يقول أحدهم: "لقد أدركتُ أن الكراهية تُضيع كثيرًا من الوقت والطاقة؛ وأنا أفضل أن أوجِّه هٰذه الطاقة إلى الخير والعمل الإيجابى". حين نلقى بأنظارنا فى رحلة التاريخ لحياة البشر، فإننا نتعلم منها الدُّروس التى تُضيف إلى خبراتنا ما لم يمر بنا فى رحلة حياتنا. ومن أقسى ما قدم لنا التاريخ وأصعبه هى محاولات تخلص البشر من بشر مثلهم! فمن ذا الذى لم يسمع بالمذبحة الأرمينيّة خلال الحرب العالمية الأولى، التى أُبيدت فيها القرى الأرمينية بدعوى تعاونهم مع الروس والثوار الأرمن؟! وفى 24/4/1915م، أُلقى القبض على مئات من أهم الشخصيات الأرمينية فى "إسطنبول" وأُعدموا فى ساحات المدينة. ثم نزحت العائلات من الأرمن هربًا من الموت، فى رِحلات الموت فى صحارى بادية "الشام"! وفى عام 1937م، حدثت مجزرة "نانجينغ" بعد أن وقعت المدينة فى قبضة الجيش اليابانى الذى اقترف أعمالاً وحشية ضد المدنيِّين؛ ففى 19/12/1937م، كتب القَس "چيمس م. ماكالوم" فى مذكراته: "لا أعرِف: متى ينتهى هٰذا؟ لم أرَ فى حياتى مثل هٰذه الوحشية!..."، كما كتب "چون رابى" فى مذكراته، وهو كاتب ورجل أعمال ألمانى، وكان عضوًا فى الحزب النازى، ومر فى "نانجينغ" (عاصمة الصين السابقة) وشاهد على المجزرة التى ارتكبها الجيش الإمبراطورى اليابانى فيها: "فى إحدى جوْلاتى فى المدينة، كانت هناك جثث متناثرة كل 100-200 متر، كانت تبدو كأنها أصابتها رَصاصة من الخلف فى مكان الظهر، بمعنى أنه جرى قتلهم وهم يحاولون الهرب. وشاهدتُ بأم عينى نهب الجيش اليابانى للمحال التِّجارية". وفى أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، تعرض اليهود فى "أوروبا" لحركات إبادة جماعية من قِبل الحكومة النازية وبعض من حلفائها؛ بغرض التصفية العرقية لهم، وعُرفت تلك المذابح باسم ال"هولوكست" اليهودى. وفى مِصر، لا ننسى "مذبحة القلعة" فى 1811م، للتخلص من المماليك، و"مذبحة الإسكندرية" فى 1882م التى راح ضحيتها 250 مصريًّا و50 أوروبيًّا، و"مذبحة دنشواى" فى 1906م، و"مذبحة شاكيد" التى راح ضحيتها 250 مجندًا مصريًّا ذُبحوا ودُفن بعضهم أحياء بأيدى حملة "شاكيد" العسكرية التى قادها الضابط الإسرائيلى "بَنيامين بن أليعازَر". وما يزال هناك كثير من هٰذه البصمات المؤلمة المطبوعة على صفحات التاريخ الإنسانى فصارت علامات خزى للضمير البشرىّ! إن الحياة هى أن يحيا الإنسان مع الجميع وبالجميع. إنها المبادئ التى تمنح الإنسان الحقيقى العالم بأسره. فعلى سبيل المثال، ما يزال الزعيم "غاندى" يمثل نموذجًا لمعنى محبة الإنسان، ومعنى الحياة، إذ أحب الحياة للجميع فأخذ يردد: "لطالما لم أكُن أرغب فى تعلم الشِّطْرنج، لسبب لم يفهمه أصدقائى سابقًا وفهِموه الآن: وهو أننى لا أريد أن أقتل جيشى وجندى وكل ما على أرض الشِّطْرنج كى يحيا الملك"! حقًّا: "إن الوقوف على قدميك يمنحك مساحة صغيرة من هٰذا العالم، لٰكنّ الوقوف على مبادئك يمنحك العالم كله"! الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.