من قلب الجيزة، ومن أمام الأهرامات التي تحرس التاريخ منذ آلاف السنين، يسطع المتحف المصري الكبير كرمز جديد للفخر الوطني، وشهادة حية على أن مصر لا تزال قادرة على أن تُدهش العالم كما فعلت منذ فجر التاريخ. هذا الصرح ليس مجرد مبنى يضم آثارًا، بل رسالة حضارية وإنسانية تقول إن أمة بهذا العمق لا تعرف الغياب، وإن المصري حين يقرر أن يصنع المجد، يفعل ذلك بيدٍ تمتد من الماضي نحو المستقبل. أيقونة معمارية تستحضر روح الأجداد يقف المتحف المصري الكبير شامخًا عند سفح الأهرامات الثلاثة، كأنه امتداد طبيعي لعظمة الفراعنة وإصرار المصري الحديث على إعادة كتابة تاريخه بعين معاصرة. تجمع واجهته الزجاجية الضخمة بين القوة والبساطة، بينما تتجلى في تصميمه خطوط هندسية تحاكي طاقة الشمس ورموز الحضارة القديمة، في مشهد يعكس كيف يمكن للتراث أن يتصالح مع الحداثة دون أن يفقد هيبته. رمسيس الثاني أول من يرحب بالعالم ما إن يدخل الزائر البهو الرئيسي حتى يستقبله تمثال الملك رمسيس الثاني، مهيبًا كما كان في معابده، يطل بملامح القوة والخلود هذه اللحظة وحدها كافية لتُشعر كل مصري بأن التاريخ لا يزال هنا، نابضًا بالحياة، وأن مصر قادرة على تحويل كل إنجاز إلى تحفة فنية تنبض بالعزة والكرامة. كنوز توت عنخ آمون سحر الشباب وخلود الملك وفي قلب المتحف، تتألق قاعة توت عنخ آمون التي تُعرض فيها مقتنياته كاملة لأول مرة في مكان واحد أكثر من خمسة آلاف قطعة تحكي قصة ملك شاب صار أسطورة. القاعة مصممة لتأخذ الزائر في رحلة زمنية ساحرة، حيث يمتزج الضوء بالموسيقى الهادئة والتقنيات الحديثة التي تجعل من كل قطعة أثرية مشهدًا حيًا، لا يُعرض بل يُحسّ. التكنولوجيا تخدم المجد يضم المتحف واحدًا من أضخم معامل الترميم في العالم، يعمل فيه خبراء مصريون وعالميون بروح الفريق الواحد،التكنولوجيا هنا ليست مجرد أدوات حديثة، بل وسيلة للحفاظ على الذاكرة الإنسانية، في إشارة واضحة إلى أن مصر لا تنظر إلى ماضيها بعين الحنين، بل بعين التطوير والمسؤولية. مصر العظمة التي تدهش العالم افتتاح المتحف المصري الكبير حدث يتجاوز حدوده الجغرافية هو صفحة جديدة في كتاب العزة المصرية، ورسالة تقول إن مصر لا تعيش على أمجادها، بل تعيد صياغتها لتُعلّم العالم من جديد معنى الاستمرارية والبقاء. هذا المتحف ليس فقط فخرًا لمصر، بل هدية إلى الإنسانية، تُعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وتاريخه، بين الحجر والروح، بين الماضي والمستقبل. هنا، على أرض النيل، تلتقي الحضارة بالحداثة في مشهد واحد يليق بدولة كتبت أول سطر في التاريخ فكل جدار في المتحف، وكل تمثال وقطعة ذهبية، يقول للعالم: "هنا مصر العظمة التي لا تموت، والفخر الذي لا يشيخ.