أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية والصحف العبرية بكل أشكالها وتوجهاتها فى تل أبيب اليوم الأربعاء، على فشل إسرائيل فى عملية السيطرة على أسطول "الحرية"، حيث افتتحت صحيفة معاريف صفحتها الرئيسة وموقعها الإلكترونى بعنوان بالبنط العريض "فشل تلو فشل" مؤكدة أن العملية بدأت بفشل مخابراتى وتواصلت بفشل عسكرى فى ميدان العملية، وأنه عقب انتهاء العملية العسكرية أضافت الحكومة الإسرائيلية فشلاً سياسياً جديداً، مشيرة إلى أن الاتهامات بين القادة بالجيش ووزراء الحكومة تبادلت بشدة قبل أن يتضح حجم الكارثة التى وقعت فيها إسرائيل فى أعقاب عملية قوات البحرية الإسرائيلية. ووصف الكاتب الإسرائيلى بمعاريف، أوران فريسكان، الفشل الذى تلقته إسرائيل بأنه يشبه إلى حد كبير هزيمتها فى حرب السادس من أكتوبر على يد القوات المسلحة المصرية. وأشارت صحف تل أبيب إلى الفشل الإعلامى الذى أعقب جميع أنواع الفشل السابقة، حيث إنه خلافاً لحالات مطاردة الوزراء الإسرائيليين للظهور فى وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن هذه المرة هربوا من أمامها، فى الوقت الذى ثار فيه العلم ضد إسرائيل بسبب ارتكابها الجريمة فى حق ناشطى السلام فى أسطول الحرية. وفى نفس السياق، طالبت صحيفة هاآرتس بتشكيل لجنة تحقيق فى العملية، مشيرة فى افتتاحيتها على موقعها الإلكترونى إلى أن النتائج كانت معروفة عندما انطلق الجيش الإسرائيلى المسلح والمدرب جيدا إلى حرب ضد أسطول "الحرية" يتضمن سفناً مدنية محملة بمدنيين وغذاء وأدوية. وأشارت الصحيفة إلى أن النتائج "الكارثية" لهذه العملية لن تقف عند تدهور العلاقات مع تركيا فحسب، بل إن هذه العملية وضعت المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين فى نقطة حرجة، إلى جانب أنها خلقت ضغطا كبيرا على مصر – على حد وصفها- لفتح معبر رفح، لافتة إلى أن دولا أوروبية لن تكتفى بإلقاء اللوم والتوبيخ على إسرائيل فقط، وأن حماس حققت انتصاراً هائلاً دون أن تطلق صاروخا واحدا تجاه إسرائيل. وأكدت هاآرتس على أن المسالة لدى صناع القرار فى الحكومة الإسرائيلية تركزت على من سيحظى بتأييد الرأى العام، ولم يكن يعنيهم من سينتصر فى هذه المواجهة، مشيرة إلى أن حكومة نتانياهو فشلت فشلاً مطلقاً فى هذا الاختبار، مضيفة أن إسرائيل بعد أن كانت ترى أن سياسة الحصار المتواصل على غزة مسألة وجودية، فقدت بسببها شرعيتها فى العالم، إلا أن سياستها تلك أصبحت قلقاً يزعج إسرائيل بفعل تلك العملية غير محسوبة النتائج. وتساءل الكاتب الإسرائيلى، ناحوم برنيج، فى تقرير له بصحيفة يديعوت أحرونوت "لماذا لم تنجح إسرائيل فى السيطرة على أسطول الحرية، وهى التى عرفت فى الماضى البعيد كيف تعطل سفناً معادية وهى ترسو فى الموانئ، ولماذا لم تفعل هذا الأمر هذه المرة؟"، مضيفا "ألم يكن من الأفضل تمكين السفن من المرور وأن تخلص نفسها من تلك الهجمة الدعائية ضدها؟". وأشار الكاتب الإسرائيلى إلى أن الحصار على غزة يعد النقطة التى تصر الحكومة عن مواجهتها، إلا أن الحصار الإسرائيلى أخفق، فلم يمنع دخول السلاح، والمواد القتالية إلى غزة، ولم يضعف حركة حماس، مضيفاً بأنه حصار فرضته الحكومة السابقة وتخشى الحكومة الحالية إلغاءه حتى لا تتهم بالضعف أمام حماس، مؤكداً على أن الحصار على غزة سيكسر فى النهاية، سواء لأن الحكومة الإسرائيلية ستخشى أى تورط آخر، أو لأن سفن سلاح البحرية التركية ستصحب الرحلات المقبلة وتحميها. وأضاف برنيج "إذا استمرت السياسة الإسرائيلية على حالها، فإن حماس ستقوى فى العالم العربى وفى الغرب، وسيقوى محور (تركيا إيران سوريا حماس) وستهبط صورة إسرائيل فى العالم إلى الحضيض، وتشتعل الضفة الغربية ويشتعل الوسط العربى فى إسرائيل". وعادت صحيفة معاريف فى تقرير آخر لمحللها السياسى، بن كاسبيت، بعنوان "سخافة مطلقة" أكد فيه أن الردع الإسرائيلى تلقى ضربة شديدة، وأن الصورة الإسرائيلية تلقت ضربة قاضية، وأن عملية الاستيلاء على أسطول الحرية حصل فى عمق المياه الدولية وجعل إسرائيل دولة قراصنة، متسائلا "ماذا ستفعل تل أبيب حين سيأتى الأسطول المقبل، الذى سيضم عدداً أكبر من السفن مع عدد أكبر من الناس وربما أيضا مع بعض السفن الحربية التركية؟". وأكد الكاتب الإسرائيلى أن ضرراً عظيماً سيلحق بإسرائيل فى أعقاب هذه العملية، فى مجالات لا حصر لها، سيبدأ بالفشل المخابراتى اللاذع، ويتواصل بفشل عملياتى عسكرى، ولكن العنوان الرئيسى سيكون الفشل السياسى، حيث رأى أن رأس هرم هذا الفشل يقف وراءه أولئك الذين أصدروا الأمر "الغبى" على نحو فظيع، والذى أنزل عشرات المقاتلين إلى عش الدبابير،على حد وصفه، وفيه مئات الإسلاميين العنيفين، الأمر الذى كسر قوة الردع لهذه القوة القوية أمام العالم. وأضاف المحلل الإسرائيلى أن شكل البحرية الإسرائيلية أهين أمام العالم وأمام الإيرانيين قائلا: "ماذا يفترض بالإيرانيين أن يفكروا بهذا الآن؟ الوحدة البحرية ال 13، الأكثر فخراً للشعب الإسرائيلى أهينت أول أمس أمام العالم، وبالتالى فإن الردع الإسرائيلى تلقى ضربة شديدة". وفى نفس السياق فى مقال ليوسى ساريد بصحيفة هاآرتس، اتهم وزراء اللجنة السباعية ب"الأغبياء السبعة"، مشيرا إلى أن صحيفته كانت قد حذرت مسبقا من الهزيمة التى تلبس ثوب النصر، مضيفا أن الذى أعد القوات لم يكن قائد القوة البحرية، بل الأغبياء السبعة.