في زيارة جديدة تؤكد الاهتمام الرئاسي بمحافظات الصعيد، قام الرئيس حسني مبارك صباح أمس بجولة في محافظة بني سويف تفقد خلالها عددًا من المشروعات الاستثمارية كما افتتح الرئيس مصنعا استثماريا يصدر معظم إنتاجه إلي الخارج وعقد الرئيس عقب جولته لقاء جماهيريا مع قيادات وأبناء المحافظة استمع خلاله إلي آراء المواطنين ومشاكلهم وأصدر تكليفات للحكومة بحل المشاكل التي يعاني منها أبناء المحافظة. الرئيس مبارك أمس زيارته للمحافظة في التاسعة من صباح أمس وكان في استقباله الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة وأنس الفقي وزير الإعلام والدكتور سمير سيف اليزل محافظ بني سويف وعدد من الوزراء. واستهل الرئيس مبارك زيارته للمحافظة بتفقد مصنع هيلثي فود إيجيبت لتجفيف الحاصلات الزراعية بالمنطقة الصناعية ببياض العرب والذي بلغت تكلفته الاستثمارية 46 مليون جنيه ويوفر 200 فرصة عمل. وعقب ذلك قام الرئيس مبارك بزيارة الشركة المتحدة لاستصلاح الأراضي والتصنيع الزراعي التي تبلغ تكلفتها الاستثمارية 17 مليون جنيه ويعمل بها 100 عامل وتقوم بإنتاج الوقود الخشبي الذي يتم تصديره إلي أيرلندا وبلجيكا وإيطاليا وسلوفينيا. كما افتتح مصنع الشركة السويسرية للملابس القطنية. ثم القي الرئيس كلمته في بداية لقائه الجماهيري فيما يلي نصها: الإخوة والأخوات.. أحييكم جميعًا.. وقد أسعدني بحق أن أعود لزيارة (بني سويف).. وأن أستعيد ذكريات سنوات إقامتي بين أهاليها خلال الستينيات، استعدت اليوم الذكريات الحزينة لهزيمة 1967 عندما كنت قائدًا لقاعدة بني سويف الجوية.. واستعدت فرحة نصر أكتوبر.. عندما انطلقت نسور مصر.. من قاعدة (بني سويف) وعشرين قاعدة جوية مصرية.. لتوجه الضربة الأولي والحاسمة.. للعبور من الهزيمة إلي النصر. كما تذكرت اليوم زيارتي لبعض مصانع المحافظة عام 2005، وافتتاحي بعض مشروعات الكهرباء ومياه الشرب.. وزيارتي لكم عام 2008 لافتتاح المرحلة الثانية لطريق (حلوان/الكريمات/بني سويف).. تذكرت كل ذلك وغيره بالكثير من مشاعر الاعتزاز.. وأقول لكم ولأبناء الشعب.. إن ما تحقق لهذه المحافظة هو مثال لما حققناه لمشروعات البنية الأساسية بشتي المحافظات.. باعتبارها متطلبًا أساسيا وضروريا.. لجذب الاستثمار وإتاحة فرص العمل. لقد كان هذا الهدف في قلب تحركنا خلال المرحلة الماضية.. بذلنا جهودًا كبيرة لتطوير البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار.. وجهودًا ضخمة لتطوير مناهج الاستثمار.. بخفض الضرائب والجمارك.. وبتطوير تشريعاته وسياساته وإجراءاته.. وأسفرت هذه الجهود عن طفرة غير مسبوقة في الاستثمار المصري والعربي والأجنبي.. خلال السنوات القليلة الماضية. أصبحت مصر بين أكثر الدول جذبًا للاستثمارات في المنطقة العربية وأفريقيا.. ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من (2.1) مليار دولار عام 2004، إلي (13.2) مليار دولار عام 2008 واستطعنا تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي.. تجاوزت (7٪) قبل أزمة الاقتصاد العالمي. وكما تعلمون.. فلقد تعهدت في برنامجي الانتخابي عام 2005 بتوفير (4.5) مليون فرصة عمل جديدة في ست سنوات.. ونجحنا برغم هذه الأزمة العالمية في إتاحة (3.4) مليون فرصة عمل في أربع سنوات.. باستثمارات ومشروعات جديدة.. وبما حققناه من تنمية صناعية علي وجه الخصوص. لقد تأثرنا كغيرنا بأزمة ركود الاقتصاد العالمي.. وانعكاساته علي الاستثمارات الخاصة المصرية والعربية والأجنبية.. وعلينا أن نعترف بأن هذه الأزمة قد أبطأت تحركنا لمحاصرة البطالة.. وجهودنا لإتاحة فرص العمل علي نحو ما استهدفناه.. وعملنا جاهدين من أجله.. إلا أن الوقت قد حان لانطلاقة جديدة.. تعيد قضية التشغيل وفرص العمل لقلب تحركنا وأولوياته. الإخوة والأخوات.. نعم.. إن الأزمة العالمية في طريقها للانتهاء.. ونحن في حاجة لتفكير متجدد ودفعة جديدة.. لنعاود التركيز علي محاصرة البطالة وإتاحة فرص