أصبح الأمر واضحاً جلياً كالشمس فى كبد السماء لا يحتاج إلى تفسيرات أو تأويلات، فبعد أن شنت قوات التحالف الغربى الاستعمارى حروباً عديدة فى منطقة الشرق الإسلامى، وكادت أن تقع فريسة أزمة اقتصادية طاحنة هددت بقوة أمنها القومى، رأت أن تلجأ إلى تحقيق هدفها المنشود من سحق الشرق الإسلامى ولكن بيد أبنائه أو ما بات يُعرف بالحرب بالوكالة؛ حيث يكون أبناء هذه الدول هم الذين يقومون بتنفيذ المخطط الغربى فى تخريب وتدمير الوطن. وهنا لا يستغل الغرب ذكاءه فقط بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر. وبعد دراسات وأبحاث ميدانية فى سيكولوجية الإنسان الشرقى المسلم قام بها الغربيون ومراكز أبحاثهم وجدوا أن الدين هو أهم عامل يمكن اللعب على أوتاره لتحقيق هدفهم المنشود فى إثارة القلاقل والاضطرابات، فعملوا فى البداية على إثارة الحروب الطائفية بين أصحاب الديانات المختلفة لأن تعاليم الدين الإسلامى واضحة جدا فى معاملة أهل الذمة، ولما فشلت الخطة ولم تؤت ثمارها المرجوة واصلوا الدراسات حتى وقعوا على مبتغاهم وهو حماس الشباب الدينى فى ظل وجود حكومات مستبدة، وفى ظل طغيان وتجبر إسرائيلى يغير على الشعب الفلسطينى الأعزل كل حين يقتل ويدمر ويشرد فى ظل صمت عربى وإسلامى يكتفى بالشجب والتنديد. وهنا عمل الغرب على تدعيم هذه الجماعات وتسليحها لتقوم بتحقيق أهدافه هو لا أهدافها هى.. وفى ظل حالة عدم الوعى وسيادة الأمية ووسط أجواء غابت فيها الثقافة العامة لأسباب عديدة، وأنظمة تعليمية عقيمة تعتمد على الحفظ والتلقين بدلاً من الفهم والإبداع، استطاعت الجماعات الإسلامية بغير وعى أن تبتلع الطعم كاملاً. ولكى لا يقع الشرق الإسلامى صريعاً أردنا أن ننوه إلى الخطر المحدق بنا جميعا، وهو الوقوف صفا واحدا فى وجه الجماعات الدينية المتعصبة وأن نستخدم كل الوسائل الممكنة من توعية وتثقيف وتعليم، ولا نقف عند الحل الأمنى فقط فهو يزيد من حدة المشكلة ولا يعالجها. فما طالبان سوى صنيعة أمريكا للمساعدة على التخلص من أعداء الملة والدين، وما أن حققت طالبان مآرب أمريكا فى هزيمة السوفيت حتى أعلنتها أمريكا جماعة إرهابية وشنت عليها حربا ضروسا ضاعت معها طالبان وغاصت أفغانستان كلها فى بحار الدم والحرب ولم تخرج منها حتى الآن، ولم تنج من تلك الآثار المدمرة الجارة المسلمة باكستان. وما جماعة الشباب الإسلامية فى الصومال إلا وجه آخر استغلته الآلة الماكرة الغربية لهدم دولة الصومال، الأمر نفسه تحقق فى السودان على يد الجماعات الإسلامية فانقسم إلى شمال وجنوب وهو مازال مهدد بانقسامات أخرى فى دارفور وكردفان. ويظل السلاح نفسه مستخدماً لإشاعة الفوضى فى العراق وسوريا مع صناعة تنظيم داعش، الذى يتقدم فعليا على الأرض كل يوم مع وجود تحالف من أكثر من أربعين دولة يقوم بالآلاف الطلعات الجوية على مواقعه! والتصريحات اليومية بأن الحرب على داعش ستستمر لسنوات مع العلم بأن الحرب الغربية الاستعمارية على جيش العراق النظامى القوى لم تستغرق عُشر المدة التى أعلنتها الجيوش الغربية المتحالفة للقضاء على تنظيم داعش غير المعروف. ويعتبر جند الخلافة فى الجزائر والحوثيين فى اليمن وغيرها من التنظيمات أوجه مختلفة لعملة واحدة هى عملة التدمير الغربى لدول الشرق الإسلامى، ولعل هذا ما يفسر المساندة الغربية لجماعة الإخوان فى مصر وتحريضها لها لمحاربة الجيش المصرى. وهنا يكمن دور المثقفين والمفكرين فى مواجهة هذه الجماعات التى تحقق أهداف الغرب بلا وعى، وهى تعتقد أنه تقدم خدمات جليلة للإسلام والمسلمين.