بدأت بوادر السحابة السوداء فى الظهور مع بداية موسم حصاد الأرز، خاصة فى بعض محافظات الوجه البحرى، فى ظل غياب الأجهزة المعنية عن الرقابة، وإقدام المزارعين على حرق قش الأرز، وامتدت غيامات السحابة السوداء إلى بعض المناطق الزراعية المتاخمة لمحافظات القاهرة الكبرى، وذلك وفقا لغرفة عمليات وزارة البيئة، التى لفتت إلى اقتراب السحابة من القاهرة والجيزة. وشهدت محافظة القليوبية على مدار اليومين الماضيين ظهور سحابة سوداء وأدخنة متصاعدة من الحقول، بعد قيام المزارعين بحرق كميات كبيرة من قش الأرز، تسبب فى اختناق المواطنين القريبين من تلك الحقول. ورصدت «الشروق» تزايد إقبال الأهالى على الوحدات المحلية فى القرى، لتقديم شكاوى فى أصحاب تلك الحقول، كما شهدت محافظة كفر الشيخ ظهورا مكثفا للسحابة السوداء، بعد قيام المزارعين بحرق قش الأرز، غير مبالين بدعوات الحكومة لتدوير قش الأرز أو تسليمه للمكابس التى توفرها. كما تلقت غرفة العمليات المركزية بوزارة البيئة الأسبوع الجارى عشرات البلاغات لحرق قش الأرز ومخلفات زراعية بالقاهرة الكبرى والمحافظات، وتم التحقيق فى البلاغات وتحرير محاضر للمخالفين، وفقا لما أكده العقيد ياسر خليل، مدير إدارة التفتيش البيئى بالوزارة. وسألت «الشروق» بعض المزارعين عن عدم الاستجابة لمشروعات تدوير المخلفات أو كبس القش بدلا من حرقه، فأجاب أحمد خليل، مزارع بالقليوبية: «المكابس الموجودة بالمحافظة بعيدة عن حقولنا، كما لا يوجد مصانع لتدوير المخلفات، وتحويلها لسماد كما تدعى الحكومة، وإن كانت موجودة لا نعرف أماكنها ولم يتم إرشادنا للوصول إليها عن طريق الجمعيات الزراعية، ونلجأ لحرق القش لسهولة التخلص منه، بعد نقل ما نحتاجه إلى منازلنا». وقال حافظ الجندى، مزارع: «العام الماضى تم توفير مكبس لقش الأرز وكان بمكان بعيد ولكننا توجهنا إليه وتحملنا تكلفة نقل القش من وإلى المكبس، وفى النهاية تم تكديس «بالات» القش فى الحظائر، دون الاستفادة منها، وهو ما جعل بعض المزارعين هذا العام يمتنعون عن نقل القش للمكابس والإقدام على حرقة». وطالب الجندى بتوفير مكابس فى أماكن قريبة من الحقول، وأن تتحمل الحكومة تكلفة نقل القش عن طريق توفير سيارات تجوب على الحقول، مؤكدا أن المزارعين لديهم استعدادا لترك القش بدون مقابل، بعد أخذ ما يكفى لإحتياجاتهم. من جانبها قالت الدكتورة ليلى اسكندر، وزيرة البيئة، إنه تم توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، لتدوير 100 ألف طن من المخلفات الزراعية الخاصة بقش الأرز للحد من الظاهرة، وهناك سعى لتعميم مشروع المزارع الصغير لصغار الفلاحين والذين تقل حيازتهم عن خمسة أفدنة على نفقة وزارة البيئة، لعمل كومات أسمدة عضوية وكومات أعلاف غير تقليدية، من قش الأرز والمخلفات الزراعية لمنع حرقها. وأضافت الوزيرة أنه سيتم تطبيق ذلك المشروع، فى 28 مركز وقرية من 4 محافظات مختلفة، وهى القليوبية والغربية والشرقية والدقهلية، لكونها من أكثر المحافظات المزروعة بالأرز، للحد من الآثار السلبية الناجمة من المخلفات الزراعية وحرقها والقضاء على ما يسمى بالسحابة السوداء.