العمل.. باعتبار ذلك هدفًا أساسيا وأولوية رئيسية.. خلال المرحلة المقبلة. طريقنا لذلك هو المزيد من جذب الاستثمارات.. بمشروعات جديدة.. وتوسعات في المشروعات القائمة في شتي المحافظات.. استثمارات تستفيد مما حققناه من تطوير في البنية الأساسية.. وما أتحناه ونتيحه من حوافز للمستثمرين.. استثمارات ومشروعات.. في جميع قطاعات الإنتاج والخدمات.. وفي قطاع الصناعة بوجه خاص. إن الصناعة هي القاطرة القوية للنمو الاقتصادي.. وهي القطاع الأكثر قدرة علي إتاحة فرص العمل لشبابنا.. والدفع بصادراتنا لأسواق العالم، لقد أصبح لدينا أساس متين من المصانع الكبري والمتوسطة والصغيرة.. وطبقنا لأول مرة تجربة المناطق الصناعية الخاصة، حققت التنمية الصناعية معدلات تجاوزت ما وعد به برنامجي الانتخابي.. بمصانع جديدة.. وتوسعات في المصانع القائمة، زادت الاستثمارات في قطاع الصناعة من (6) إلي (43) مليار جنيه.. خلال السنوات القليلة الماضية.. وأسهمت في إتاحة المزيد من فرص العمل، ارتفع معدل نمو قطاع الصناعة من (3.5 ٪) عام 2004 إلي (8 ٪) عام 2008، صحيح أنه تراجع إلي (4.2) خلال أزمة الاقتصاد العالمي.. لكنه عاد ليرتفع إلي (5.2) في الربع الثاني من العام الماضي. زادت صادراتنا الصناعية غير البترولية.. من (6.5) مليار دولار عام 2004 .. لتصل إلي (14.2) مليار دولار حاليا، فتحنا أمام صادراتنا الصناعية أسواقًا جديدة.. باتفاقات وترتيبات للتجارة الحرة، نجحنا في تنويع هيكل الصادرات بمنتجات صناعية متطورة.. من مواد البناء.. والملابس الجاهزة.. والصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية.. وغيرها.. أصبحت تصل لأسواق العالم من مصانع مصرية.. وبأيد مصرية. إنني إذ أؤكد ضرورة العودة للتركيز علي محاصرة البطالة.. وإذ أؤكد الأهمية الخاصة لقطاع الصناعة في تحقيق هذا الهدف.. فإنني أكلف الحكومة بالتعامل معه باعتباره أولوية قصوي.. خلال المرحلة المقبلة. سنعمل علي إقامة (16) من المناطق الصناعية الجديدة.. بشتي المحافظات.. مع جذب المزيد من المصانع للمناطق الصناعية القائمة.. وسوف نركز بوجه خاص علي المصانع كثيفة العمالة، سنمضي في إقامة المناطق الصناعية بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص.. علي نحو ما حققناه في (6 أكتوبر) و(العاشر من رمضان) و(السادات) و(شرق التفريعة).. تخصص لها الدولة الأراضي.. وتمد إليها المرافق.. وتفتح الباب أمام القطاع الخاص.. للاستثمار في مشروعات تتيح المزيد من فرص العمل، سوف نوفر المزيد من المساندة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.. وسنواصل جهودنا لرفع مستوي الإنتاجية والقدرة علي المنافسة.. ولتحفيز الاستثمار الصناعي.. ورفع معدل النمو بقطاع الصناعة.. ليصل إلي (10 ٪) بحلول عام 2013 وفي ذات السياق.. وتحقيقا لذات الهدف.. فإن علينا أن نعي العلاقة القوية بين زيادة الصادرات.. ومستويات التشغيل وإتاحة فرص العمل. وقد وجهت الحكومة لوضع خطة واضحة.. واتخاذ جميع التدابير لمضاعفة صادراتنا غير البترولية.. خلال السنوات الأربعة المقبلة.. وبما يتيح نحو (مليون) فرصة عمل جديدة.. باعتبار ذلك متطلبًا رئيسيًا لمحاصرة البطالة. واتصالا بذلك.. فإن العلاقة بين التنمية الصناعية من جهة.. والتصدير من جهة ثانية.. تمتد لمحور ثالث هو تطوير قطاع التجارة الداخلية.. باعتباره أحد القطاعات كثيفة العمل.. والقادرة علي استيعاب أعداد كبيرة من أبنائنا. لقد قطعنا شوطا طيبا علي طريق هذا التطوير خلال السنوات الخمس الماضية.. بسياسات استهدفت زيادة منافذ التوزيع.. وتعزيز المنافسة.. وتقوية آليات الرقابة وحماية المستهلك. وسوف أعمل مع الحكومة علي إعطاء دفعة قوية جديدة.. لقطاع التجارة الداخلية.. بالتوسع في المزيد من المناطق التجارية ومنافذ التوزيع بشتي المحافظات بما يرتبط بذلك من أنشطة النقل والتخزين.. وما يتيحه من فرص العمل.. وما يحققه من تيسير للمستهلكين.. وعدالة في التوزيع الجغرافي