تعزيز قدرة الدولة لحماية الأمن الغذائى :السيسى يوجِّه بتوفير أرصدة استراتيجية للسلع الأساسية لمدد كافية    «راسل»: صبر ترامب نفد تجاه نتنياهو.. وضغوط دولية متزايدة على إسرائيل    انطلاق مباراة زد وسموحة في الدوري العام    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    قصور الثقافة تختتم عروض مسرح إقليم شرق الدلتا ب«موسم الدم»    المطارات المصرية.. نموذج عالمي يكتب بأيادٍ وطنية    "حقيقة المشروع وسبب العودة".. كامل أبو علي يتراجع عن استقالته من رئاسة المصري    ميلانيا ترامب تنفي شائعة رفض "هارفارد" لبارون: "لم يتقدم أصلاً"    تعليقًا على بناء 20 مستوطنة بالضفة.. بريطانيا: عقبة متعمدة أمام قيام دولة فلسطينية    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    إحباط تهريب صفقة مخدرات وأسلحة في نجع حمادي    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    بحضور سينمائيين من السودان.. عرض فيلم طنين بمركز الثقافة السينمائية    «شكرا 2025».. أحمد مالك يعلق على تكريمه في «قمة الإبداع للدراما الرمضانية»    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    انتهاء رحلة ماسك في البيت الأبيض.. بدأت بفصل آلاف الموظفين وانتهت ب«خيبة أمل»    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 الترم الثاني محافظة المنوفية    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    انهيار نهر جليدى فى سويسرا يدمر قرية جبلية ويثير مخاوف من تداعيات التغير المناخى    «أوقاف الإسكندرية»: تجهيز 610 ساحات لأداء صلاة عيد الأضحى 2025    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    «هكر صفحة زميلته» ونشر صورًا وعبارات خادشة.. حبس موظف وتغريمه أمام المحكمة الاقتصادية    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    الكرملين: أوكرانيا لم توافق بعد على عقد مفاوضات الاثنين المقبل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    عميد طب قصر العينى: نستخدم الذكاء الاصطناعى فى التعليم والتدريب    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    «أحد سأل عني» ل محمد عبده تتجاوز المليون مشاهدة خلال أيام من طرحها (فيديو)    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    وزير الزراعة يشهد تخرج متدربين صوماليين ضمن برنامج إدارة التربة    ياسر إبراهيم: بطولة الدوري جاءت فى توقيت مثالي    إذا وافق العيد الجمعة.. أحمد خليل يوضح حكم صلاتي العيد والجمعة؟    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بوحدة طوسون    أمانات حزب الجبهة الخدمية تعقد اجتماعا لمناقشة خطط عملها ضمن استراتيجية 2030    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة.. طرة لاند؟!
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 04 - 2011

بانضمام الدكتور أحمد نظيف، أصبحت حكومة طرة لاند، أو كما يقولون بالإنجليزى "تورا لاند" شبه مستكملة، ينقصها فقط انضمام الوزراء الهاربين، ليكتمل النصاب، ولو انضم إليهم الرئيس المخلوع، بعد قرار حبسه، فإننا سنكون أمام أول جمهورية فى التاريخ، يمكن إعلانها برئيسها ورئيس حكومتها ووزرائها من داخل السجن الشهير.. فى مزرعة طرة! ولم تقتصر على هؤلاء فقط، بل ضمّت أيضاً أول رئيس محتمل، كان يرتقب توريثه العرش، هو جمال مبارك، وأخاه أيضاً علاء مبارك!
لم أكن أتخيل، أن يمكن أن نعيش، لنرى يوماً، رئيس جمهورية عربى، يصبح "الرئيس السابق"، ليس هذا فقط، بل يتم استجوابه، والحكم بسجنه، فى سابقة هى الأولى بعد محاكمة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، عقب اعتقاله على يد قوات الاحتلال الأمريكى، وسجنه، ومن ثمَّ إعدامه.
ما يحدث فى مصر، لا شكّ أنه درسٌ قاسٍ، ليس لمن سيرأس مصر لاحقاً، ولكن أصبح جرس الإنذار لكل الحكام العرب، خاصة فى الجمهوريات الملكية، التى كتب عنها ذات يوم، أستاذنا الدكتور سعد الدين إبراهيم، ما عرّضه لمتاعب لا تنتهى، وإن كان فى النهاية، أعلن قبوله ترشيح جمال مبارك لمقعد الرئاسة، وهو نفس الرأى الذى أعلنه كثيرٌ من المتحوّلين فى الإعلام المصرى، الذى الآن يركبون خيل البطولة فى الثورة المصرية الحديثة.
