"الوطنية للانتخابات": تصعيد المرشح سيد عيد لخوض جولة الإعادة بعد وفاة أحمد جعفر    العدل: معايير النزاهة في الاستحقاقات الانتخابية منارة تضئ طريق الديمقراطية    وزير الإسكان: حريصون على تحقيق التكامل بين المدن الجديدة والمحافظة الأم    وزيرة التخطيط تبحث مع وفد بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    الآلاف ينضمون إلى الجيش الفنزويلى وسط تصاعد التوتر    زيلينسكى: أى تنازل عن أراضى لروسيا يجب أن يصدر من المواطنين مباشرة    رئيس المصري: أشعر بالفرحة لاقتراب افتتاح الاستاد الجديد    أزارو: لاعبو المغرب يقدمون أفضل ما لديهم في كأس العرب 2025    3 نصائح من حسام حسن في زيارته للاعبي منتخب الناشئين    الأرصاد: طقس معتدل نهار الجمعة.. والعظمى بالقاهرة 20 درجة    حبس شخص انتحل صفة مأذون بالعباسية    إكسترا نيوز: لا شكاوى جوهرية في ثاني أيام التصويت وإقبال منتظم من السيدات    وزارة التعليم توضح : لا يجوز حرمان الطالب غير المسدد للمصروفات من دخول الامتحان    حازم بدوي: اطمئنوا أصواتكم محصنة وإرادتكم نافذة    الشيخ يعلن تشكيل وادي دجلة لمواجهة بتروجت في كأس عاصمة مصر    انتقادات قاسية ورسائل مبطنة.. هل على أوروبا توقع نهاية الدعم الأمريكي لأوكرانيا؟    وزير الدفاع الصومالى لترامب: ركز فى وعودك الانتخابية ولا تنشغل بنا    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    تحصين 320 كلبًا خلال أسبوعين في الدقهلية| صور    لجان خاصة بذوي الإعاقة، تجارة عين شمس تعلن الجاهزية لامتحان 60 ألف طالب    أنتونى هوبكنز وإدريس إلبا وسلمان خان على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر    عبلة كامل تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    «هما كده» أغنية جديدة لمصطفى كامل ويطرحها السبت    لبلبة من ختام البحر الأحمر: سعيدة بردود الفعل على جوازة ولا جنازة    رئيس الوزراء يستعرض مشروع المنظومة القومية لتتبع المستحضرات الدوائية    تحذيرات عالمية من خطر هذا الشتاء.. ما هى سلالة أنفلونزا H3N2    حصاد الوزارات.. رئيس هيئة الدواء يبحث مع مسؤولى مؤسسة جيتس تعزيز التعاون    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    رئيسا العراق وتركمانستان يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية    اتحاد الكرة يوافق على تأجيل مباراة الزمالك وبلدية المحلة 24 ساعة    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    محافظ كفر الشيخ: الانتهاء من تدريب وفد من 10 دول أفريقية على تقنيات تحسين تقاوى الأرز    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    رئيس نادي الخلود: صلاح لا يناسب الدوري السعودي.. واختيار فينيسيوس أفضل    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    اليوم.. الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة إنبي في كأس عاصمة مصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم السابع تقتحم السوق السوداء لتجارة الأعضاء
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 06 - 2008

شارع جانبى بجوار مستشفى أحمد ماهر الجامعى بحى السيدة زينب يقودك إلى وكر تجارة الأعضاء البشرية الذى يتخذ من إحدى المقاهى الشعبية واجهة له. فى هذا الوكر تجد كل ما تريد من قطع الغيار البشرية بداية من الدم ومروراً بالبنكرياس والقلب وصولا إلى الكلية وفصوص الكبد.
على كراسى مقهى المنيرة جلسنا لنشاهد كافة أبطال المأساة، متبرعين وسماسرة ومشترين. السماسرة نوعان، الأول من يتبع مكاتب توريد الأعضاء البشرية، والنوع الثانى يتبع الأطباء الذين يقومون بنقل الأعضاء، وكلا النوعين من ذوى الملامح المألوفة، فهو من رواد المقهى مهامه تبدأ باصطياد المتبرعين وإقناعهم فى المرحلة الأولى النفسية، وبعد الانتهاء منها تبدأ المرحلة العملية بتغيير بطاقة المتبرع الشخصية لأن القانون المصرى يحظر التبرع سوى للأقارب من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة فقط.
بعدها يبدأ الاتفاق و التفاوض المختلط دائما بالنصب، فإذا وصل الاتفاق إلى خمسين ألف جنيه للمتبرع فإنه يفاجأ بعد إجراء العملية بحصوله على عشرة آلاف جنيه فقط والباقى نصيب السمسار.
