بالرغم من مرور ما يقارب المئة عام على وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا بإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين وهو الوعد الذى أطلق عليه وقتها وعد من لا يملك لمن لا يستحق، إلا أن الأحداث التى تشهدها الساحة المصرية منذ قيام ثورة 30 يونيو ضد نظام الإخوان وتقمص أغلب قيادات الإخوان لشخصية بلفور فى إطلاق الوعود يستحضر إلى الوجود مرة أخرى المقولة القديمة (وعد من لايملك لمن لايستحق) لتصبح الوصف الدقيق لحالة قيادات الإخوان منذ ثورة الشعب المصرى ضدهم، وعلى عكس بلفور الذى كان وزير الخارجية لدولة عظمى فى ذلك الوقت ويملك الوسائل اللازمة لتنفيذ وعده سواء القوة أو التأييد الدولى، فقيادات الإخوان منذ اللحظة اأوولى لنزول الشعب المصرى ضد حكم محمد مرسى بدأت فى إطلاق وعود غير قابلة للتحقيق لأنها غير معقولة أو غير مشروعة، بالإضافة أنها لا تملك ما يلزم لتحقيق أى وعد سواء بالتأييد الشعبى أو بالقوة، فالجماعة خسرت تأييد الشعب لها فى عام فقط بسبب التعالى على الشعب والتعامل مع المعارضيين بالعنف والإرهاب كأحداث الاتحادية أو بالتكفير واستخدام الدين لأهداف سياسية بحتة ليس لها علاقة بالدين ثم محاولة مرسى الجمع بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لتتحول الدولة إلى فرع من فروع الجماعة وتذوب المؤسسات فى تنظيم الإخوان، لذلك كان من الطبيعى أن يستوعب الشعب المصرى ما يحدث ويقف ضد محاولات الإخوان لتطويق الدولة المصرية، كما أن استخدام القوة معركة خاسرة، لأنها معركة جماعة ضد مجتمع بأكمله لن تغير من شىء فى مجرى التاريخ سوى أنها ستضيف نقطا سوداء إلى ثوب الجماعة والثوب لايحتمل . لذلك لجأت قيادات الإخوان إلى الوعود الخيالية من نوعية مرسى سيعود، مرسى سيصلى معنا غدأ، لن يمر رمضان إلا ومرسى معنا وكلها وعود غير منطقية ليس لها آليه للتحقيق ولكن لإخفاء الحقيقة وحث الأتباع على عدم التفكير فى الموقف أو ما أدى اليه فلماذا التفكير مادام فى النهاية مرسى سيعود، كما استخدم قيادات الإخوان الوعود لإرسال رسائل تهديد للدولة مثل أنه فى حالة عدم عودة مرسى ستنشب حربا أهلية وسينتشر العنف فى مصر كلها ففى ظاهر الوعد طمأنة للإخوان بأن مرسى سيعود وبداخلها تهديد بأن الجماعة ستلجأ للعنف فى حالة عدم عودة مرسى وهو ما حدث فعلا . ومثلما اعتبر اليهود وعد بلفور أساسا لأحلامهم وأطماعهم فى فلسطين وبدأوا فى التصرف على أساسه، اعتبر الإخوان وعود قيادتهم أساسا لبناء تصوراتهم وأحلامهم بعودة مرسى والتخلص من كل المعارضين، بصرف النظر عن التفكير ما إذا كان مرسى يستحق أم لا وانتشرت حالة من الثقة بالنصر المزعوم داخل تجمعات الإخوان فى النهضة أو رابعة العدوية، وساعد على ذلك انغلاقهم على أنفسهم وتلقيهم المعلومات من قيادتهم على المنصة التى أقاموها أو من قنواتهم التى تذيع ما تريد القيادات بغض النظر عن الواقع ثم مع تراكم الوعود المنكوثة بدأ القيادات فى الشحن المعنوى باستخدام الدين للسيطرة ومرة أخرى الوعود ولكن بالجنة فى حالة الموت دفاعا عن القضية وتصوير الوضع أنه حرب ضد الإسلام وكان من الضرورى تجسيد عدو يستطيع القيادات إلقاء التهم عليه فمن غير المعقول أن يكون الهجوم على المجتمع بأكمله لذلك تم وضع الجيش فى صورة العدو المزعوم وتصوير ما جرى بانقلاب عسكرى وغض النظر عن الملايين التى نزلت تطالب بنهاية حكم الإخوان على الرغم من تهديدات الإخوان بالعنف واستعراض القوة التى قامت به عناصر الإخوان قبل 30 يونيو.. ومرة أخرى بدأت الوعود فمن وعد بأن الانقلاب يترنح والنهاية قريبة إلى وعد بتدخل المجتمع الدولى لصالح عودة مرسى بالسياسة أو حتى بالقوة لا يهم مع الإخوان المهم مصلحة الجماعة وكالعادة دائما يقتنع الأتباع وتبدأ رحلة انتظار تحقيق الوعد أو وعد جديد وانتظار جديد .