تنسيق 2025.. طريقة معرفة الكلية المُرشح لها الطالب بشكل نهائي    المتر التجاري يسجل 162 ألف جنيه في بدر.. أسعار المحلات تصل لمستويات قياسية    الاتحاد الأوروبي: بوتين يواصل إطالة أمد المفاوضات ولا ينوي إنهاء الحرب    رئيس وزراء المجر: العالم أصبح أكثر أمانًا بعد قمة ترامب وبوتين    رئيس البرلمان العربي يعزي الجزائر في ضحايا سقوط حافلة نقل    طبيب الأهلي يكشف طبيعة إصابة محمد بن رمضان.. وموقف اللاعب من مباراة غزل المحلة    الداخلية تضبط محتال استولى على أموال مواطن بزعم تخصيص أرض بالقاهرة    إليسا تُشعل حفلها الغنائي بمدينة العلمين الجديدة بأغانيها (صور)    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    إيرادات الجمعة.. "درويش" يحافظ على الصدارة و"الشاطر" في المركز الثاني    معهد ناصر يعلن استقبال الجراح العالمي أحمد حلاوة أكتوبر المقبل    انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد فيروس الحمى القلاعية بكفر الشيخ    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يتفقد حمامات السباحة والمنشآت الاستثمارية    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. القناة في المركز الأول    إليسا تخطف الأنظار في العلمين الجديدة.. فستان وردي وحضور غير مسبوق    نائب: البيان العربي الإسلامي حمل ردًا حاسمًا حول مزاعم "إسرائيل الكبرى"    منال عوض: اتخاذ إجراءات تطويرية خاصة بمحمية وادي دجلة لتعزيز حمايتها والحفاظ على مواردها الطبيعية    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    محافظ بورسعيد يناقش آليات الارتقاء بمنظومة الصرف الصحي ومياه الشرب    "حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسّع دائرة اعتداءاته جنوب لبنان    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    عملة ترامب الرقمية ترتفع بنحو 2.3% على إثر قمة بوتين- ترامب    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    وزير الدفاع الروسي: المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرحة المصرية
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 01 - 2010

الإحساس بالفرح نعمة لا يمنحها الله إلا لمن يقدر قيمتها.. والقدرة على السعادة صفة لا يتمتع بها إلا كل عاقل متصالح مع ذاته ومجتمعه.. وطعم الحياة لا يدركه سوى عشاق الحياة.
والمصريون فى كل بقاع الأرض عشاق للحياة.. شعب مفتاحه شخصيته الإحساس بالسعادة.. يدركون جيدا كيف يفرحون.. جماعات وبلا ترتيب.. إدراك الفرح شعور عفوى وكأنما فى جينات المصريين.. ينتشر بسرعة فيبدو كما لو كان سابق التنظيم.. من شاهد ملايين المصريين فى شوارع مصر المحروسة بطولها وعرضها.. ليلة الخميس الماضى.. الليلة التى هزم فيها الفريق الوطنى المصرى فريق الجزائر فى أنجولا.. الإحساس الطاغى بالسعادة.. البادى فى العيون الممتلئة بالفرحة.. والأيادى الممدودة.. راقصة أو مهنئة أو مرحبة.. والأجساد المتلاصقة فى كل الطرق.. لتتحول إلى كتلة لحم واحدة.. خلطة مصرية خالصة.. أمة ذات هوية مميزة.. من شاهد المصريين – فى الشوارع أو عبر الفضائيات – لا يمكنه تصور أن تلك الاحتفالية شديدة النظام.. إنما هى وليدة للحظة يدرك المصريون جيدا كيف يشعرون بها.. لحظة السعادة.. وتلك هى اللحظة المفتاح فى الشخصية المصرية.
(1)
لذا فدهشة المصريين تكون فى محلها.. عندما يطالعون عبر نشرات الأخبار التى تبثها الفضائيات المختلفة.. وقوع قتلى وجرحى بالعشرات أثناء احتفال دولة ما بانتصار فريقها الكروى فى مباراة ما.. ذاك معنى غريب على استيعاب المصريين.. فالمقدر لقيمة الحياة يكون عصيا عليه تقبل فكرة إنهاء الحياة احتفالا!!.. عشاق الحياة لا يقدمون الأرواح قربانا للحظة احتفال أيا كان.. ولا يدركون معنى أن يكون نتاج الإحساس بالفرح إراقة الدماء؟!.. ولا أن يكون للاحتفالات ضحايا, قتلى ومصابين؟!.. دهشة عشاق الحياة هذه تترجم لأسئلة منطقية.. كيف يقتل المحتفلون فى تلك الدولة بعضهم بعضا؟!.. هل يخرجون سكاكينهم – التى صارت علامة شعبية مميزة – فيشقون لحم بعضهم البعض تعبيرا عن الابتهاج؟!.. أم هل ينطلقون بسياراتهم – التى داست العلم المصرى العزيز على قلب كل مصرى – فيدوسون بعضهم البعض تعبيرا عن الشعور بالفرحة؟!.. أم هل يتشابكون بالأيدى مع بعضهم البعض – وهو ما أوضحته كاميرات التليفزيون للاعبيهم فى المستطيل الأخضر فشاهده العالم كله – لينتهى اشتباكهم بسقوط قتلى ومصابين؟!
