شهر المغفرة شهر الرحمة، الشهر الذى تتجلى فيه النفحات الربانية على العباد، شهر به ليله خير من ألف شهر إلا وهى ليلة القدر. إنه شهر رمضان الكريم الذى أتم الله تعالى فيه نزول القرآن على رسوله لينشر مبادئ وأسس العدل والرحمة بين العالمين، ولكن بعد تلك المقدمة القصيرة جدا والتى لا تستوعب حجم وقيمة هذا الشهر الجليل دعونا نبحر داخل أنفسنا لعلنا نستيقظ ونستفيد من نفحات هذا الشهر. تعالوا بنا نتخيل ماذا لو أصبحنا العام بأكلمة نقتدى بأخلاق وأفعال رمضان أعتقد أن الكثير سوف يتغير فى حياتنا. من المؤكد أن الصائم يمتنع عن السب والقذف وعن الطعام والشراب وعن أى شىء يخالف عقيدة الإسلام. بالفعل سيدى القارئ شهر رمضان ضد الشيطان. لأن الشيطان يعجز عن السيطرة على الصائم كما عجز من قبل عن سيدنا إبراهيم عليه السلام عند رؤيته بذبح ابنه وسيدنا عمرين الخطاب رضى الله عنه الذى كان الشيطان يسلك طريقا آخر. نعم لو التزم كل صائم كما يلتزم فى رمضان لتغير الكون لأصبحنا فى مقدمة الأمم. ولما كان منا الظالم والجائر والزانى والفاسد مع العلم بأنها سنة الحياة ولكنى أقصد القلة فى الأفعال الخبيثة. تعالوا بنا نناقش بعقولنا أمرا من أبسط الأمور الحياتية وهو العطف على الفقراء إن العطايا تكثر بشدة على الفقراء فى هذا الشهر للدرجة التى تجعلنا نشعر بأن الفقير منعدم الوجود بينا، هذا لأن الإنسان المتصدق يشعر بلذة الارتياح لأنه يطعم فقيرا. نعم زوال الفقر وكثرة النعم والعطايا قيلت فى أناس محددين(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) إذن الإنسان بطبعه رحيم ولكن تأتى قلة من الخبثاء على رأسهم الشيطان يوسوسون له بالأمر السىء. إنه السؤال يأتى فجأة: لماذا لا نواجه الشيطان ؟ ربما النفس البشرية منذ قديم الأزل والتى وسوس لها الشيطان فأخرج آدم عليه السلام من الجنة وربما ضعف الكثيرين منا تجاه نزواته وشهواته. فربما كانت الشهوات فى بعض الأوقات تحاصرنا فى ظل بعدنا عن الالتزام. ولكن دعونا نجعل رمضان بداية للعطف على الفقراء طوال العام دعونا نجعل رمضان عنوانا الأخلاق دعونا نجعل رمضان نبراسا لنا فى حياتنا. فى وقت نحن أشد فيه إلى ثورة على الأخلاق الفاسدة وتلك هى النقطة الثانية التى انتشرت بين السواد الأعظم من الناس إلا وهى الأخلاق السيئة. فلقد انعدمت العادات القديمة الجميلة والتى كان من أسسها احترام الكبير والعطف على الصغير وعدم التلفظ بأقبح الألفاظ. للأسف الشديد انعدمت الرحمة إلا من رحم ربى. نعم انعدم حب الوطن لدى البعض لانعدام الخلق والدين. كثرت حوادث التحرش والاغتصاب والسرقة والنهب وأكل الأموال بالباطل. وجد البعض أرض الوطن مرتعا للنهب فيه فى ظل انعدام الأخلاق والدين. ولا أجد نفسا لائما ولى الأمر قبل أن ألوم على أنفسنا. فكل إنسان مسئول عن نفسه إمام الله. أنها دعوة للثورة على الأخلاق أنها دعوة للحاق بركب الاحترام والتقدير أنها دعوة للجنة. كى نعود كما كنا نورث الأخلاق الحميدة لأبنائنا. لا أجد مبررا لمن يرتكب جريمة باسم الدين ولا أجد مبررا لمن يسرق بحجة الحاجة والكثيرون منا فى أمس العون والحاجة. لا أجد مبررا لمن يستغل نفوذه كى يجور بالظلم على الإفراد. ولكنى أجد مبررا وهو العودة إلى أخلاق شهر رمضان ونستغل هذه الغنيمة العظيمة كى نرتقى بأنفسنا ونطهرها من أفعال الشيطان.. نعم لقد استطاع رمضان أن يهزم الشيطان. فماذا نحن فاعلون مع الشيطان إذا رحل رمضان ؟ وصدق الله تعالى فى قوله "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"..