القرار صعب فى أن تفكر أن تطلب شيئا تشربه فى هذا المقهى لأن كل الطلبات بشرية ولها تسعيرة محددة، فالكلى هى الأكثر طلبا ويصل سعرها إلى 80 ألف جنيه تقسم بين كل من المتبرع والجراح والسمسار. أما فصوص الكبد فيصل سعرها إلى 100 ألف جنيه، أما البنكرياس فسعره لا يتعدى40 ألف جنيه.
جذبنى من زراعى وهمس فى أذنى قائلا "بائع ولا شارى " فقررت اختيار الخيار الثالث ...الكذب !! أجبت بمنتهى الصراحة أريد "كلية لأحد أقاربى ووصف الكثيرون لى هذا المكان لأشترى منه ، تقدر تساعدنى "...لم تمر إلا دقائق معدودة وعاد بقائمة الأسعار وكان على أن اختار فاخترت الكذب مرة أخرى وقلت له سأفكر فى الأمر و أعود بعد بضعة ساعات.
انتهزت فرصة وجود أحد الزبائن بجوارى و سألته عن طبيعة وحقيقة عمل هذا المقهى و الذى وصفه حسين محمود أحد الرواد ب "دكان بيع الأعضاء البشرية"، مشير الى أن هذا الوصف يطلق على المقهى من الجميع السماسرة والأطباء وحتى المرضى والمتبرعين ، وقال : على كراسى المقهى تتم كل مراحل البيع واعتدت رؤية نفس الوجوه على كراسى هذا المقهى وعلى العديد من مقاهى المنطقة بحكم عملى فى مستشفى أحمد ماهر. سألته عن المتبرعين أو البائعين فقال هم غلابة لا يملكون إلا أجسادهم التى قرروا أن يبيعوها فى ظل الوضع السيئ.
وهنا انتهى الكلام على كراسى مقهى المنيرة قبل تكسيرها فوق رؤوسنا فصاحب المقهى تعرف على شخصيتى بمجرد إخراجى الكاميرا والقلم من حقيبتى. اصطحبنى الموظف بمستشفى أحمد ماهر التعليمى إلى مقر عمله، ورأيت بداخله ضحايا جدد لعملية البيع والشراء، والتفاصيل دائما أكثر قسوة والقصص والأسماء متشابهة مثل تشابه حالتهم وأعضائهم.
همت محمود والتى ترقد للعلاج فى مستشفى أحمد ماهر قررت أن تتنازل عن كليتها مقابل سداد ديونها التى تراكمت عليها، فباعت كل شيء حتى أثاث منزلها وحتى شقتها لتعيش مع أهل زوجها فى منزل واحد ولكن كل هذا لم يسدد ديونها فتوجهت إلى قهوة السماسرة، حيث العرض والطلب وقدمت نفسها على أنها متبرعة بكليتها فى أسرع وقت، وكان هذا كافيا ليبدأ السمسار عمله أيام قليلة، وعادت همت إلى أولادها حاملة معها كيس أسود صغير به 20 ألف جنيه هى ثمن جزء من جسدها على اعتبار أن بيع كليتها أحسن من بيع نفسها كل ليلة.
سوق آخر يختلف فى نوعه ولكنه يتشابه فى بضاعته وحتى رواده، فمن خلال شبكة الإنترنت تستطيع الدخول إلى سوق سوداء إلكترونية لمافيا تجارة الأعضاء البشرية التى تبدأ بالعرض والبيع والشراء لتصل إلى إقامة مزادات على الإنترنت للأعضاء السليمة، ومن على أحد هذه المواقع فتحنا حوارا مع مجموعة من الشباب الذين عرضوا من خلال الموقع أعضاءهم البشرية للبيع بداية من الكلى والكبد والبنكرياس وحتى الدم تاركين أسماءهم وأرقام هواتفهم المحمولة وحتى عناوينهم العادية والإلكترونية.
عبد الوهاب شاب حاصل على مؤهل جامعى، يعول أسرة مكونه من 5 أفراد بعد وفاة والده، ترك كل بياناته ومعها كليته للبيع، واصفا ظاهرة تجارة الأعضاء من خلال الإنترنت بأنها تطور لإجراءات البيع لأن الظاهرة نفسها قديمة جدا منذ بداية السبعينيات من القرن الماضى، ويضيف :"من حقى أن أبدأ حياتى بمشروع أعيش منه أنا واخواتى بعد أن توقفت عن العمل لفترة طويلة".
وتحت عنوان "أنا للبيع" سجل إيهاب حسين اسمه ورقم هاتفه بالموقع وأبدى موافقته على التبرع بشكل قانونى تماما وللجادين فقط معلناً رفضه التحدث معنا لأننا لسنا من الجادين من وجهة نظره. أما سعد حسين فيرى نفسه واحدا من الناس الذين يعانون ويقول :" أعانى حالة مادية سيئة ولو عرض على أن أبيع جزءاً من كبدى مقابل مبلغ من المال سوف أوافق، وأنا بالفعل أبحث عن أحد أعطيه جزءا من كبدى مقابل 150 ألف جنيه مصرى".
