سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خلال الطريق لأول قرية يقصدها وزير البيئة بالشرقية لمواجهة السحابة السوداء.. أطفال وشباب أمام المفارم والأكوام.. والفلاحون: "اللى عنده قش رز زى تاجر المخدرات اللى خايف من البوليس يكبس عليه"
على طول الطريق الزراعى من القاهرة حتى محافظة الشرقية وبالتحديد حتى تصل لإحدى القرى الحدودية بين مدينة بنها ومركز منيا القمح وهى قرية "شب لنجة" تلك القرية التى قصدها وزير البيئة اليوم لمواجهة الحرق العشوائى لقش الأرز، الذى يتسبب فى ظهور السحابة السوداء. وبعيدا عن سماء القاهرة الكبرى التى غطتها هذه السحابة تجد نفسك فى قلب القرى التى رصدها القمر الصناعى لوزارة البيئة كمصدر رئيسى للسحابة، لن تسعفك السيارة التى تركبها من بعض الأدخنة السوداء التى تطل عليك من مساحات الأراضى الزراعية على جانبى الطريق وسترى بعينيك الأكوام المتناثرة فى هذه الأراضى من قش الأرز استعدادا لتحميلها إلى مشاريع التدوير للقش، وسترى آثار الحرق لبواقى الأرز فى الأرض الزراعية، ليتبدل لونها من الأخضر بفعل صغار الفلاحين. ومن داخل أحد هذه المشاريع فى محافظة الشرقية ستجد الصبية والشباب والعجائز أيضا، كلا يعمل على طريقته، المهم فى النهاية أن يفرم أكبر قدر ممكن من أطنان قش الأرز وسط صخب المعدات التى تقوم بالفرم. كلما ذهبت لمشروع ستجد المشهد واحد باستثناء بعض المشروعات التى كاد أصحابها أن يكونوا محتكرين لهذه المشروعات فهم يتفننون فى رسم المشهد بكل دقة خاصة عند زيارة الوزير لهم لتفقد منظومة الجمع والتدوير، من زى للعاملين وكمامات ومساحات شاسعة بين كل آلة وأخرى. بعيدا عن هذه المشروعات المنمقة، كان هناك مشروع آخر قام به مجموعة من الأهالى فى قرية "شب لنجة"، فبينما يحرص المارة على الإسراع من خطواتهم تفادياً لاستنشاق الذرات المتطايرة منها، وقف عبده ابن الرابعة عشر عاما تحت أشعة الشمس الحارقة يغطى وجهه بمنديل كبير أو أن صح التعبير بقماشة كبيرة لتمنعه من استنشاق دخان قش الأرز. ملامح عبده الصغيرة كادت تختفى خلف المنديل الكبير، وللحظات وقف أمامنا ليزيل عن وجهة هذا المنديل الذى أخفى ملامحه الحقيقية لتظهر عيناه وهى يكسوها اللون الأحمر، ينحنى بظهره ليلتقط حزمة كبيرة من أكوام قش الأرز يضعها داخل ماكينة بدائية تفرم القش خلال دقائق يحاول فيها استجماع قواه البدنية ليستكمل باقى مهمته الشاقة. فى هذه المساحة التى لا تتجاوز 50 مترا فى 30 جلس الرجل المسن ذو ال60 عاما أسفل شجرة يستظل بها من حرارة الشمس، يتابع عملية فرم قش الأرز ويصدر تعليماته إلى مجموعة من شباب الفلاحين لم تتجاوز أعمارهم عشرين عاما. وقف الفلاحون يروون ل"اليوم السابع" علاقتهم بالتهم التى يروجها عنهم الإعلام وأنهم وراء ظهور السحابة السوداء فى سماء القاهرة، لينفون ذلك كله، ويقول الحاج صبحى: "إحنا فلاحين صغيرين ومش عارفين نعمل إيه أنا بزرع قيراطين والقش اللى بيطلع منهم ما يكملش 200 جنيه هنقله ب150 جنيها للشركة ولا احرقه... طبعا احرقه، واليومين دول للى عنده شوية قش رز بقى زى تاجر المخدرات اللى مخزن الحشيش فى بيته