سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سابقة تشريعية.. اللجنة العامة بمجلس النواب توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على 8 مواد من مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. وتوصى بإعادة صياغتها لتحقيق التوازن بين العدالة الجنائية وضمان الحقوق والحريات
أعدت اللجنة العامة بمجلس النواب تقريرا موسع عن اعتراض رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية. وأكدت اللجنة في تقريرها، أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية يُعد من أهم التشريعات التي ناقشها مجلس النواب خلال السنوات الأخيرة، إذ يمثل العمود الفقري لما يُعرف ب"دستور الحقوق والحريات"، حيث ينظم إجراءات التقاضي والتحقيق والمحاكمة، ويرسم حدود العلاقة بين سلطات التحقيق والمتهمين، بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة دون الإخلال بضمانات الحقوق الأساسية.
وتابعت اللجنة في تقريرها: قد أحال رئيس الجمهورية مشروع القانون بعد إقراره من البرلمان، مبدياً اعتراضه على عدد من مواده، وهو ما فتح نقاشاً دستورياً وقانونياً واسعاً داخل أروقة مجلس النواب، انتهى بعرض تقرير شامل من اللجنة العامة حول الاعتراضات وأسبابها.
وأشارت اللجنة إلى أن رئيس الجمهورية استند في رسالته إلى المادة (123) من الدستور، التي تخول له حق الاعتراض على القوانين وإعادتها إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيها، شريطة أن يكون الاعتراض مسبباً، كما استند إلى أحكام المادة (101) التي تحدد سلطة البرلمان في التشريع، مع الأخذ في الاعتبار أن الدستور يمنح الرئيس صلاحية مراجعة القوانين في ضوء اعتبارات الصالح العام وضمان التوافق مع الدستور.
واستعرضت اللجنة العامة كذلك أحكام اللائحة الداخلية لمجلس النواب، خاصة المواد المنظمة لآلية التعامل مع اعتراضات الرئيس، والتي توجب مناقشتها في اللجنة العامة، ثم عرض تقريرها على الجلسة العامة لاتخاذ القرار النهائي.
وتضمن تقرير اللجنة: تضمنت الرسالة الرئاسية اعتراضا على عدد من المواد، أبرزها ما يتعلق بالنشر والإعلان، والحبس الاحتياطي، وبدائل الحبس، ومدد التظلم من قرارات الحبس، وأخرى تتعلق بالحبس كعقوبة بديلة، وأشار الرئيس إلى أن هذه المواد قد تثير إشكاليات دستورية أو عملية، أو تتعارض مع المبادئ المستقرة في الدستور والمواثيق الدولية التي التزمت بها مصر.
وتضمن التقرير أيضا، أن الدكتور رئيس مجلس الوزراء، عرض بياناً أمام البرلمان، أوضح فيه أن الاعتراضات تأتي في إطار الحرص على تطوير القانون بصورة تضمن التوازن بين متطلبات العدالة الجنائية وحماية الحريات العامة، مؤكدا أن الحكومة تتبنى رؤية شاملة تضع في الاعتبار المعايير الدولية لحقوق الإنسان، لكنها في الوقت ذاته تراعي الظروف الواقعية لإمكانات الدولة وأجهزتها. وعقدت اللجنة العامة، عدة اجتماعات مطولة بحضور رئيس المجلس المستشار الدكتور حنفي جبالي، وعدد من الوزراء المعنيين بينهم وزير العدل ووزير شئون المجالس النيابية، إلى جانب رؤساء الهيئات البرلمانية.
واستعرضت اللجنة المواد محل الاعتراض مادةً مادة، وناقشت المبررات الدستورية والعملية التي ساقها الرئيس والحكومة.
وقد خلصت اللجنة إلى أن اعتراضات الرئيس تستند إلى أسس جدية، وأن بعضها يعالج ثغرات حقيقية قد تُعرقل تطبيق القانون أو تُحدث ازدواجية في التفسير القضائي. المواد محل الاعتراض: 1. المادة (6) بشأن النشر والإعلان نصت المادة على إلزام نشر إعلانات معينة في الصحف خلال مدد زمنية قصيرة، اعترض الرئيس على أن النص قد يؤدي إلى صعوبات عملية، لاسيما في ضوء العقبات التقنية وارتفاع تكاليف النشر، مما قد يعرقل سرعة التقاضي، وأشارت الحكومة إلى أن إلزام النشر قد يُعرّض بعض القضايا للتأخير، مقترحة فتح الباب لوسائل إعلان إلكترونية أكثر مرونة. 2. المادة (84) بشأن الحبس في حالات التلبس تضمنت صياغة تتيح بعض الحالات للحبس رغم أنها قد تمس حرية الأفراد بصورة واسعة، وقد رأت الرئاسة أن النصوص تتعارض مع مبدأ افتراض البراءة، ومع الضمانات الدستورية للحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة (54) من الدستور. 3. المادة (101) الخاصة بالحبس الاحتياطي اعتراض الرئيس انصب على اتساع نطاق الحالات التي يجيز فيها النص الحبس الاحتياطي، ما قد يفتح الباب لإساءة استخدامه، مؤكدا أن الدستور يوجب أن يكون الحبس الاحتياطي تدبيراً استثنائياً وليس قاعدة عامة. 4. المادة (112) فقرة ثانية الخاصة بمدد الحبس أجازت الفقرة مد فترات التظلم إلى 84 ساعة، وهو ما اعتبره الرئيس متعارضاً مع حق الدفاع والحق في التقاضي العاجل، مؤكدة أن النص قد يؤدي إلى إطالة فترات الحبس دون مبرر. 5. المادة (118) حول بدائل الحبس تضمنت إضافة بدائل جديدة للحبس مثل المراقبة الإلكترونية، وقد رأي الرئيس و الحكومة أن النص يضيف التزامات مالية وتقنية يصعب توفيرها حالياً، وأن البدائل الأخرى المنصوص عليها بالقانون تكفي لتحقيق الغرض. 6. المادة (123) بشأن الحبس كعقوبة بديلة نصت على جواز الحكم بالحبس بدلاً من الغرامة في بعض الحالات، وهو ما رأي الرئيس أنه يتعارض مع فلسفة العقوبات البديلة، ويُفرغها من مضمونها. 7. المادة (231) وما بعدها تتعلق بتنظيم الطعن والإجراءات المرتبطة به. ورأي الرئيس أن بعض الصياغات قد تؤدي إلى إطالة أمد النزاعات أو تعقيد مسار العدالة. التوصيات النهائية للجنة العامة خلصت اللجنة العامة إلى أن اعتراضات رئيس الجمهورية وجيهة وتستند إلى اعتبارات دستورية وعملية. وأوصت بضرورة إعادة النظر في صياغة المواد محل الاعتراض، بما يضمن: التوافق مع أحكام الدستور وخاصة المواد المتعلقة بالحقوق والحريات. مراعاة الواقع العملي لإمكانات أجهزة العدالة. تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن الجنائي وضمانات الحرية الفردية. الاستفادة من التجارب الدولية في تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة. كما أكدت اللجنة أن التفاعل الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعكس الحرص على إصدار قانون يتسم بالمرونة والفعالية ويصمد أمام التطبيق العملي.