب وحركات الاسلام السياسي. بمعني آخر يجب تفصيل السياسات لمقاومة الأفراد والجماعات المعادية للولايات المتحدة, وفي نفس الوقت الاستمرار في الانفتاح علي الافراد والجماعات التي يمكن التعايش والتعاون معها رغم وجود خلافات في الفكر.
يجب أن يكون هدف الولايات المتحدة هو التأثير علي سلوك الجماعات الاسلامية بدلا من الرفض المطلق لدور الاسلام السياسي.وعند فتح الحوار مع احزاب الاسلام السياسي سيكون علي الولايات المتحدة ان تحكم علي افعال الاحزاب في مقابل أقوالها(خاصة فيما يتعلق بالاصلاحات السياسية والاقتصادية واسرائيل). علي المدي القصير, قد يؤدي التعاون بين الولايات المتحدة واحزاب الاسلام السياسي إلي حدوث صدع في العلاقات الامريكية الاسرائيلية وفي العلاقات بين الولايات المتحدة والانظمة العربية المقاومة للاصلاح أو التي تخشي صعود الاسلام السياسي.ومع ذلك فان الاسلام السياسي واقع لا يمكن انكاره مما يحتم علي الولايات المتحدة المخاطرة بفتح الحوار معه اذا ما ارادت تأمين مصالحها في المنطقة علي المدي الطويل.
منح الأولوية للإصلاح السياسي
يجب علي الولايات المتحدة أن تعطي الأولوية القصوي للاصلاح السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط,ليس فقط لأن الاصلاحات تتماشي مع القيم الأمريكية ولكن لانها ستخدم المصالح الاستراتيجية الامريكية, فلم يعد من المناسب أن تعطي الولايات المتحدة الأولوية لتحقيق مكاسب قصيرة المدي تعتمد علي أنظمة ترحب بالتعاون في القضايا الأمنية وتتردد في تطبيق الإصلاحات بل عليها أن تسعي لتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة عن طريق دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية. ورغم أن نتائج الانتخابات الديمقراطية قد لا تعجب الولايات المتحدة أحيانا إلا انه يجب عليها أن تساند العمليات السياسية التي تتميز بالشرعية وأن تحكم علي الانتخابات بناء علي التزامها بمبادئ الحرية والنزاهة وليس بناء علي من فاز فيها.
دعم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية
تشكل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تحديات خطيرة في المنطقة. فعلي سبيل المثال لا يمكن أن تنجح أي سياسة اقتصادية في مصر اذا لم يتوفر قدر من الاستقرار السياسي الذي يشجع المستثمرين ويجذب السائحين. وقد ظهر ذلك جليا عندما قام صندوق النقد الدولي بالربط بين تقديم مساعدات لمصر تقدر بحوالي3.2 مليار دولار بتحقيق الاستقرار والتوافق السياسي بين الأطراف المحلية المختلفة.
وعلي الجانب الآخر نجد أن تونس قد استطاعت تحقيق بعض التقدم الاقتصادي بفضل الاستقرار السياسي. وبصورة عامة يجب علي الولايات المتحدة أن تعطي برامج المساعدات الأمريكية الأولوية لقطاعات الزراعة والصحة والتعليم لأنها تمس الناس بصورة مباشرة. وتشجيع الاستثمارات من الجهات المختلفة التي تستهدف الحد من البطالة, فملايين من الشباب العرب العاطلين عن العمل يمثلون تهديدا للاستقرار السياسي. ورغم تفضيلها للسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة الا انه يجب علي الولايات المتحدة ان تكون علي اتم استعداد لمساندة الاستراتيجيات التي قد تتبناها دول المنطقة والتي ربما لن تكون ملتزمة تماما باقتصاديات السوق الحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.