وخايف من البوليس يكبس عليه". لم يختلف مضمون ما قاله عم صبحى عما قاله شفيق أحد المزارعين بقرية الصنافين بمحافظة الشرقية الفلاحين فى تعاملهم مع أزمة قش الأرز، حيث قال: "بقالنا سنتين شايلين على كتافنا هم تقيل، أنا مزارع على قد حالى مستأجر فدان أرض زراعية لزراعة الأرز وييجى وقت حصاد المحصول وبقف مكتوف الأيد مش عارف أعمل إيه فيه، لو حرقته وزارة البيئة بتعمل لى محضر بعشرة آلاف جنيه، ولو فرمته كسماد للحيوانات بحتاج أدفع أجرة عمال توصل لخمسين جنيه للفرد الواحد فى اليوم، وماكينة فرم القش بتكلفنى 80 جنيها فى الساعة الواحدة، فبضظر إنى أفرم اللى أقدر عليه خوفا من دفع غرامة الحرق". أما أم حمدى السيدة التى تربى يتامى، قامت بزراعة أرضها هى وولديها صلاح ومنصور، وقفت تروى تكاليف زراعة ال4 فدادين وأنها جمعت 5 أطنان قش رز، ومكنتش عارفة هتصرف إزاى مع القش، ولخوفها من دفع غرامة الحرق اضطررت تفرم القش على حسابها وده كلفها 4000 جنيه فى يومين أجرة العمالة وتأجير ماكينة الفرم، ورأت أن الحل أن الحكومة توفر مكابس للفلاحين مجانا، والتى لا يستطيع شراءها لعمل بالات كسماد للحيوانات. خلف لافتة باتت حروفها باهتة لدرجة تصعب تفسيرها، وعلى مساحة فدانين فى قرية «كفر عزازى» بمركز أبو حماد أقيم مصنع لتحويل قش الأرز إلى غاز الميثان، وبدأ العمل فيه من عام 2006، إلا أنه توقف عن العمل بعد مرور أربعة أعوام، ليظل المصنع متوقفاً عن العمل حتى الآن، وذكر أحد العاملين بالمصنع أسباب توقف المصنع وقال: «فى عام 2005 اتفقت وزارة البيئة مع دولة الصين على توريد وتركيب مصنعين فى محافظة الشرقية والدقهلية، لتحويل قش الأرز إلى غاز الميثان، وبدأ العمل فى المصنع فى عام 2006، إلا أنه لم يستمر العمل فيه سوى 4 أعوام، توقف بعدها المصنع عن العمل بسبب كثرة أعطال الماكينات وعدم وجود قطع غيار لها، وعدم توافر الحد الأدنى للتأمين ضد أخطار الحريق بالمصنع، ما يعرض حياة العاملين به للخطر». وعن مواعيد حرق القش أفصح أحد المواطنين أنه لا يتم بصورة عشوائية أو طوال ساعات النهار، وإنما له أصول يعرفها الفلاح وساعات معينة من النهار لابد من الحرق فيها، كشف عنها الحاج شوقى من كبار مزارعى كفر صقر، قائلا قبل الحرق يجب فرش قش الأرز على الأرض، لأنه لو تم إشعال النيران فيه وهو على صورة أكوام لن يشتعل بسهولة وسيصدر عنه دخان كثيف قد يصل إلى 72 ساعة كاملة، إلى جانب أنه لا يتم حرق قش الأرز فى ساعات مبكرة من النهار، وإنما يتم حرقه بدءاً من الساعة العاشرة صباحاً، حتى الرابعة عصراً أو فى ساعات متأخرة من الليل تبدأ من العاشرة ليلاً لمنع تساقط قطرات الندى عليه التى تعوق من سرعة احتراقه. وزير البيئة يرافقه محافظ الشرقية فى جولة تفقدية لمواقع تدوير قش الأرز وزير البيئة خلال لقائه بالفلاحين فى قرية شب لنجة داخل الوحدة المحلية تكمير قش الأرز قبل دخوله المفرمة فى مشروع المزارع الصغير وزير البيئة يحاور الفلاحين فى مشاكل الجمع لقش الأرز الفلاحين أمام مكابس قش الأرز والمفرمة موضوعات متعلقة : "البيئة": تفعيل مشروع استدامة النقل فى مصر لمواجهة السحابة السوداء