يؤكد الدكتور أحمد جمال أبو العزايم، مستشار الطب النفسى وعلاج الإدمان، أن الصحة النفسية ترتبط بكل مجالاتنا، ولذلك من الصعب العثور على تعريف واحد للصحة النفسية لاتساع مجالاتها، ولكن يمكن القول بأن الصحة النفسية هى تمتع الإنسان بالاطمئنان والأمان مع نفسه ومع المجتمع واطمئنان المجتمع به. إن أولئك الذين يتمتعون بالصحة النفسية فى عطاء دائم لمجتمعهم وفى سعادة مقبولة ومندمجين باطمئنان مع وظائف حياتهم ولا يعانون من مشاكل فى تعاملهم مع أسرهم وأصدقائهم وأساتذتهم وزملاء العمل، إنهم قد يغضبون أحيانا وقد تمر بهم أيام غير ممتعة وأحيانا يتشاجرون مع الآخرين، ولكن مهاراتهم الاجتماعية تجعلهم قادرين على تجنب الخسارة فى علاقاتهم الاجتماعية والخروج من هذه العثرات بأقل الأضرار للنفس وللآخرين. وكما هو متوقع منهم فإنهم قادرون على الخروج من كوارث الحياة بخبرات تجعل هذه الكوارث دروسا للمستقبل وليست عوامل تحطيم الخبرات. والصحة النفسية ليست الشىء الذى إما أن تتمتع به أو تفقده، فكما أن الصحة يمكن الارتفاع بمستواها وتنميتها بالغذاء الصحيح والممارسة الرياضية الصحيحة، فإن الصحة النفسية أيضا يمكن تنميتها، فنحن نحتاج أن تكون فى أحسن مستوياتها لنا نحن وأطفالنا. ويختلف تعريف الصحة النفسية من بيئة لبيئة، كما يشمل تعريف الصحة النفسية السواء الشخصى والقدرة على تلبية الاحتياجات الشخصية والاستقلال والكفاءة والارتقاء بالذات. والصحة النفسية ليست فقط مجرد الخلو من المرض ولكنها شىء حيوى لا غنى عنها لاطمئنان كل فرد ومجتمع ودولة. وتتعلق الصحة النفسية بإحساسك بنفسك وبإحساسك نحو الآخرين كما تظهر قوتها فى سلوكك لمواجهة متطلبات الحياة. ويرى أبو العزايم، أن الصحة النفسية أسلوب حياة حيث يقول: إن مفهوم الصحة النفسية يرتبط ارتباطا أساسيا بأسلوب حياتنا الصحية، حياتنا النفسية الاجتماعية، ارتباطنا الدينى، علاقاتنا الأسرية وعلاقتنا داخل دائرة العمل كما تتشكل صحتنا النفسية من أسلوب اللعب وكيفية قضاء وقت الفراغ ومن مشاركتنا فى بناء مجتمعنا وفى المشاركة مع الجيران وأهل الحى الذى نسكن فيه فى أنشطة تطوعية لرفع مستوى حياتنا عامه. ولذلك يمكن القول بأن صحتنا النفسية تتشكل وتنمو من خلال ممارسة حياة متوازنة إن كثرة العمل المرهق مع قلة الترفيه وأسلوب الحياة الذى لا يهتم إلا بالنفس مع إهمال حقوق الآخرين قد لا يؤدى إلى مرض نفسى ولكن قد يقلل من تمتعنا بالصحة النفسية. وكما أن الوجبات الغذائية المتوازنة والنوم ثمانية ساعات بانتظام واستنشاق هواء نقى وممارسة بعض الرياضة يؤدى إلى تحسن الصحة العامة للفرد، فإن الحياة الأسرية الناضجة والتدين الراشد والأنشطة الاجتماعية والتطوعية تلعب دورا حيويا وهاما فى دعم الصحة النفسية، كما نحتاج إلى توازن عاطفى وانفعال واحترام للنفس وللآخرين والتحكم فى انفعالاتنا وفى قدرتنا على تحمل الاختلاف فى وجهات النظر مع الآخرين والقدرة على تحمل المسئولية وأخذ القرارات السليمة ومواجهة المشاكل ومقابلة النجاح والفشل بنفس مستوى التفاؤل للمستقبل ومواجهة كافة أعباء الحياة والمتطلبات الأخلاقية للمعاملات، خاصة لأطفالنا. إن الصحة النفسية توصف بأنها دعامة لحصانة الأسرة، حيث يترعرع الإنسان فى أسرة سعيدة متآلفة. إن ما يتلقاه الطفل من تربية ومحبة ومثل دينية سليمة سوف تكون مفتاحا لشخصيته فى مستقبل حياته. إن أكثر العوامل التى تؤدى إلى صحة نفسية سليمة للطفل لهى الحب والحنان والتشجيع للطفل وحياة آمنة لا يعكر صفوها المشاكل الأسرية، كما أن الطفل يحتاج إلى عدم تدليله، وكذلك الامتناع عن كثرة انتقاد تصرفاته. إن الأسرة الحكيمة تدرك اليوم أكثر من أى وقت أن الأطفال يحتاجون إلى حرص وتجنب الانفعال وحياة وجدانية هادئة وأن هذا الاحتياج هام كأهمية الغذاء والتعليم.