(2)
وللمصريين أقول.. دهشتكم مبررة فتلك كلها تفاصيل يصعب على الشخصية المصرية تقبلها.. الشخصية المسالمة.. القادرة على الابتهاج رغم صعوبات الحياة.. الناظرة تجاه المستقبل.. المتمسكة بالحلم والفرح والنابضة بالحياة.. عندما يفرح بنى وطنى يدقون الطبول.. وعلى إيقاعات دبيب الحياة فى الأجساد.. يرقصون فى الشوارع رقصة الحياة.. يضحكون فتملأ ضحكاتكم الحياة.. وتتردد أصداؤها خارج حدود وطنهم.. فلا يفهمها من يغلقون على أنفسهم أبواب بيوتهم.. خوفا من الإرهاب.. أو من دخول النور.. فقد اعتادوا الظلام.. يرون أغانى المصريين ورقصهم وإحساسهم بالحياة.. شيئا يستحقون السب لأجله.. فيتهمونهم بأنهم شعب من الراقصين.. وما للجهلة من وسيلة للإحساس بالإبداع.. فما يحدث خلف أبوابهم المغلقة.. ويعرفه العالم كله.. بينما ينكرونه هم.. دافنين رأسهم فى الرمال.. إلا عنوان لحالة الشيزوفرينيا التى صارت نوعا من الإدمان.. تماما كسبهم لفرنسا.. رغم اصطفافهم فى طوابير طويلة أمام سفارتها طلبا لتأشيرة الدخول.. والتنديد باستعمار انتهى منذ 50 عاما.. رغم إصرارهم شيوخا وشباب على التحدث بلغته.. وتلك حالة كراهية بينة للحياة!!
(3)
بعد انتهاء مباراة مصر والجزائر بأقل من دقيقة.. دق هاتفى المحمول نظرت إلى الرقم الظاهر أمامى.. كان من الجزائر.. من مدير تحرير صحيفة جزائرية حديثة – وبالمناسبة فمدير التحرير هو الموقع الأعلى فى الصحف الجزائرية عن رئيس التحرير – وهو روائى ومخرج مسرحى.. ويعتبره الجزائريون من صفوة نخبتهم.. لطالما حدثنى عن عشقه لمصر والمصريين.. وتقديره لدورها الإقليمى منذ عشرات السنين.. واعترافه لى فى جلسات كثيرة فى القاهرة والجزائر.. عن الوضع المتداخل فى الجزائر.. الذى تحكمه كثير من التفاصيل لا تبدو على السطح.. حدثنى عن العنف والدماء.. وعن العشرية السوداء.. سنوات الإرهاب.. ماذا فعلت بالجزائريين.. وكيف تركت ظلالها على شخصيتهم.. جاذبة إياهم للوراء لعشرات السنين.. و"كنت" شخصيا أكن له التقدير.. حتى كانت المباراة الأولى بين مصر والجزائر فى الجزائر للتأهل لكأس العالم.. أسقط فى يدى تحوله – بلا مبرر – مائة وثمانين درجة.. وهجومه الضارى ليس على المنتخب المصرى.. لكن على مصر.. عبر صحيفته الناشئة فى مانشيتاتها وعناوينها وموضوعاتها.. وبنفسه فى مقالاته الشخصية التى هاجمت النظام المصرى والمثقفين المصريين والشعب المصرى على السواء!!
وسط غوغاء الهجوم على مصر.. وهمجية السب فى رموزها وفنانيها ومثقفيها.. لم يختلف مدير التحرير هذا – وأتعمد عدم ذكر اسمه – عن السياق الذى جرى تنظيمه فى بلده تحت وهم النيل من مصر.. ذاك السياق الذى لم يشذ عنه مسئول رسمى أو شعبى أو إعلامى أو رياضى.. ووسط لوحة موزاييك المصالح شديدة التعقيد فى الجزائر.. كان واضحا أن الأمر لا علاقة له بكرة القدم بالمرة.. الأمر شديد الارتباط بما فى الداخل الجزائرى.. من يخلف من.. ومن يحكم من.. ومن يتحالف مع من.. ومن يغتنم فى النهاية من كل هذا.. من اعتقدوا أنهم يستخدمون الشعب كاستخدامهم لمباراة كرة قدم.. سوف يدفعون ثمنا باهظا لما دبروا طوال الأشهر الماضية.. من منهم داخل الجزائر.. ومن خارجها أيضا.. فى فرنسا.. أو شارع البرازيل فى الزمالك على نيل القاهرة!!
(4)
عندما سقطت عينى على الرقم الظاهر أمامى.. وكنت مازلت أحتفظ به حتى لا أجيب عندما يهاتفنى.. فلم أجب.. بعدها بدقائق والى الطالب الجزائرى الاتصال.. ولم أجب.. وتوالت المحاولة لأربعة مرات متتالية.. ولم أجب.. كان فى الأمر احتمالين لا ثالث لهما.. إما أنه يطلبنى ليبارك صعود منتخبى.. ولم أكن أريد تلك المباركة.. إذا أرادها فليفعلها على صفحات جريدته.. التى مازالت – بالمناسبة – تسب وطنى.. وإما أنه يطلب ليسبنى كعادة بنى وطنه.. وفى الحالتين لم تكن لدى الرغبة فى الرد.. فقد طويت من الذاكرة صفحة ما كان لى من علاقات إنسانية فى الجزائر.. بعدها انهالت على الاتصالات من أرقام – لا أعرفها – تحمل مفتاح الجزائر.. لم أجب.. فليتقاتلوا ابتهاجا أو حزنا.. فليحرقوا شركات مصرية.. فليسبوا عبر الإنترنت.. فليحرقوا وطنهم – وهو أمر ليس ببعيد فقد فعلوها سابقا – أما أنا فال نية لدى للاستجابة لمحاولات جذبى للخلف.. كان أمامى الكثير من الوقت للاحتفال على طريقة بنى وطنى.. من عشاق الحياة!!
كاتبة صحفية بالأهرام .*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.