وإذا كان الكلام عن احتمالات إيداع الرئيس السابق السجن، يبدو حتى الآن ممكناً، بغض النظر عن الدوافع الإنسانية التى يتحدث كثيرون عنها، بل إن ترجيحات السجن والمحاكمة، رغم أنها مطلب شعبى، لا تراجع عنه، حتى الآن على الأقل، تظل الأوفر حظاً، ومن ثمّ يصبح المشهد المقبل على الساحة المصرية، الأكثر صدمة لوعى النخب السياسية الحاكمة فى عالمنا العربى، للمرة الثانية فى أقل من خمس سنوات.
لم يكن أحد فى مصر كلها، ولا فى عواصمنا العربية يتخيّل ما يجرى، ورغم الأقاويل عن ضغوط عربية ما، لتجنب محاكمة الرئيس السابق، ورغم استدعاء الأحاديث الأبوية، واعتبارات السن، والمهانة، إلا أن المشهد المصرى، وتفاصيله، تبدو المسيطرة والغالبة لسنوات مقبلة، لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعها، أو حتى يتوقع هذا السقوط المذل لأركان دولة كانوا طيلة سنوات تجسيداً لنموذج الدولة الإلهية، بشخوصها وحوارييها، وشياطينها، وسحرتها وكهنتها، وشيوخ زارها وحلقات ذكرها وتمجيدها!
من "أطول رئيس وزراء فى مصر" دخل القفص الحديدى، بعد أن دخل القفص الذهبى قبل أقل من عام، إلى بقية الشلة "المستنفعة" رئيس الوزراء الذى دخل الوزارة من باب تقنية المعلومات، خرج منها إلى باب زنزانة صغيرة فى ليمان طرة، بعد أن سجّل نفسه كأول صاحب "قفصين" شهيرين، فى التاريخ الوزارى المصرى، الأول اشتراه بزواجه، وهذا لا علاقة لنا به، لكن المصيبة فى الثانى، الذى أخاف أن يضحك عليه محترفو الخصخصة واللهف واللطش، ويقنعوه بأن يبيعه، كما باع كل شىء فى البلد، خاصة أن الزبون جاهز، وعلى بعد خطوات منه، ربما فى زنزانة مواجهة أو مجاورة، ولن أفاجأ إذا علمت أن أحمد عز اشترى "حديد" أقفاص السجون، ليجعل منها مشروعه المقبل فى السجن!
............
............
اللهم لا شماتة..
فقد انضم أيضاً لحكومة المعتقل، صاحب مقولة "إننا نعيش فى أزهى عصور الحرية والديمقراطية" صفوت الشريف، مهندس النظام الأبشع فى المرحلة السابقة، ولأن جمهورية المعتقل ستكون فى أمسّ الحاجة ل"ترزى" قوانين، ومجلس شعب من إياهم، فأصبح من الضرورى جداً، وجود رجل بحجم الدكتور فتحى سرور، لتكتمل الصورة تماماً.
الأول لم يصدق "أن شوية عيال عملوها" وزجوا به إلى السجن، فيما الثانى، لم يستطع منع دموعه، بعدما رأى "الكلابشات" تطوّق يديه، فانهار تماماً وسقط على الأرض، دون أن يصدق أن عربة الترحيلات، باتت فى انتظاره، دونما حرس هذه المرة، دونما تشريفات، وعادت للوجود "مضبطة" من نوع آخر ليست مضبطة سيد قراره كما كان يفضّل ويفصّل.
بدل حكومة الظل، التى شكلت عقب الانتخابات الفضيحة السابقة، والتى أخرج فيها، بلطجية النظام ألسنتهم ومدوا أيديهم وأرجلهم وأصابعهم فى عين الشعب، أصبحت لدينا حكومة كاملة العدد فى السجن.. برئيسها، ورئيس وزرائها، وزرائها، ورئيسى مجلس شعبها وشوريها.
إنها حكومة جمهورية تورا لاند..
يا للتاريخ المرّ..
ما بين "تورا بورا" فى أفغانستان و"تورا لاند" فى مصر، خيط رفيع جداً من المأساة.
