الموقع الجغرافي لبني سويف أنصفها حينا وظلمها أحيانا, فهي للقادمين من الشمال بوابة الصعيد, وللقادمين من الجنوب بوابة للوجه البحري, ويقطن75% من سكانها المناطق الريفية. وأراضيها المزروعة محدودة. وهي متميزة في محاصيلها ولكنها لا تكفي زيادة السكان بمعدل2.5% سنويا, وتتكون من سبعة مراكز و220 قرية تابعة, ولم تحظ بمكانتها التي تستحقها علي خريطة خطط التنمية في مصر, حتي أنصفها الرئيس مبارك ضمن خطة النهوض بمحافظات الصعيد. ومع ذلك تظل بني سويف متحفا لكل العصور التي مر بها تاريخ مصر. هذا الأسبوع كان الرئيس مبارك في زيارة لهذه المحافظة, وربما كانت زيارته الثالثة أو الرابعة. وفي كل زيارة يحمل الرئيس إلي أبناء المحافظة الكثير من المشروعات وفرص العمل ومصادر الدخل والإنتاج. وشيئا فشيئا بدأت ملامح الحياة فيها تتغير, وأصبح لها جامعة حكومية, وأخري خاصة وكليات تابعة لجامعة الأزهر, ومعاهد عليا ومدارس تنتشر في ريف بني سويف ومصانع وجدت منتجاتها الطريق إلي الأسواق العالمية. وفي زيارته الأخيرة تحدث الرئيس عن ذكرياته في سنوات الستينيات, حينما كان قائدا لقاعدة بني سويف, التي تعرضت للعدوان عام1967, وعن ذكرياته في حرب أكتوبر عام1973, حينما اخترقت الطائرات المصرية من القاعدة الجوية نفسها الحاجز بين الهزيمة والنصر لتمهد الطريق أمام النصر الكبير, وتثأر من الذين دمروا القاعدة في حرب1967. سنوات تفصل بين أحوال بني سويف في الستينيات والسبعينيات, وبين ما وصلت إليه هذه المحافظة من أحوال. ففي الزيارة الأخيرة وحدها افتتح الرئيس ثلاثة مشروعات صناعية كبري باستثمارات بلغت111 مليون جنيه, وفرت لأبناء المحافظة1100 فرصة لعمل جاد ومثمر. تضاف هذه المشروعات إلي قائمة طويلة من المشروعات الصناعية التي بلغت428 مشروعا في أربع مناطق صناعية, وبلغ الإنفاق الحكومي علي توصيل المرافق لتلك المناطق الصناعية نحو220 مليون جنيه. وبهذه النهضة الصناعية لم تعد بني سويف تتعلق بأسواق القاهرة لبيع سلعها الزراعية البسيطة, أصبح لديها إنتاجها الصناعي القادر علي استثمار أعلي لحاصلاتها الزراعية, واستحداث صناعات تقتحم بها الأسواق العالمية, وما حدث في بني سويف نموذج لما حدث في كثير من محافظات مصر, التي أهملت طويلا ولم تأخذ حظها من الاستثمار. فلقد نجحت الحكومة في تعظيم فرص جذب الاستثمارات في العديد من المحافظات, التي لم تعرف من قبل, مثل هذه المشروعات الصناعية الحديثة التي تنتشر اليوم في ربوع البلاد. وفي لقائه الجماهيري تحدث الرئيس مبارك عما تم إنجازه حتي الآن, وعما يتم التخطيط له من مشروعات وبرامج نواجه بها مشكلاتنا, ومن بني سويف أصدر تكليفه للحكومة بتكثيف الجهد من أجل محاصرة البطالة, وتوخي الدقة في قانون الغذاء حتي نضمن سلامته. وتحدث الرئيس عن برنامجه الانتخابي وما تم إنجازه منه حتي الآن. وكان أبرز ماقاله هو أننا نجحنا, برغم ظروف الأزمة العالمية, في توفير3.4 مليون فرصة عمل خلال السنوات الأربع الماضية, وهذا الرقم يحتاج إلي قراءة مختلفة, فملايين الفرص التي أتيحت لشباب مصر هي فرص إنتاج حقيقية, تعكس قدرة الاقتصاد المصري علي النمو, فالقضية ليست في تشغيل ملايين الشباب فحسب, وإنما أيضا في عائد تشغيل هذه الملايين من الشباب المصري اقتصاديا واجتماعيا. ...................................................................... إن قدرة الاقتصاد المصري علي استيعاب الملايين من القوة العاملة تؤكد وقوع تغييرات إيجابية في هيكل هذا الاقتصاد, وتمنح الثقة في استمرار تحقيق معدلات نمو عالية. فلقد أصبحنا الأكثر قدرة علي جذب الاستثمارات الأجنبية في إفريقيا والمنطقة العربية حيث ارتفع معدل تلك الاستثمارات من2.1 مليار دولار عام2004 إلي13.2 مليار دولار عام2008 برغم الأزمة المالية العالمية, وهذا النمو المتواصل في قدراتنا الاقتصادية كان ممكنا في ظل التحدي الذي وضعه برنامج الرئيس الانتخابي أمام الجميع. وفي ظل النتائج التي أسفر عنها برنامج الرئيس منذ عام2005 أصبح من الضروري أن نعمل دائما وفق برامج طموح تستثير قدراتنا علي الإنجاز والإنتاج. إن برنامج الرئيس, الذي قارب تحقيق كل مراحله, يعلمنا أنه لابد من استثارة القدرة وإطلاق طاقات المصريين, فلسنا أقل قدرة من غيرنا, ولن تعوزنا الإرادة علي أن نقتحم مشكلاتنا مهما يبلغ حجمها, فنحن نحتاج إلي كثير من العمل وقليل من الجدل.