التعليم العالي: 87 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    السيسي يعزي بوتين في ضحايا حادث تحطم طائرة شرق روسيا    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    كاميرون إسماعيل: شرف كبير أن أمثل منتخب مصر.. وحلمي التتويج بالألقاب بقميص الفراعنة    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    إنقاذ سيدة من محاولة إنهاء حياتها في حي كيمان فارس بالفيوم    كشف ملابسات مشاجرة فى القاهرة وإصابة أحد الأشخاص    تخرج دفعات جديدة من المعينين بالهيئات القضائية والطب الشرعي بالأكاديمية العسكرية    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    المشاط تبحث مع مديرة ITC تعزيز دعم المشروعات الصغيرة والتحول الرقمي    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    استكمال أعمال رصف طريق بني غالب- جحدم في أسيوط بتكلفة 17 مليون جنيه    76 مركزاً تقدمتهم مصر بين 2019 و2014 بمؤشر المشروعات المتوسطة والصغيرة.. و«التخطيط»: تمثل 43% من الناتج المحلي الإجمالي وتستوعب ثلث القوى العاملة    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    مدير الفريق الطبي المتنقل في غزة: طفل من بين كل سبعة يعاني من سوء تغذية حاد    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    مصطفى شلبي يودع الزمالك برسالة مؤثرة ويعلن انضمامه للبنك الأهلي    بعد أزمة العروض.. وسام أبو على يودع جماهير الأهلى بطريقته الخاصة    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    منتخب جامعات مصر للتايكوندو يحصد فضية الألعاب الصيفية للجامعات بألمانيا    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    وزير الأوقاف: فيديوهات وبوسترات لأئمة المساجد والواعظات لمواجهة الشائعات والأفكار غير السوية بالمجتمع    «الأرصاد» تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى الثلاثاء المقبل    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال وجدته ضائعًا في الشارع؟..أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاج سيد مات!
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 11 - 2008

التقيته فى بهو أحد الفنادق فى تيرانا عاصمة ألبانيا قبل ما يزيد على ثلاثة عشر عاماً.
معروف هو بهيئته الضخمة وشعره الأبيض وصورته التى لطالما رسمتها له الصحف المصرية عن مغامراته ومقاولاته ومحاولاته العودة إلى النادى المصرى من حين إلى آخر.
بادرته بالسلام فأنا أعرفه وهو بالطبع لا يعرفنى
أهلاً وسهلاً، الحمد لله إنى لاقيت حد أتفاهم معاه، أنا عمال أفهم الأخت (يقصد موظفة الاستقبال فى الفندق) وهى لا بتعرف إنجليزى و لا عربى.
كان الرجل يبحث عن محل للنظارات لأن نظارة القراءة الخاصة به قد كسرت.
كلمة من هنا وكلمة من هناك، ثم صارت صداقة.
كان يزور تيرانا مرة أو مرتين كل شهر لتنفيذ بعض مشاريعه الإنشائية.
كانت سمعة الرجل تسبقه، لكن الحديث عنه فى بعض الصحف المصرية كان مثيراً للتساؤلات خصوصاً زواجه من الفنانة المعتزلة سهير رمزى.
اطمأن الرجل إلى حسن صحبتى وكلما وصل إلى تيرانا اتصل بى لنتناول الغذاء أو العشاء ثم نذهب معاً لنتفقد المشاريع أو أزوره فى المكتب أو يزورنى فى العيادة التى كنت أديرها هناك.
وذات يوم وبينما نتناول الشاى فى الفندق الكبير فى العاصمة وجدت الحاج سيد يحكى لى قصته. كانت الصورة مختلفة تماماً قبل أن يحكى ويسرد دون أى سؤال منى، فهو حسب الصحافة المصرية رجل عليه شبهات!!
على مدار عامين أو أكثر لم أره يشرب سيجارة أو شيشة أو أى نوع من الكحوليات، وهو فى بلد غربى ورجل مقاولات.. وحين جاء الحديث عن النساء قال لى: لم أعرف الحرام يوماً ما ولم استسغه، وكل ما فى الأمر أننى كنت أبحث عن السعادة مع زوجة ما.. وتزوجت غير مرة.. وانتهت زيجاتى بسلام.. بيد أن الصحافة وجدت فى جثتى ما تلقى به إلى القراء.. الله يسامحهم. ثم أردف قائلاً لكن زوجتى الأخيرة هى حسن الختام.. ويبدو أنها هى التى سأختم بها وضحكنا.
