الإخوة والأخوات.. "أحييكم جميعا، وقد أسعدنى - بحق - أن أعود لزيارة بنى سويف، وأن أستعيد ذكريات سنوات إقامتى بين أهاليها خلال الستينات، استعدت اليوم الذكريات الحزينة لهزيمة 1967 عندما كنت قائدا لقاعدة بنى سويف الجوية، واستعدت فرحة نصر أكتوبر عندما انطلقت نسور مصر من قاعدة بنى سويف وعشرين قاعدة جوية مصرية لتوجه الضربة الأولى والحاسمة للعبور من الهزيمة إلى النصر. "كما تذكرت اليوم زياراتى لبعض مصانع المحافظة عام 2005، وافتتاحى بعض مشروعات الكهرباء ومياه الشرب، وزيارتى لكم عام 2008 لافتتاح المرحلة الثانية لطريق (حلوان/ الكريمات/ بنى سويف)، تذكرت كل ذلك وغيره بالكثير من مشاعر الاعتزاز، وأقول لكم ولأبناء الشعب إن ما تحقق لهذه المحافظة هو مثال لما حققناه لمشروعات البنية الأساسية بشتى المحافظات، باعتبارها متطلبا أساسيا وضروريا لجذب الاستثمار وإتاحة فرص العمل. "لقد كان هذا الهدف فى قلب تحركنا خلال المرحلة الماضية، بذلنا جهودا كبيرة لتطوير البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار وجهودا ضخمة لتطوير مناخ الاستثمار بخفض الضرائب والجمارك وبتطوير تشريعاته وسياساته وإجراءاته، وأسفرت هذه الجهود عن طفرة غير مسبوقة فى الاستثمار المصرى والعربى والأجنبى خلال السنوات القليلة الماضية. "أصبحت مصر بين أكثر الدول جذبا للاستثمارات فى المنطقة العربية وأفريقيا، ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر من 2.1 مليار دولار عام 2004 إلى 13.2 مليار دولار عام 2008، واستطعنا تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، تجاوزت 7% قبل أزمة الاقتصاد العالمى. "وكما تعلمون فلقد تعهدت فى برنامجى الانتخابى عام 2005 بتوفير 4.5 مليون فرصة عمل جديدة فى ست سنوات، ونجحنا برغم هذه الأزمة العالمية فى إتاحة 3.4 مليون فرصة عمل فى أربع سنوات باستثمارات ومشروعات جديدة وبما حققناه من تنمية صناعية على وجه الخصوص. "لقد تأثرنا كغيرنا بأزمة ركود الاقتصاد العالمى، وانعكاساته على الاستثمارات الخاصة المصرية والعربية والأجنبية، وعلينا أن نعترف بأن هذه الأزمة قد أبطأت تحركنا لمحاصرة البطالة، وجهودنا لإتاحة فرص العمل على نحو ما استهدفناه، وعملنا جاهدين من أجله، إلا أن الوقت قد حان لانطلاقة جديدة تعيد قضية التشغيل وفرص العمل لقلب تحركنا وأولوياته. الإخوة والأخوات.. "نعم إن الأزمة العالمية فى طريقها للانتهاء، ونحن فى حاجة لتفكير متجدد ودفعة جديدة لنعاود التركيز على محاصرة البطالة وإتاحة فرص العمل، باعتبار ذلك هدفا أساسيا وأولية رئيسية خلال المرحلة المقبلة. "طريقنا لذلك هو المزيد من جذب الاستثمارات بمشروعات جديدة وتوسعات فى المشروعات القائمة فى شتى المحافظات، استثمارات تستفيد مما حققناه من تطوير فى البنية الأساسية، وما أتحناه - ونتيحه - من حوافز للمستثمرين، استثمارات ومشروعات فى كافة قطاعات الإنتاج والخدمات، وفى قطاع الصناعة بوجه خاص. "إن الصناعة هى القاطرة القوية للنمو الاقتصادى، وهى القطاع الأكثر قدرة على إتاحة فرص العمل لشبابنا والدفع بصادراتنا لأسواق العالم، لقد أصبح لدينا أساس متين من المصانع الكبرى والمتوسطة والصغيرة، وطبقا - لأول مرة - تجربة المناطق الصناعية الخاصة حققت التنمية الصناعية معدلات تجاوزت ما وعد به برنامجى الانتخابى بمصانع جديدة وتوسعات فى المصانع القائمة، زادت الاستثمارات