اشتعل الصراع بين وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس ورئيس أركانه ايال زامير وخرج من أروقة وزارة الدفاع إلى صفحات الجرائد وشاشات التلفزة، مما دفع بنيامين نتنياهو للتدخل في محاوله منه لاحتواء الأضرار والسيطرة على الخلافات التي بدأت تلقي بظلالها على الجيش الإسرائيلي وتصاعد الخشية من انتقال الانقسام إلى داخله. يخشى المراقبون لهذا الصراع العلني على القيادة والسيطرة على الجيش الإسرائيلي من استنساخ نموذج شرطة بن غفير وتطبيقه على الجيش الإسرائيلي. حيث يواجه وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير أو كما يسميه الجمهور الإسرائيلي وزير التيك توك انتقادات عديدة حول سياساته وأدائه كوزير للأمن في أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً. بالطبع لا تتعلق الانتقادات لبن غفير حول فرضه تغييرات جذرية على سياسات مصلحة السجون الإسرائيلية حيث التجويع المتعمد للأسرى الفلسطينيين، ورداءة الطعام المقدم لهم، والحرمان من العلاج الطبي ما أدى إلى تأثر الحالة الصحية للأسرى الفلسطينيين فأصبحوا هياكل عظمية، ومحاول النيل من عزيمتهم بمنع زيارات ذويهم، وتصويرهم في أوضاع مهينة في وجود بن عفير الاستعراضي، الأمر الذي يخالف المواثيق الدولية وحقوق الأسرى. بل تتعلق الانتقادات لبن غفير بتسييس جهاز الشرطة الإسرائيلية التي من المفترض أن يكون حيادياً ومستقلاً عبر محاول التأثير على مجرى عملياته الميدانية وتحقيقاته، الأمر الذي دفع المحكمة العليا الإسرائيلية لإصدار أمراً مؤقتاً يمنعه من إعطاء تعليمات عملياتية للشرطة فيما يتعلق بحرية التظاهر والاحتجاج، بالإضافة إلى تسييس التعيينات داخل جهاز الشرطة وممارسة الضغوط على كبار الضباط للاستماع لتعليماته أو تهديدهم بالاستبعاد لصالح ضباط موالين. بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي وتبنيه خطاب مفعم بالكراهية تجاه الفلسطينيين، والعرب داخل إسرائيل، وحتى المعارضة الإسرائيلية. لا تختلف الحالة في الجيش الإسرائيلي عنها في الشرطة الإسرائيلية، حيث انخرط وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس لتقويض جهود رئيس الأركان زامير والتدخل في صلاحياته. وقد أججت هذه الخلافات نار التوتر بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل التي بدأت وتصاعدت حدتها خلال الحرب على غزة، حيث طالب الجيش الإسرائيلي بوضوح أن تحدد الحكومة أهدافاً واضحة للحرب ليضبط الجيش عملياته وفقاً لها، في الوقت الذي أرادت فيه الحكومة استمرار الحرب بلا أهداف سوى الحرب نفسها والحفاظ على الائتلاف الحكومي ليس إلا. الخلاف بين كاتس وزامير يتسع ويتصاعد بمرور الوقت وعلى أكثر من ملف، سواء ملف نتائج التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي بإيعاز من زامير لتحديد المسؤولية عن 7 أكتوبر واستخلاص العبر، أو ملف التعيينات في المناصب العليا التي يرفضها كاتس ويحاول تعيين موالين له أيضاً داخل المؤسسة العسكرية. يرى البعض أن محاولات كاتس لا تعدو مجرد إظهاراً للذات وسرقة لإنجازات الجيش وتجييرها لصالحه خاصة في عام يشهد عمليتي انتخاب داخل حزب الليكود والانتخابات البرلمانية بعد أشهر قليلة. على ما يبدو أن أيام كاتس كوزير للدفاع باتت معدودة، ليس نتيجة الخلاف بينه وبين زامير، بل نتيجة غضب عائلة نتنياهو من أدائه كوزير للدفاع ومحاولاته الاستئثار لنفسه ب"الإنجازات" التي حققها الجيش. ظهر هذا جلياً في تصريحات أدلى بها نتنياهو خلال إحدى جلسات الحكومة الإسرائيلية وهو يغمز بالقول "أقرأ تصريحات تنسب جهود الحكومة "يقصد جهوده هو بالطبع" على شكل أصدرت تعليمات، أمرت، أوعزت..إلخ. لم تتوقف كوميديا إذلال كاتس عند حد تصريحات رئيس الأركان العلنية ضده. فقد أمر نتنياهو بإغلاق أبواب مقر غرفة اجتماعات الحكومة مبقياً وزير الدفاع خارجاً نظراً لتأخره دقيقتين عن الاجتماع. لن يقتصر الانقسام في إسرائيل على ما هو قائم بين تيار اليمين القابع في المعارضة أو اليمين المتطرف المتمثل في الائتلاف، بل أصبح الانقسام هو السمة السائدة في المشهد السياسي الإسرائيلي، خصوصاً مع تصاعد المؤشرات على انقسام داخل الليكود وبين أطياف اليمين المتطرف الحاكم.