كان الرجل مريضا بالسكر، وكان يتناول حقن الأنسولين بشكل يومى مرة أو مرتين، ورغم ذلك كان يتمتع - رحمه الله - بالصحة فهو يسافر مرات عديدة فى الشهر الواحد، وحدثنى عن تمتعه سنوياً بالحج سنوياً، وأن هذه الرحلة تزيل عنه غبار التجارة ومتاعب الحياة، وأذكر أنه قال لى:
الحج ده حاجة مقدرش استغنى عنها دى الشحنة الربانية اللى بتخلينى أكمل المشوار.
حكى لى عن الحى الذى بناه والذى يحمل اسمه وكيف أنه حورب حتى لا يطلق اسمه على الحى الذى بناه.
حكى لى عن الظروف المادية الصعبة التى واجهته ذات يوم وهددته بدخول السجن، وكيف أن قطعة أرض قد أهداها لإحدى بناته كانت طوق النجاة، إذ قالت له ابنته: بعها يا حاج وباعها بملايين الجنيهات ليسد ديونه، وهو الذى اشتراها بآلاف الجنيهات فقط.
هل كان مبروكاً؟
ربما.. ولكن المؤكد أنه كان ذكياً وشاطراً بالمعنى البلدى، يعرف كيف يبنى وكيف يكسب وكيف يتاجر رغم أنه كان مدرساً.. سافر إلى ليبيا ثم عاد مقاولاً.
وذات يوم اتصل بى وقال لى يا ريت أشوفك فى الفندق دلوقت؟
خير يا حاج سيد؟
بس تعالى وبعدين نتفاهم.
ذهبت فإذا به يجلس مع شاب ألبانى، كنت قد رأيته فى الصحف، إنه أحسن لاعب هنا فى ألبانيا وتتهافت عليه الأندية الأوربية.
سألنى إيه رأيك فيه؟
قلت له ما أقرأه فى الصحف اليومية؟
قال لى أنا عايز الواد ده للنادى المصرى.
كنت أسأل نفسى وسألته أنت جاى ألبانيا تعمل بزنس، و للا بتفكر فى النادى المصرى؟
قال لى بس قل لى إيه رأيك وبعدين أفهمك.
كان النادى المصرى جزءا من حياته، كما كانت أعماله التجارية هى الوقود الذى يمده بالطاقة والقدرة على الاستمرار.
مرت الأيام، وتباعدت المسافات، وتركت ألبانيا منذ عشر سنوات، وفى كل مرة أزور القاهرة أحدث نفسى بأن أزوره لكن لم أستطع.
وقبل وفاته بأيام كنت فى القاهرة وشاهدته على شاشة إحدى القنوات، هو.. هو الحاج سيد متولى لم يتغير عليه شىء، كنت أتمنى زيارته، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
ثم جاء خبر وفاته رحمه الله ورأيت كيف خرجت الألوف تودعه من إستاد بورسعيد، هذا الإستاد الذى سمع عبره يوماً أشد عبارات النقد وأسوأ أنواع الهتاف قبل أن تدرك الجماهير المدفوعة أن الحاج سيد متولى قيمة حقيقية لتعود وتهتف باسمه وحياته بعد مماته.
لم يكن بينى وبينه نسباً، ولا أى علاقة تجارية.. ولست من أهل بلدته.
عرفته رجلاً مصرياً نظيفاً، حسن المعشر، والخلق.
وأدركت قيمته يوم وفاته.
لأن الشعوب إذا أحبت لا تحتاج إلى من يخرجها رغماً عنها.
كانت جنازته عفوية فالرجل ليس مسئولاً حزبياً.
ولا يتمتع بأى صفة رسمية، سوى أنه رئيس للنادى المصرى الذى هزم النادى الأهلى فى بداية الموسم الحالى!
خرجت الناس على طبيعتها.
تحدث العشرات عبر البرامج التلفزيونية.
حتى خصومه كرموه وأشادوا به.
لأنه ببساطة كان مخلصاً لبلده بورسعيد ولناديه المصرى ولكل من عمل معه.
الحاج سيد متولى مات.. وكرمه شعب بورسعيد.
كثيرون يموتون ولا أحد يشعر بهم.
وكثيرون أحياء ولا أحد يهتم بهم.
رغم أنهم يملئون صفحات الصحف اليومية.
ويظهرون على شاشات التلفزة ليل نهار.
لماذا أنعى الحاج سيد متولى؟
لأنه كان بسيطاً وقريباً من الناس.
رحمة الله عليك يا حاج سيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.