المؤتمرات الاقتصادية التى تعقدها الدول تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وشرح خريطة الاستثمارات فى جميع القطاعات الاقتصادية بما يعمل على زيادة تدفقات رؤوس الأموال وتعزيز أرصدة العملة الصعبة، إلى جانب تقديم خطط الحكومة وطمأنة المجتمع الاستثمارى ورجال الأعمال حول خطط الحكومة للمرحلة المقبلة. وتعكف مصر على تنفيذ عدة مشروعات قومية عملاقة أهمها تنمية إقليم قناة السويس، إلى جانب مشروع المليون ونصف المليون فدان إلى جانب مشروعات فى مجال البنية الأساسية أهمها الكهرباء والطرق، بما يدعم فرص التوظيف للشباب ودفع النمو فى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، والذى من المتوقع أن يصل إلى 5% خلال السنة المالية الجارية 2015 - 2016. وتعقد مصر عدة مؤتمرات اقتصادية مهمة خلال العام الجديد أهمها مؤتمر دعم الاستثمار فى الصعيد، والذى تم تأجيله عدة مرات وسوف تحدد موعده مؤسسة الرئاسة خلال الفترة المقبلة، إلى جانب مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى نسخته السنوية الأولى بعد دمجه فى مؤتمر دافوس الاقتصادى الإقليمى المقرر أن تستضيفه مصر بشكل مبدئى فى شهر مايو المقبل، وهو الحدث الأهم اقتصاديًا خلال العام الجديد. ويعقد اتحاد المصارف العربية، مؤتمرًا دوليًا تحت عنوان «التمويل والاستثمار فى تعزيز الاستقرار» فى مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 28 إلى 30 يناير 2016، وسط مؤشرات بحضور اقتصادى عربى ودولى كبير خلال المؤتمر الذى يتم التحضير له حاليًا. ويشهد عالمنا المعاصر أحداثًا متسارعة أدت إلى تحولات جذرية فى النظام الاقتصادى والسياسى العالمى، كما أسفرت عن العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية، فى حين احتلت التحديات الاقتصادية موقع الصدارة لما تتطلبه من اتخاذ العديد من الوسائل والآليات التى تساهم فى تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادى، ويواجه عالمنا العربى العديد من تلك التحديات التى تؤثر على استقراره الاقتصادى والاجتماعى والأمنى. وتستهدف مشاركات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الفعاليات الدولية وأهمها مؤتمر دافوس الاقتصادى واللقاءات الاستثمارية والاقتصادية الثنائية التى يعقدها خلال زياراته لدول العالم المختلفة إلى طمأنة المجتمع الاستثمارى العالمى وإطلاعه على فرص الاستثمار فى مصر وخطط الحكومة فى دفع عجلة النمو فى الناتج المحلى الإجمالى. ويأتى الدور المهم للبنوك خلال الفترة الحالية مع سيولة متوفرة تتجاوز ال600 مليار جنيه، والعمل على تطوير منظومة الائتمان فى البنوك لتكون بوتيرة أسرع بضخ الائتمان، والاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وضخ التمويلات اللازمة للمشروعات القومية والخاصة بجميع أحجامها خاصة مشروعات المنطقة الاقتصادية لإقليم قناة السويس. ويبلغ إجمالى ودائع المصريين بالبنوك - بما فيها الودائع الحكومية - وهو مستوى تاريخى جديد ليسجل 1.843 تريليون جنيه، فى نهاية شهر سبتمبر الماضى، مقارنة ب 1.809 تريليون جنيه - التريليون يساوى 1000 مليار - وذلك بنهاية شهر أغسطس 2015، بزيادة تقدر بنحو 34 مليار جنيه. ويعد القطاع المصرفى أحد أهم ركائز الاقتصاد المصرى حاليًا بمعدلات سيولة وقاعدة رأسمالية جيدة ساهمت فى تجاوز هذا القطاع للعديد من الأزمات المحلية والدولية، وهو رهان المستقبل لتمويل المشروعات خلال الفترة المقبلة، نظرًا لأن نسبة القروض إلى الودائع بهذا القطاع تصل إلى نحو 45%، وهو ما يؤكد أن السيولة كافية لتمويل جميع أحجام وأنواع المشروعات بما يسهم فى زيادة نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصر. وتجاوزت البنوك العاملة فى السوق المحلية أصعب اختبار لجميع إداراتها، بنجاح الاكتتاب فى شهادات استثمار قناة السويس وجمع 64 مليار جنيه خلال 8 أيام، والذى شكل الحدث الاقتصادى والمصرفى الأبرز على الإطلاق خلال عام 2014، فى مشهد عبقرى صنعه المصريون، وساهم الاكتتاب فى دخول أموال جديدة تقدر بنحو 27 مليار جنيه لشراء الشهادات من خارج الجهاز المصرفى، مما يؤكد أن البنوك جاهزة بجميع إداراتها لتمويل التنمية والدخول فى أصعب العمليات، مع العلم بأن أكبر حجم عمليات مصرفية فى تاريخ القطاع المصرفى المصرى وهو إدارة طرح شهادات استثمار قناة السويس تم خلال العام الماضى فى فترة وجيزة. وخلال الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، لجأت البنوك العاملة فى السوق المحلية إلى توظيف السيولة العالية لديها فى أدوات الدين الحكومية - أذون وسندات الخزانة - كبديل استثمارى آمن لفوائض الأموال فى ظل ارتفاع العائد على تلك الأدوات الذى وصل إلى 16% فى أوقات سابقة، وكان هذا البديل الاستثمارى أمام البنوك نتيجة تراجع الطلب على الائتمان من قبل الأفراد والشركات، نتيجة الحذر الذى سيطر على المستثمرين والترقب الذى ساد الأسواق نتيجة الاضطرابات الأمنية والسياسية، ومع الاستقرار الذى تحقق مؤخرًا والتحسن فى مؤشرات الأداء الاقتصادى ورفع تصنيف مصر الائتمانى سوف تتجه البنوك إلى تمويل المشروعات الجادة. ويعلق المواطن المصرى آماله فى مستوى معيشة أفضل، على تحركات الحكومة الحالية، وأن تكون أسعار السلع والخدمات فى متناول يده، ومؤشرات الاقتصاد المصرى رغم التحديات التى شهدتها خلال 2015، إلا أن الإجراءات الاقتصادية والمصرفية الأخيرة تؤكد أن العام الجديد يحمل الكثير من الأمل فى مستقبل أفضل. ويعد ضبط منظومة الأسعار والعمل على استقرارها وهو ما بدأ طارق عامر، بالفعل فى إجراءاته خلال الفترة الماضية، بالتنسيق مع الحكومة، ودشن برفع العائد على شهادات الادخار الثلاثية لتصل إلى 12.5%، مما عمل على جذب محفظة ودائع لهذا الوعاء الادخارى يقارب ال100 مليار جنيه، ورفع عائد «الكوريدور» بالبنك المركزى ب0.5%، وتحركات جوهرية خاصة بضخ السيولة الدولارية بنحو 8 مليارات دولار. وأهمية تفعيل أداء المجلس التنسيقى للبنك المركزى، وهو ضرورة فى ظل دقة المرحلة الحالية ومتطلباتها من ضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفى السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية وأعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية، بعد مطالب كثيرة خلال الفترة الماضية بوجود هذا التنسيق، خاصة مع تشكيل رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزى، ووزراء الاستثمار والمالية والتجارة والصناعة ونائب محافظ البنك المركزى، ووكيل محافظ البنك المركزى لقطاع السياسة النقدية والذى تشغله الدكتورة رانيا المشاط، وعضوية الدكتور فاروق العقدة، والدكتور محمد العريان، والدكتورة عبلة عبداللطيف. ويعد الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذا أولوية قصوى لدى الحكومة وجميع البنوك خلال العام الجديد، فى ظل اهتمام طارق عامر بزيادة المحفظة الخاصة به إلى أكثر من 100 مليار جنيه خلال السنوات المقبلة، وبعد التعريف الموحد الذى أطلق من قبل البنك المركزى المصرى مؤخرًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وهو خطوة مهمة على طريق دفع النمو فى هذا القطاع وتوجيه البنوك لحجم كبير من محافظها لضخ تمويلات فى هذا القطاع الحيوى، خاصة فى ظل مبادرة جديدة تلزم البنوك بالتمويل، وتفعل آلية الرقابة من البنك المركزى على هذه التمويلات من البنوك.