أن يربى الآباء أبناءهم فهذا وضع طبيعى، أما أن يحدث العكس فهذا هو العجب بعينه، ولكن فى ظل العولمة والإنترنت والفضائيات تبدلت الأوضاع وصارت هناك ثغرة خطيرة بين ثقافة الآباء والأبناء، بعدما أصبح الابن هو الأكثر دراية بالعصر الذى يعيش فيه وعليه فقد صار مفهوم تربية الأبناء للآباء مقبولا لدى البعض. الدكتورة إيناس عبد الفتاح أستاذ علم النفس الأسرى بكلية آداب جامعة عين شمس، التى علقت على الموضوع قائلة، إن التدليل الزائد من الآباء الذين يلبون جميع مطالب الأبناء وكأنها أوامر واجبة التنفيذ، يثمر عن أجيال لا تقدر إلا على الأخذ فقط، ولا تكتفى ولا تشكر أبدا، فالتدليل الزائد للولد يجعله أنانيا قاسى القلب، وخاصة على والديه، فمن وجهة نظره، فإن والديه خلقوا فقط لإرضائه وتحقيق أحلامه، وقد يصل الأمر إلى اعتدائه على أحد الوالدين بالسب أو بالضرب، لذا فالحل يجب أن يكون جذريا، ويبدأ منذ نعومة أظافر الأبناء. فعلى الأبوين أن يحصنوهم بزرع عادات ومفاهيم سليمة عن الترابط الأسرى واحترام الكبير، ووجوب بر الوالدين إرضاء لله عز وجل وتربيتهم على القناعة والرضا، وأنه ليس كل ما يريده الفرد يجده، ولكى يحصل الفرد على ما يريد فإن عليه أن يعمل ويجتهد، ولكن هذا أيضا لا يعنى قسوة الآباء على أبنائهم، فقد دعانا رسولنا الكريم إلى الرحمة قائلا (من لا يرحم لا يرحم). من هنا فإن الدور الحقيقى للأبوين يبدأ ربما منذ ولادة الطفل، نعم فالطفل الذى قد نراه لا يفهم شيئا، يمكنه أن يشعر ويعتاد على أشياء يترتب عليها بناء شخصيته وطبيعة علاقته بوالديه.. فالأم إذا حملت طفلها كلما بكى سيدرك أن البكاء سلاحه فى الحصول على ما يريد، ولكن إذا عودته أن ينام فى سريره بمفرده فإنه سيعتاد على أن تكون السلطة للأم، وأن بكاءه لن يجدى نفعا، وتلك هى البداية الصحية لابن متزن يدرك واجباته قبل حقوقه ويحترم والديه، ولكنه قد يتمكن من تربية والديه أيضا ولكن بشكل إيجابى وغير مباشر، فقد تستمر حياة زوجية تعرضت إلى أزمة ما بسبب الأبناء، وقد تتعدل الأحوال وتنجح العلاقة بفضلهم، وقد يلتزم أب مستهتر حفاظا على أبنائه، وعلى صورته كأب، وغيرها من الإيجابيات فى حياة كل أب وأم كان سببها وجود أبناء يبحثون لهم عن حياه طبيعية آمنة.
