الساعة الثانية ظهر أمس الخميس، وقت الذروة فى قسم شرطة بولاق الدكرور محافظة الجيزة، مواطنون يتوافدون على مبنى القسم كل منهم لغايته، سيدة حضرت للسؤال عن ابنها المقبوض عليه فى قضية مخدرات، وعامل يبعد عنها بخطوات جاء لتحرير محضر بالاعتداء عليه بالضرب، فى الوقت الذى يسرع فيه طالب بخطواته لإنهاء إجراءات الحصول على فيش وتشبيه قبل انتهاء مواعيد العمل الرسمية. المقدم هانى الحسينى رئيس مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور يجلس على كرسى مكتبه المزدحم بالضباط من معاونيه يرافقه المقدم طارق حمزة وكيل فرقة المباحث الجنائية لمناقشة رجل أربعينى فى قضية ادعى أنه تورط بها، إلا أن النتيجة النهائية أسفرت أنه مصاب بالجنون، ليطرق الباب أمين شرطة ويخبر رئيس المباحث أن أحد المواطنين حضر للإبلاغ عن جريمة قتل، دخل المبلغ وتحدث عن كيفية اكتشافه الجريمة، فقال "أنا كنت راجع بيتى الساعة 11 مساء أول أمس الأربعاء، فوجئت بباب شقة جارى المقيم بالطابق الأرضى مفتوحا بطريقة مريبة، إلا أننى لم يساورنى الشك تجاه الأمر، وصعدت إلى شقتى فى الطابق الرابع، وفى صباح اليوم التالى وجدت الباب على نفس هيئته، فتصادف حضور مالك المنزل وأخبرته بالأمر، وهو ما دفعه للدخول للشقة للاطمئنان على تاجر السيارات المقيم بها، حيث كانت المفاجأة بالعثور على جثته غارقا فى دمائه بصالة الشقة. وأضاف المبلغ "اتصلنا بالإسعاف وحضر المسعفون وأكدوا أن هناك شبهة جنائية فى الوفاة، حيث إن الضحية مصاب بجرح نافذ برقبته، ورفضوا نقل الجثة إلا بعد وصول رجال المباحث ومعاوينة النيابة لمكان الحادث". على الفور يتحرك المقدم هانى الحسينى رئيس مباحث القسم والمقدم طارق حمزة وكيل المباحث وبرفقتهما قوة أمنية إلى مسرح الجريمة، يتضح من المعاينة أن العقار مكون من 5 طوابق، وبوابة حديدية كبيرة للمبنى يقف بجوارها عدد من سكان الشارع والجيران الذين حضروا بعد سماع خبر الحادث، شقة الضحية بالطابق الأرضى، تحتوى على أثاث بسيط، الجثة ملقاة بأرضية الصالة، المجنى عليه يرتدى ملابسه كاملة، الجرح النافذ برقبته أسفر عن قطع بالأوردة، طفاية سجائر تعلوا منضدة صغيرة بها أجزاء محروقة من كارت شحن لهاتف محمول. يصل خبراء المعمل الجنائى لرفع البصمات، ويبدأ رجال المباحث فى مهمتهم لكشف غموض الجريمة، ينتشر النقباء محمد الجوهرى وأحمد ضياء وشادى أبو رحمة وأيمن السكورى معاونى مباحث بولاق الدكرور بالشارع لجمع المعلومات ويستمع الضباط لأقوال سكان العقار، لتصل التحريات المبدئية إلى أن المجنى عليه موظف بالمعاش، ويمارس مهنة تجارة السيارات، يتردد على الشقة من وقت لآخر، وبصحبته سيدة وأحيانا تصاحبه سيدة أخرى، كما يتردد عدد من الرجال على الشقة. وتكشف المعلومات الأولية أن المجنى عليه كان يصاحبه أحد الأشخاص يعمل سائقا يدعى "م.ب" وأنه يشتبه فى تورطه بارتكاب الجريمة. تم إخطار اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة الذى أمر بسرعة إعداد الأكمنة للقبض على المشتبه به، ويداهم رجال المباحث الأماكن التى يتردد عليها المتهم، وينجحون فى القبض عليه قبل مرور 48 ساعة من وقوع الحادث. وبمواجهته أنكر فى بادئ الأمر تورطه فى قتل المجنى عليه، إلا أن تحريات فريق البحث الجنائى وأقوال الشهود أكدت أنه تمت مشاهدته فى وقت معاصر للحادث بالشارع الذى يقيم به الضحية. تتضارب أقوال المتهم عن مكان تواجده وقت الحادث، يتم تضييق الخناق عليه، يبدأ فى الانهيار ثم يعترف بقتله المجنى عليه. أدلى المتهم بتفاصيل مثيرة خلال اعترافاته أمام العميد على عامر رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة والعقيد عبد الوهاب شعراوى مفتش المباحث الجنائية، حيث قال إنه يرتبط بعلاقة صداقة مع المجنى عليه، وأن الضحية كان يستأجر الشقة لاستقطاب الساقطات لممارسة أصدقائه الرذيلة مع من يتم جلبهن من السيدات مقابل حصوله على 50 جنيها. وأضاف المتهم فى اعترافاته أنه قام بمعايرة القتيل وأسماه بال"قواد"، ما أدى إلى نشوب خلاف بينهما، وقام المجنى عليه بإجباره على توقيع إيصالات أمانة وبدأ فى ابتزازه والحصوله منه على مبالغ مالية، بالإضافة إلى إجباره على ممارسة الرذيلة مع الساقطات مقابل مبلغ مالى. وقال المتهم إنه قرر التخلص من المجنى عليه فاشترى سكينا ثم تقابل معه فى الشقة التى شهدت الجريمة بعد أن طلب منه القتيل الحضور لممارسة الرذيلة مع إحدى الساقطات، وفور وصوله للشقة طلب منه الضحية شراء "كارت شحن" فاستجاب له وفور قيام القتيل بشحنه أشعل النار به ووضعه فى طفاية السجائر، واستغل المتهم الفرصة وطعنه بالسكين فى رقبته، ما أسفر عن مقتله ثم استولى على هاتفه المحمول وترك الشقة متجها إلى كوبرى 15 مايو، حيث تخلص من السكين والهاتف وفر هاربا.