من ناحية أخرى مازال مشروع قانون نقل الأعضاء البشرية حبيس الأدراج تحت قبة البرلمان منذ عام 1997، ومن وقت لآخر تثار حوله المناقشات من مجلس الى آخر ومن دورة برلمانية لأخرى، وعلى الرغم من موافقة جميع الأطراف الطبية والدينية لم يخرج المشروع الى النور حتى الآن. ويضم مشروع القانون 19 مادة كلها تنتهى إلى حظر نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوى وللحفاظ على حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم, وبشرط ألا يترتب على النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته.
كما يشترط المشروع أن تكون موافقة المتبرع كتابية ويحظر التعامل مع أى عضو بشرى من أى شخص على أساس البيع والشراء, كما يحظر على أى طبيب إجراء جراحة لنقل عضو من شخص لآخر لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له, ولا يجوز إجراء عملية النقل فى غير المستشفيات والمراكز الحكومية، وبموجب القانون تنشأ وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة وتكون لها الشخصية الاعتبارية تتولى عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة.
وفى كل الأحوال لا يجيز المشروع نقل الأعضاء إلا من مصريين إلى مصريين وإلى الأجانب فى حالة واحدة هى أن يكون المنقول له قريباً للمتبرع المصرى حتى الدرجة الثانية على الأكثر. كما أجاز المشروع النقل من المتوفين إلى الأحياء بشروط، أولها أن يكون المتوفى قد أوصى بالتبرع قبل وفاته كتابة أو بشهادة اثنين من أقاربه بعد وفاته وأن يكون التبرع دون مقابل.
وتضمن المشروع عقوبات للمخالفين تراوحت بين الحبس الذى يصل إلى عشر سنوات والغرامة ما بين 10000 آلاف إلى 50000ألف جنيه حسب قول الدكتور حمدى السيد أستاذ جراحة القلب، ونقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب، ويجوز أيضا للمحكمة أن تقضى على الأطباء المخالفين لضوابط المشروع بالحرمان من مزاولة المهنة مدة تصل إلى ثلاث سنوات, ومصادرة الأدوات المستعملة وغلق المؤسسة التى ارتكبت فيها المخالفة مدة تصل إلى سنة.
ويشير نقيب الأطباء الدكتور حمدى السيد إلى أن المشروع بصورته الحالية يعد تدعيما لدور نقابة الأطباء بتوسيع سلطاتها الرقابية على الأطباء فقط لتشمل سلطة التحقيق والحبس والغرامة لكل من الطبيب والمنشأة الطبية، كما أن صدور القانون سوف ينهى الأمر ويحمى المرضى المصريين من المتاعب ويحمى السوق الصحى المصرى من الفساد والتجارة السوداء فى لحوم البشر.
المفارقة أن تأجيل خروج القانون إلى النور مرتبط بالإباحة الدينية، على الرغم من إعلان مجمع البحوث الإسلامية فى فتوى صريحة له عام 1997 أن الموت شرعا هو مفارقة الحياة للإنسان مفارقة تامة بحيث تتوقف كل الأعضاء بعدها توقفا تاما عن أداء وظائفها ، متفقا فى ذلك مع التشخيص الطبى للوفاة , فإذا أقر أطباء ثقة متخصصون بحدوث الوفاة يجوز نقل عضو من جثة الميت الى الحى إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل موته كتابة أو شهد بذلك أثنين من ورثته و إذا لم تتوفر الوصية او موافقة الورثة يكون الإذن من السلطة المختصة , وفى كل الأحوال يجب أن يكون النقل بلا مقابل وألا يترتب على العضو المنقول اختلاط للأنساب.
واستند مجمع البحوث الإسلامية فى فتواه إلى القاعدة الشرعية " الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف " وهذا ما استندت عليه 20 دولة مسلمة طبقت قانون نقل الأعضاء البشرية فى مقدمتها المملكة السعودية التى حسمت كل ألوان الجدل الفقهى و العلمى، فسمحت بنقل الأعضاء منذ ما يزيد عن عشر سنوات بالإضافة إلى 85 دولة أخرى.
وأعلنت وزارة الصحة عن تشكيل لجنة لمراقبة عمليات نقل الأعضاء فى حالة صدور القانون، تضم فى عضويتها ممثلا من مجلس الدولة وآخر عن نقابة الأطباء وعددا من الأطباء فى التخصصات المختلفة، وستكون مهمتها تحديد المخالفات والتجاوزات والإجراء الذى تستحقه وإنشاء هيئة مركزية لضمان تحديد لحظة الوفاة ومتابعة إجراءات الزرع بالإضافة إلى تحديدها لمستشفى واحدة فى كل محافظة تسجل فيها كل عمليات زرع الأعضاء، واعتبار أى عملية تجرى خارجها مخالفة ويعاقب كل من شارك فى إجرائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.