فى قطاع الصناعة من 6 إلى 43 مليار جنيه خلال السنوات القليلة الماضية، وأسهمت فى إتاحة المزيد من فرص العمل. "ارتفع معدل نمو قطاع الصناعة من 3.5% عام 2004 إلى 8% عام 2008، صحيح أنه تراجع إلى 4.2% خلال أزمة الاقتصاد العالمى، لكنه عاد ليرتفع إلى 5.2% فى الربع الثانى من العام الماضى. "زادت صادراتنا الصناعية غير البترولية من 6.5 مليار دولار عام 2004 لتصل إلى 14.2 مليار دولار حاليا، فتحنا أمام صادراتنا الصناعية أسواقا جديدة باتفاقات وترتيبات للتجارة الحرة، نجحنا فى تنويع هيكل الصادرات بمنتجات صناعية متطورة من مواد البناء، نجحنا فى تنويع هيكل الصادرات بمنتجات صناعية متطورة من مواد البناء والملابس الجاهزة والصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية وغيرها أصبحت تصل لأسواق العالم من مصانع مصرية وبأيد مصرية. "إننى إذ أؤكد ضرورة العودة للتركيز على محاصرة البطالة، وإذ أؤكد الأهمية الخاصة لقطاع الصناعة فى تحقيق هذا الهدف فإننى أكلف الحكومة بالتعامل معه باعتباره أولوية قصوى خلال المرحلة المقبلة. "سنعمل على إقامة 16 من المناطق الصناعية الجديدة بشتى المحافظات مع جذب المزيد من المصانع للمناطق الصناعية القائمة، وسوف نركز بوجه خاص على المصانع للمناطق الصناعية القائمة، وسوف نركز بوجه خاص على المصانع كثيفة العمالة، سنمضى فى إقامة المناطق الصناعية بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص على نحو ما حققناه فى 6 أكتوبر والعاشر من رمضان والسادات وشرق التفريعة تخصص لها الدولة الأراضى وتمد إليها المرافق وتفتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار فى مشروعات الصغيرة والمتوسطة وسنواصل جهودنا لرفع مستوى الإنتاجية والقدرة على المنافسة ولتحفيز الاستثمار الصناعى ورفع معدل النمو بقطاع الصناعة ليصل إلى 10% بحلول عام 2013. "وفى ذات السياق وتحقيقا لذات الهدف فإن علينا أن نعى العلاقة القوية بين زيادة الصادرات ومستويات التشغيل وإتاحة فرص العمل، ولقد وجهت الحكومة لوضع خطة واضحة، واتخاذ كافة التدابير لمضاعفة صادراتنا غير البترولية خلال السنوات الأربع المقبلة، وبما يتيح نحو مليون فرصة عمل جديدة باعتبار ذلك متطلبا رئيسيا لمحاصرة البطالة. "واتصالا بذلك فإن العلاقة بين التنمية الصناعية من جهة والتصدير من جهة ثانية، تمتد لمحور ثالث هو التطوير قطاع التجارة الداخلية باعتباره أحد القطاعات كثيفة العمل، والقادرة على استيعاب أعداد كبيرة من أبنائنا بسياسات استهدفت زيادة منافذ التوزيع.. وتعزيز المنافسة وتقوية آليات الرقابة وحماية المستهلك وسوف أعمل مع الحكومة على إعطاء دفعة قوية جديدة لقطاع التجارة الداخلية بالتوسع فى المزيد من المناطق التجارية ومنافذ التوزيع بشتى المحافظات بما يرتبط بذلك من أنشطة النقل والتخزين وما يتيحه من فرص العمل وما يحققه من تيسير للمستهلكين وعدالة فى التوزيع الجغرافى بين المحافظات. "لقد حددنا بالفعل وكمرحلة أولى سبعة مواقع لإقامة هذه المناطق التجارية بمحافظات الصعيد والدلتا والقناة بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص، سوف تقوم الدولة بتخصيص الأراضى ثم تطرحها للقطاع الخاص ليتولى إنشاء هذه المناطق التجارية وتجهيزها ومدها بالمرافق وإدارتها، إننى إذ أتابع التحرك فى هذا الاتجاه وإذ أعلم ما يصادفه من عقبات فى الحصول على التصاريح