عيد الأم.. عيد ست الحبايب.. فرصة لرد الجميل والتعبير عن الوفاء تجاهها، ليس بالهدايا وحدها، بل بكثير من العاطفة التى قد تحتاج أحياناً لإعادة إحياء وتنشيط، إلا أن الجماعة الإسلامية كان لها رأى آخر، رصدته فتواها التى صدرت مؤخراً بأن الاحتفال بعيد الأم بدعة محدثة، ونهت عن الاحتفال به أو شراء الهدايا للأم فى ذلك اليوم، وأن فكرة عيد الأم بدأت على اعتقادات خرافية وخزعبلات باطلة عند غير المسلمين، والشريعة جاءت بمخالفة غير المسلمين فى العقائد والعادات والعبادات، مستندة فى ذلك على فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله. الشيخ عبد العزيز بن باز، عليه رحمة الله، والذى تتردد فتواه كثيراً مع اقتراب ال21 من مارس كل عام حول حكم الاحتفال بعيد الأم، يرى أن أعياد الميلاد والأم وغيرها بدعة محدثة ليس لها أصل فى الإسلام، واصفاً ذلك فى فتواه قائلاً، "كل هذا منكر، لأن فيها تشبهاً بالنصارى أو اليهود، لا أصل لها، ولا أساس لها، وهى منكرات، وكلها بدع، وتشبه بأعداء الله، ولا يجوز شىء منها أبداً". ابن باز، عليه رحمة الله، قام بتأليف ما يقارب من 60 رسالة و30 كتاباً، تناولت جميعها قضايا العقيدة والفقه ومحاربة البدع والخرافات، ورغم الفتاوى التى يسترشد بها العديد من المسملين فى كافة أنحاء العالم، إلا أن كثيراً منها قد يتناسب مع طبيعة أهل الحجاز دون غيرهم، حيث الحياة البدوية والتأثر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التى تركز على محاربة البدع والشرك والقضاء على بقايا العصر الجاهلى من عبادة الأصنام والتبرك بالقبور. من هذه الفتاوى الغريبة أيضا ما ذكره فى رسالته "الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب"، حيث ذكر فيها أن القول بدوران الأرض، قول باطل والاعتقاد بصحته مخرج من الملة لمنافاته ما ورد فى القرآن الكريم من أن الأرض ثابتة قد ثبتها الله بالجبال أوتادا، فى قوله تعالى «والجبال أوتادا» وقوله «وإلى الأرض كيف سطحت». مؤكداً فى فتواه، أن الأرض ليست كروية ولا تدور، بل قد يكون دورانها أو تغييرها من غضبه سبحانه، كما فى قوله «أأمنتم من فى السماء أن يخسف بكم الأرض»، ويرى أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر أن الأرض تدور، لأن لو كان يحدث هذا لأخبرنا بذلك سبحانه أو نبيه الكريم. ولد ابن باز فى ديسمبر 1911 بمدينة الرياض، حفظ القرآن الكريم قبل أن يصل لسن البلوغ، ورغم إصابته بمرض فى عينيه تسبب فى فقدانه البصر مبكراً، وهو ابن ال 16 ربيعاً، إلا أنه كان حريصاً على تحصيل العلم الشرعى، فتتلمذ على يد كبار علماء السعودية، أمثال الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف الشيخ مفتى الديار السعودية ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وقد لازم حلقاته عشر سنوات، وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية، ابتداء من 1928وحتى 1938، متأثراً بفكر ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب. ساهم ابن باز فى العديد من المجالس والجمعيات الإسلامية، حيث حصل على عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية فى المملكة، وعضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية فى المدينةالمنورة، ثم أصبح رئيساً للمجمع الفقهى الإسلامى بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامى ثم رئيساً للمجلس الأعلى العالمى للمساجد ورئيساً للمجلس التأسيسى لرابطة العمل الإسلامى ورئيساً للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فى هيئة كبار العلماء، ثم رئيساً للهيئة. من فتواه أيضا أنه اعترض على إجراء صحيفة البلاد السعودية فى عددها رقم (10355) حواراً مع صاحب أكبر شارب فى العالم، واصفاً ذلك بقوله "لقد ساءنى؛ لما فيه من منكر لا يجوز، وما فيه من دعوة إلى الفساد والفتنة، والترويج لما يخالف هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مضيفاً "ولا يخفى أن إطالة الشوارب وحلق اللحى من مشابهة المجوس والمشركين، وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله". وطالب القائمين على إجراء هذا الحوار بالتوبة "لقد أساءت الصحيفة فى هذه المقابلة إساءة كبيرة، فعلى القائمين عليها التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من نشر كل مقال يخالف شرع الله". ورغم وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز فى الطائف عن عمر يناهز ال 89 عاماً فى 13 مايو 1999، إلا أن فتواه وآراءه مازالت تحفظها وتدرسها العديد من الجماعات الإسلامية مشكلة وعيهم وتفكيرهم.