هل يفعلها الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة المصرى؟.. هل ينصف حرية الإبداع مرة واحدة ويتخذ موقفًا يحسب له فى تاريخه الوزارى؟ بدلًا من طريقة "الريس حنفى" الشهيرة وزوجته أم طعمة فى الفيلم العظيم "ابن حميدو" للمخرج المبدع فطين عبد الوهاب.. هذا هو لسان حال الكثير من المبدعين المصريين الذين أكدوا دعمهم وتأييدهم لقرار رئيس الرقابة على المصنفات الفنية عبدالستار فتحى والذى يحاول خلخلة قانون الرقابة "العقيم"، بتصريحاته التى قال فيها إنه سيتم تطبيق "التصنيف العمرى" للأفلام دون حذف أى مشاهد، مع العلم بأنه تراجع بعض الشىء عن تلك التصريحات، مؤكدًا رفضه للأفلام التى تدعو إلى الإلحاد والعنف والفتنة الطائفية"، وهى قائمة التهم الجاهزة لأى عمل إبداعى لا يكون على هوى المسئولين أو بعض رجال الدين. محاولة رئيس الرقابة - إذا اعتبرنا أنها محاولة جادة وجريئة فعلًا- ستكون خطوة لتغيير القانون الذى لم يشهد أى تطورات منذ إصداره فى خمسينات القرن الماضى، رغم التطور التقنى والعلمى الذى أثر بشكل كبير على المنتج الفنى وأدى لظهور أنماط من الإبداع لم تكن معروفة وقت إصدار القانون. هل يفعلها عصفور ويناصر حرية الفن والفنانين؟ أم أنه كعادته سيخشى الهجمة الشرسة لعلماء الدين، الذين لا يدركون شيئًا عن القوانين المنظمة للإبداع ويكتفون فقط بترديد جمل من نوعية "إن القانون الجديد سينشر الفحشاء"، حيث قال بعضهم "هذا كلام فاسد ويجب على الرقابة، أن تعود لعملها فى أمة عقيدتها الإسلام وتقاليدها العفة والاحترام والوقار، وأن تصنيف الأفلام العمرى تحديد فى غير موضعه لأن الكل ينظر إلى الأفلام والنظر إلى الأفلام العارية زنا حكمى"، دون أن يتبين أحد منهم ماهية هذا القانون، بل يطلقون تصريحات نارية مأرشفة وجاهزة للترديد فى أى شىء يتعلق بالفن، رغم أن التصنيف العمرى سيفعل جيدًا عملية إنتاج نوعيات أكثر من الأفلام، وسيزيد من حركة السينما ويساعد على إطلاق العديد من المواهب، ليس ذلك فقط بل أن الأفلام التى ستصنف للكبار فقط لن يرتادها إلا من هم فوق ال18 عامًا أو أكثر حسب الشريحة التى سيخصص لها العمل، ولم يتعب أحد نفسه للتساؤل حول القانون وآليات تطبيقه وتفعيله، ولكن سمع علماء الدين جملة واحدة وهى "أن الرقابة ستعرض الأفلام دون حذف وأن الأفلام ستكون مليئة بالمشاهد والعرى" وكأن السينما لا تنتج سوى أفلامًا "قبيحة وقليلة الأدب" طبقًا للعلماء الأجلاء.. والذين تقتصر رؤيتهم للفن على تلك الزاوية الضيقة والمحدودة، والمفارقة أن ولاية مسيسبى الأمريكية المعروفة بتشددها الدينى يقوم رجال الدين فيها بتوجيه نصائح للجمهور ومرتادى الكنيسة بعدم حضور فيلم " Fifty Shades of Grey "، الذى يصنف أنه فيلم جرىء ويضم العديد من المشاهد الإباحية، ورغم هذا التشدد الدينى إلا أن الولاية سجلت أعلى نسب حجز للفيلم على مستوى الولاياتالأمريكية، ألا يعكس ذلك أمرا وهو النظرية التقليدية "الممنوع مرغوب" ألم يحن الوقت لأن يغير علماء الدين الطريقة التى يتعاطون بها مع كل ما يتعلق بالفن، كما أن التصنيف العمرى لا يعنى أبدًا إلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، بل سيتم تعديل شكل الوظيفة التى يقوم بها الجهاز، وعلى الأقل ستكون هناك معايير واضحة وحاسمة للرقيب يستطيع من خلالها الحكم على الأعمال الفنية بعيدًا عن القوانين المطاطة سيئة السمعة. ولا أعرف هل سيستمر الدكتور جابر فى خذلان المثقفين مثلما فعل فى كل مواقفه السابقة، منذ أن جلس على كرسى الوزارة؟، أم أنه سيعمل عقله ويراجع جيدًا ما فعلته الرقابة العقيمة فى كل المبدعين، التى لم تترك مبدعًا واحدًا فى مصر دون أن تلحق به ضررًا باستخدام مقص الرقيب. والسؤال للمثقف جابر عصفور، ولعلماء الأزهر: هل برفض فيلمى "نوح" و"موسى" لم يشاهدهما الجمهور المصرى؟.. الإجابة قطعًا هى "لا" رآه الجمهور من كل الفئات العمرية. دكتور جابر أرجوك "مش لازم تنزل المرة دى".