ليس من السهل أن نأخذ قرارا مصيريا لحياتنا ؛ سواء قرارا للحياة العملية أو للحياة الاجتماعية، أو قرارا يكون له تأثير على من حولنا سواء الأسرة أو المجتمع . صاحب القرار يحمل على عاتقه مسؤولية هذا القرار ،ويتحمل عواقبه وأحيانا يتحمل معه نتيجة هذا القرار لوحده، القرار ليس بالسهل وإنما يأتي بعد عدة مناورات ومناقشات لتحديد الموقف وبعد دراسة عميقة و مستفيضة للموقف وعواقب هذا القرار ليس على صاحب القرار فقط ، ولكن على كل من حوله . حتى لو هذا القرار شخصي لأن كثيرا من قراراتنا الشخصية تكون ذات مردود قوي ومؤثر وفعال على منْ حولنا بشكل مباشر أو غير مباشر. وغالبا هناك خطة استراتيجية لكل قرار مصيري ونضع له كثير من الاحتمالات والنتائج ، و نضع له الخطط البديلة في حالة فشل الموقف إيذاء هذا القرار .وحتما سيكون هناك عدة قرارات متعاقبة في أغلب الأحوال مقابل القرار الأصلي . صاحب القرار هو شخص غير عادي، هو قائد بطبعه وشخصيته. هو واع لتصرفاته وعواقبها. هو مثقف ومتعلم و ذو خبرة أيضا. أما لو كان صاحب هذا القرار شخص متهور أو يدعي العلم والمعرفة والثقافة ويدعي دراسة الموقف بكل جدية وتحليل لكل رد فعل ويدعي أن لديه الحلول البديلة ...الخ، هنا نلاحظ أننا أمام شخصية غير أمينة وقد يتسبب في كثير من المشاكل سواء بقصد أو بدون قصد ولا نجد حلول لعواقب هذه القرارات الفاشلة. هنا يجب أن نختار الشخص المناسب في حياتنا بكل عناية ودقة ووعي وبعد اختبارات عديدة قبل أن يحمل راية الأمانة والمسؤولية لاتخاذ قرارات حياتية تعود علينا بالسلب أو الإيجاب . أما في حالة اختيارنا السليم للشخص المناسب في مكانه المناسب ذو العلم والمعرفة والقدرة الحقيقية على اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتنا، هنا فقط نصل إلى الشعور بالراحة والأمان والهدوء النفسي والثقة الكاملة في ذلك الشخص الذي يرفع عن كاهلنا عبء المسؤولية ونتائجها وكثرة التفكير في إيجاد الحلول البديلة لأنه دائما سابق الجميع بخطوات كثيرة وعلى يقين برد فعل كل موقف وجاهز بالحلول المناسبة والفرص المتاحة والغير متاحة وكما يقال( كله تحت السيطرة) . أصحاب القرار لهم مواصفات خاصة جدا ؛ شخصية قوية ولماحة وذات طموح كبير ،شخصية جادة وهادفة ومتطور ومتجدد الأفكار والحلول. صاحب القرار غالبا يحمل داخله شخصية سوية نفسيا لا تلعب ولا تتلاعب بالألفاظ، ولكن كل كلمة لديه بحساب ولكل حرف نتيجة يتقبل أن يحاسب عليها بكل فخر واقتدار. أصحاب القرار تجدهم دائما يطمئنون من حولهم على الغد وعلى المستقبل وذو رؤية واضحة وهدف واحد لا يحمل في طياته أكثر من معنى ،كلامهم (نعم نعم) و(لا لا) فقط . أصحاب موقف وسيطرة وهيبة و مهابة أيضا ، نجد صاحب القرار محايد لا يظلم ولا يقبل بظلم أحد ،نجده صادقا لا يهاب الآخرين ولا تمسك عليه كلمة في غير موضعها ،صاحب القرار تجده إنسانا بمعنى الكلمة متميزا له كاريزما، واضح وذو شأن كبير. صاحب القرار قوي يخوض المعارك بشرف وأمانة دون المساس بحقوق الآخرين ولا يترك الحق أن يضيع أبدا. صاحب القرار هو سيد الموقف وهو المنوط بكل ردود الأفعال مهما كانت النتيجة. ومن أبعد المستحيلات أن يتهرب من عاقبة أمره. وأحيانا صاحب القرار يعتمد على ضربة الحظ ويتبع القول (يفوز بالملذاتِ كل مغامرٍ) وهنا نقول له لو هذا القرار يمس شخصك فقط فهنا لك كامل الحرية في اختياراتك و مغامراتك ولكن عند حمل لواء أمانة مصلحة الجماعة هنا يختلف الوضع تماما . نجد صاحب القرار له مبرراته المقنعة لأن كل موقف عنده له دراسات وحسابات دقيقة، وكل حسب أمانته في السعي وراء الحقيقة كاملة لاتخاذ قرارات سليمة. في كل أسرة يفضل وجود شخص فقط يكون صاحب القرار ؛ لأن المركب بأكثر من رئيس وأكثر من رأي ممكن تتضارب الأفكار والرؤى والآراء، ويصبح لكل موقف بمليون رأي ومليون حل وهنا تصبح المركب في مهب الريح وكما يقال :( مركب بأكثر من ريس ستغرق ). في وسط هذا العالم المتطور بكافة الوسائل والتكنولوجيا نعتمد على أخذ رأي جماعي لاختيار صاحب القرار أو المفوض عنا ، وإن لم يكن هناك الشخص المناسب صاحب القرار الصائب ولا يختلف عليه اثنين ، نجد الحل الأمثل هنا التصويت والقبول برأي الأغلبية لحفظ حقوق الجميع . وهنا يصبح القرار جماعيا وليس فرديا وهنا نعتمد على حرية الرأي والتعبير (واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) ، ولذلك يفضل مصلحة الأغلبية عن المصلحة الشخصية والقرار للصالح العام ولمصلحة الجميع . التردد في القرار يؤثر بالسلب على رأي الأغلبية ولذلك ننصح أصحاب القرار أن يكون القرار مصاحب لقوانين ودراسات وأبحاث وخبرات سابقة تؤكد أن هؤلاء المبدعين يحملون راية الأمانة في تقديم مصلحة الجماعة عن المصلحة الشخصية. هؤلاء هم أصحاب الأمانة وأصحاب العقول والقلوب التي تؤمن بأن ( الله لا يضيع أجر من أحسن عملا). وهذه الأمانة وضعت على كاهل الأمين (صاحب القرار) المسؤولية ليوم الدين. وعدم الأمانة لها حساب في الدنيا والآخرة والله شاهد( يمهل ولا يهمل) . والأمين في القليل أمين في الكثير أيضا.