للتنمية بين المحافظات. لقد حددنا بالفعل وكمرحلة أولي (سبعة) مواقع لإقامة هذه المناطق التجارية.. بمحافظات الصعيد والدلتا والقناة.. بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص.. سوف تقوم الدولة بتخصيص الأراضي.. ثم تطرحها للقطاع الخاص ليتولي إنشاء هذه المناطق التجارية.. وتجهيزها.. ومدها بالمرافق.. وإدارتها. إنني إذ أتابع التحرك في هذا الاتجاه.. وإذ أعلم ما يصادفه من عقبات في الحصول علي التصاريح اللازمة من جانب المحليات.. فإنني أكلف الحكومة ومجلس المحافظين.. ببحث هذه العقبات في أول اجتماع مقبل.. وتذليلها. الإخوة والأخوات إن لدينا رؤية واضحة.. لمتطلبات استعادة الزخم وزمام المبادرة.. لنعاود التركيز من جديد علي إتاحة فرص العمل.. رؤية محددة.. تولي أهمية خاصة للدور المطلوب من قطاع الصناعة.. في صلته بقطاع التصدير للأسواق الخارجية.. وقطاع التجارة الداخلية في السوق المصري الواسع. وتحقيقا لهذه الرؤية.. بأهدافها ومتطلباتها.. فإننا سنمضي في المزيد من خطوات الإصلاح الاقتصادي.. والمزيد من تعزيز البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار.. والمزيد من التسهيلات والحوافز للمستثمرين. سنمضي في إتاحة الأراضي للتوسع في المناطق الصناعية والتجارية بشتي المحافظات.. سنواصل تأمين احتياجات قطاع الصناعة من إمدادات الطاقة.. وتطوير الجهاز الإداري للدولة.. وتوسيع قاعدة اللامركزية في المحليات.. باعتبار كل ذلك احتياجا ضروريا للمزيد من الاستثمارات والمشروعات.. والمزيد من فرص العمل. لقد انتهينا خلال العامين الماضيين ولأول مرة من تدريب (500) ألف عامل.. بالتعاون مع المصانع والشركات المنتجة واتحاد الصناعات.. بتكلفة بلغت (250) مليون جنيه.. كما أدرجنا (250) مليون جنيه بموازنة العام الحالي تحقيقا لذات الهدف. إنني أشدد علي الأهمية الخاصة للتركيز. خلال المرحلة المقبلة.. علي برامج مكثفة للتدريب المهني وإعادة التأهيل.. بما يفي بالاحتياجات الحقيقية والجديدة لسوق العمل.. ويعزز فرص الشباب في الحصول علي العمل المنتج.. وحقهم في الحياة الكريمة. إنني أعلم تماما أن الدولة لا تمتلك من الموارد.. ما يكفي لتحقيق هذه الأهداف والمتطلبات.. وأعلم وتعلمون أن ما حققناه خلال السنوات القليلة الماضية.. من استثمارات ومشروعات وفرص للعمل.. إنما تحقق بمشاركة مهمة لاستثمارات القطاع الخاص ومشروعاته.. وبما أتاحته له الدولة من تسهيلات وحوافز.. وإننا ونحن نستعد لمرحلة ما بعد تراجع أزمة الاقتصاد العالمي.. وإذ نتطلع للعودة لما حققناه قبلها من معدلات الاستثمار والنمو والتشغيل.. فإن الحاجة تشتد لإعطاء دفعة قوية.. للبرنامج القوي للمشاركة بين الدولة والقطاع الخاص.. باعتباره شريكا أصيلاً في جهود التنمية. ولقد أحلت بالفعل لمجلسي الشعب والشوري.. مشروع قانون مهم.. يضع إطارًا قانونيًا لتنظيم هذه المشاركة.. ويفتح أمامها مجالات جديدة بالمناطق الصناعية والتجارية.. وغيرها.. بما في ذلك مشروعات البنية الأساسية.. وإنني أطالب الحكومة والبرلمان بمناقشة مشروع هذا القانون بما يقتضيه من أهمية واهتمام.. وأتطلع مخلصًا لاعتماد نواب الشعب لهذا القانون.. خلال الدورة البرلمانية الحالية. الإخوة المواطنون إننا في مصر مقبلون علي مرحلة مهمة.. تبني علي ما حققناه حتي الآن.. نضع تداعيات الأزمة العالمية وراء ظهورنا.. ونتأهب لاستعادة سرعة حركتنا.. نحو المزيد من الاستثمارات والنمو الاقتصادي والتنمية.. والمزيد من فرص العمل لأبناء الوطن. إنني أؤكد مجددًا.. أن محاصرة البطالة هي قضيتنا الرئيسية في المرحلة المقبلة.. وأنها تمثل أولوية خاصة بين القضايا المتعددة للداخل المصري.. بآماله وتطلعاته.. نمضي في ذلك.. واثقين في سياساتنا واقتصادنا وإمكانيات شعبنا.. موقنين أن ما حققناه في السنوات القليلة الماضية.. يؤهلنا للمزيد من النجاح والإنجاز. وفقنا الله جميعًا وسدد خطانا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،