اللازمة من جانب المحليات، فإننى أكلف الحكومة ومجلس المحافظين ببحث هذه العقبات فى أول اجتماع مقبل وتذليلها. الإخوة والأخوات.. "إن لدينا رؤية واضحة لمتطلبات استعادة الزخم وزمام المبادرة لنعاود التركيز من جديد على إتاحة فرص العمل، رؤية محددة تولى أهمية خاصة للدور المطلوب من قطاع الصناعة فى صلته بقطاع التصدير للأسواق الخارجية، وقطاع التجارة الداخلية فى السوق المصرى الواسع. "وتحقيقا لهذه الرؤية بأهدافها ومتطلباتها، فإننا سنمضى فى المزيد من خطوات الإصلاح الاقتصادى والمزيد من تعزيز البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار، والمزيد من التسهيلات والحوافز للمستثمرين سنمضى فى إتاحة الأراضى للتوسع فى المناطق الصناعية والتجارية بشتى المحافظات سنواصل تأمين احتياجات قطاع الصناعة من إمدادات الطاقة وتطوير الجهاز الإدارى للدولة وتوسيع قاعدة اللامركزية فى المحليات، باعتبار كل ذلك احتياجا ضروريا للمزيد من الاستثمارات والمشروعات والمزيد من فرص العمل. "لقد انتهينا خلال العامين الماضيين - ولأول مرة - من تدريب 500 ألف عامل، بالتعاون مع المصانع والشركات المنتجة واتحاد الصناعات بتكلفة بلغت 250 مليون جنيه، كما أدرجنا 250 مليون جنيه بموازنة العام الحالى تحقيقا لذات الهدف، إننى أشدد على الأهمية الخاصة للتركيز خلال المرحلة المقبلة على برامج مكثفة للتدريب المهنى وإعادة التأهيل بما يفى بالاحتياجات الحقيقة والجديدة لسوق العمل، ويعزز فرص الشباب فى الحصول على العمل المنتج وحقهم فى الحياة الكريمة. "إننى أعلم تماما أن الدولة لا تمتلك من الموارد، ما يكفى لتحقيق هذه الأهداف والمتطلبات، وأعلم - وتعلمون - أن ما حققناه خلال السنوات القليلة الماضية من استثمارات ومشروعات وفرص للعمل إنما تحقق بمشاركة مهمة لاستثمارات القطاع الخاص ومشروعاته، وبما أتاحته له الدولة من تسهيلات وحوافز، وإننا ونحن نستعد لمرحلة ما بعد تراجع أزمة الاقتصاد العالمى، وإذ نتطلع للعودة لما حققناه قبلها من معدلات الاستثمار والنمو والتشغيل فإن الحاجة تشتد لإعطاء دفعة قوية للبرنامج القومى للمشاركة بين الدولة والقطاع الخاص باعتباره شريكا أصيلا فى جهود التنمية. "ولقد أحلت بالفعل لمجلسى الشعب والشورى مشروع قانون مهما يضع إطارا قانونيا لتنظيم هذه المشاركة، ويفتح أمامها مجالات جديدة بالمناطق الصناعية والتجارية وغيرها بما فى ذلك مشروعات البنية الأساسية، وإننى أطالب الحكومة والبرلمان بمناقشة مشروع هذا القانون بما يقتضيه من أهمية واهتمام، وأتطلع - مخلصا - لاعتماد نواب الشعب لهذا القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية. الإخوة المواطنون.. "إننا فى مصر مقبلون على مرحلة مهمة تبنى على ما حققناه حتى الآن، نضع تداعيات الأزمة العالمية وراء ظهورنا، وتتأهب لاستعادة سرعة حركتنا نحو المزيد من الاستثمارات والنمو الاقتصادى والتنمية والمزيد من فرص العمل لأبناء الوطن. "إننى أؤكد مجددا أن محاصرة البطالة هى قضيتنا الرئيسية فى المرحلة المقبلة، وأنها تمثل أولوية خاصة بين القضايا المتعددة للداخل المصرى بآماله وتطلعاته، نمضى فى ذلك، واثقين فى سياساتنا واقتصادنا وإمكانيات شعبنا موقنين أن ما حققناه فى السنوات القليلة الماضية يؤهلنا للمزيد من النجاح والإنجاز. وفقنا الله جميعا وسدد خطانا،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،