لو سألت هذ السؤال لأى شخص من المعارضة سيقول لك لا يوجد فى العالم ولا فى التاريخ ولا فى الكون كله أسوأ مما نحن فيه الآن- حسب وجهة نظرهم- وسيتبع قوله ذلك بسلسلة من الأمثلة المكررة والمحفوظة والتى لا تخلو من التضخيم والتهويل والفبركة أيضا، والتى لا تخلو من كلمة تلوث مياه وحادث العبّارة والقطار والفقر والفساد والتوريث وكلمات أخرى مصحوبة بإحصائيات عجيبة يبرع فيها من يفبركونها. فهل حقا لا يوجد أسوأ مما هو عليه الحال الآن فى مصر؟ أم أننا نخشى أن يأتى الأسوأ إن آجلاً أو عاجلاً؟! كلنا كمصريين لا يخفى علينا ما حدث حولنا فى دول أخرى ولا يخفى علينا ما يتم استهدافه ضد مصر مرارًا و تكرارًا وبلا توقف والتوقعات تخيفنا جميعا، ويحق لنا أن نخاف. كلنا نحب الرئيس مبارك ونخاف عليه ونخاف على مصر من بعده، حتى لو ظهر ذلك للبعض على أنه ضعف أو إتكالية أو عدم نضج، لكن هذا الرجل أعطانا شيئا ثمينا- صحيح لم يعطنا أبدا بترولا ولا ذهبا ولا ثروة لكنه أعطانا أشياء ثمينة أخرى لا يقبل أى شخص باستبدالها بكنوز الدنيا، وعلى سبيل المثال فكلمة الاستقرار والصمود والثبات والسلام والأرض المحررة والأمن الداخلى والوحدة الوطنية وحرية التعبير وإتاحة الرأى والرأى الآخر، وحماية مصر من مخاطر لو قام الرئيس بقرار واحد فيه تسرع أو غير محسوب العواقب لدفعنا الثمن غاليا ومريرا، لكنه لم يفعل هذه أشياء بدونها لا تعنى الحياة شيئا لمن يفهم. نعود للسؤال هل يوجد أسوأ مما نحن فيه الآن؟ نظرة واحدة على بلدان حولنا وفى منطقتنا وليست بعيدة عنا لنعرف الإجابة! نعم يوجد أسوأ وقد حصل لدول أخرى ربما كانت أقوى أو أغنى، وهل ما حصل لدولة كريمة مثل العراق ومقتل ملايين إلى اليوم ومقتل مئات يوميا لا يعتبر أسوأ؟ وهل الإرهاب المتفشى فى كل شارع وكل مكان حتى المدارس والمستشفيات وحتى الأطفال يتم استهدافهم ليس أسوأ؟ وهل التدخل الأجنبى والتواجد الغربى ليس أسوأ؟ وهل الدول العربية التى لا تزال أرضها محتلة ليست أسوأ؟ وكم يساوى أن كل ذرة من تراب أرضك محررة؟ وكم تساوى كرامتك وأنت مرفوع الرأس وعلمك يرفرف عليها؟! نعم يوجد الأسوأ فى السودان بسبب بلد قوى استسلم لفكرة تطبيق الشريعة فصار شمالا مسلما وجنوبا مسيحيا يريد الانفصال، أو ليس الانفصال أسوأ؟! من استفاد من الانفصال؟ هل تحققت لهم السعادة؟ أم نجحت ضدهم المؤامرات؟ هل الحال فى اليمن السعيد ليس أسوأ؟ أم سنقول إننا ليس لنا بهم دخل؟ نحن لا نتدخل فى شئون أحد مثلنا مثل حكومتنا بالضبط! لكن من يسعى لانفصال اليمن و قتل أهله بيد بعضهم ورغبة بعضهم فى فرض أنظمة ما بقوة السلاح؟ بل من يتبرع بإعطائهم المال والسلاح؟ لبنان الجميل لم يعد دولة موحدة بل أحزاب فقط متباينة ومتصارعة، كل منها يشكك فى الآخر وغالبية شبابها تركوه وهاجروا وصار كل جزء فيها يريد فرض سيطرته والاستقواء بالخارج! أليس هذا أسوأ؟ الصومال وما يحدث فيه أليس أسوأ؟ فبدلا من التوحد لمواجهة الفقر والتغلب على سنوات القحط والجفاف ينقسمون ويقتتلون! أليس ما يراد عمله فى مصر يشبه ذلك من قريب أم من بعيد؟ حاليا قد لا يكون المصريون يعيشون فى رخاء لكنهم أيضا لم يتعودوا على الترف والبذخ كدول النفط، ولكن أيضا لو ضاع الأمن والسلام والوحدة فسيضيع الفتات الذى يعترض عليه البعض ولن يجده أحد، لأن كلمة صراع وانقسام وإرهاب وحرب ليست مجانية بل باهظة الثمن والتكلفة سواء ماديا أو بشريا. نعم هناك مخاوف حقيقية أن يحدث انفلات وصراع على السلطة ووقتها كل الضحايا مصريون، وهذا يسعد أعداء كثيرين لمصر بالطبع ووقتها ليس هناك فائز ولا خاسر، وغالبية المصريين يفهمون ذلك و يريدون الهدوء والاستقرار والوحدة قبل أى شىء آخر.