الأولى، كانت كهوفاً أعادتنا للعصر الحجرى، احتوت الإرهاب كما خبّأته العمائم، بينما الثانية، باتت زنازين بلورت قمّة قلّة الذمة والضمير، فَحَوَتْ الفساد، كما تاجرت وفاجرت به البدل الشيك، والكرافاتات المزركشة، والأحذية المستوردة خصيصاً من الخارج!
.....
....
فى زيارة عائلية، لبّيت فيها ولأول مرّة، دعوة أحد المعارف، من الذين فتح الله عليهم أوسع أبوابه، ذهبت بعد إلحاحٍ، إلى سان استيفانو بالإسكندرية، حيث كان يسكن فى أحد أبراجه، بين المنظر الساحر للبحر، وبين الارتفاع الهائل، رأيت الناس من التراس الكبير، صغاراً للغاية، كانت السيارات فى الليل، تتحرك كنقاط ضوء، سرعان ما تختفى، فهمت لماذا دائماً ما يضحك علينا حكامنا، ويسخرون منّا، بل ربما يعتبروننا مجرد أصفار تمشى على الأرض، حمدت الله، فى سرّى، أننى أقطن بالدور الثانى.. ثم جلست أفكر قليلاً، وأسرح خاصة بعد أن اقترح على أحد الجالسين، بأنه بإمكانى أخذ شقة فى هذا البرج.. ثم مازحنى: "يا راجل.. هو أنت أقل منها".
وكى لا أبدو "أقل منها" فعلاً فقد هززت رأسى متردّداً، أو متمنّعاً أو مترفّعاً، كى لا أجلب الازدراء، صاح أحدهم مرّة أخرى بتفاخر: "دا حتّى أحمد نظيف واخد فى الدور ال18".. لاحظوا قال أحمد نظيف، هكذا "حاف"، دون لقب دكتور، أو باشا أو بيه، أو حتى رئيس وزراء مصر، فأيقنت أن "زيتهم فى دقيقهم" ولا كلفة بينهم، يعنى زى ما بيقول أخوانا فى الطبقات الراقية "سان فاسون"!
وكمن لدغه عقرب، قلت بتواضع: بحد.. دانا لى الشرف أن أكون جاراً لأحمد بيه، ثم أردفت نكتتى المعهودة :"ع الأقل، سأغسل أكثر بياضاً.. ثم استأذنت مقهوراً، بعد أن ألقيت نظرة على الكورنيش، أدرك أنها لن تتكرر مرة أخرى، ومن هذا المكان تحديداً، ومن الدور 23 أو 21 لا أذكر.
..............
..............
فى خبرٍ عاجل، نشره (اليوم السابع) الثلاثاء 12 أبريل، قال الزميل محمد عبد الرءوف: إنه فى مايو المقبل، يمر 83 عاماً على إنشاء سجن مزرعة طرة.. كتاب وسياسيون ورجال أعمال ووزراء وجواسيس قضوا لياليهم داخل زنازين السجن الذى أنشئ عام 1928 بقرار من مصطفى باشا النحاس" وأضاف "ليمان طرة، يحتفل هذا العام فى عيد ميلاده الثالث والثمانين، بنوعية جديدة من النزلاء، وإن لم تصدر ضدهم أحكام قضائية، فهم هناك قيد التحقيق فى تهم فساد ورشوة واستغلال نفوذ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام وقتل المتظاهرين سلمياً، إنهم رجال النظام السابق وأصحاب السلطة والحكم والمال والنفوذ عصفت بهم ثورة 25 يناير إلى الزنازين وسط حراسة مشددة".
وأكمل:"الصدفة كل الصدفة جمعت الاحتفال بمرور 83 عاماً على إنشاء سجن مزرعة طرة، مع الاحتفال بعيد ميلاد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، الذى يحتفل هو الآخر فى 4 مايو المقبل بعيد ميلاده الثالث والثمانين.. نزلاء سجن المزرعة الجدد، جعلوا منه أشهر سجون مصر على الإطلاق..".
يا الله..
إنها المفارقة التى لم يتوقعها أحد..
كأن التاريخ يفصح عن نفسه، ويعطينا الرسالة، التى يبدو أن أحداً لم يستعد لها، أو يستوعبها بعد؟!
حتى نحن الموقعين أعلاه أو أدناه!
** كاتب صحفى مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.