بات الوطن العربى والإسلامى من أقصاه إلى أقصاه على فوهة بركان نشط، وأصبحت أجزاؤه تشتعل الواحدة بعد الأخرى، فكان لابد لنا من الوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا الوضع المتردى وذاك الخطر المحدق، حتى يمكننا أن ننقذ ما يمكن إنقاذه. وباستقراء الواقع الفعلى وجدنا أن الأزمة التى تعصف بمجتمعاتنا كان سببها، فى المقام الأول، وجود الجماعات الدينية الإسلامية التى تنطلق من فقه الفرقة الناجية فتمارس فعل الإقصاء والتكفير لكل من خالفها، وإن كان إقصاء الأخر وتكفيره هنا المقصود به الأخر المشارك لأهل السنة فى الملة والمغاير لها فى المذهب، وإن كان الأخر المغاير فى الملة مثل اليهود والنصارى لا يمكن استبعاده من الصورة المباشرة فى صناعة الأزمة العربية والإسلامية الراهنة. فحينما تختلف الفرق والجماعات الدينية الإسلامية فإنها على الفور تمارس فعل الإقصاء بمعنى أنه من لم يكن معنا فهو ضدنا، ثم يتحول الإقصاء إلى لوم وتوبيخ ثم إلى تشهير وتسفيه ثم إلى تكفير ثم يكون العنف وإراقة الدماء من خلال الحرب الأهلية التى تقضى على الأخضر واليابس..وهذا ما يذكره التاريخ الإسلامى صراحة.. فالخوارج كفروا أهل السنة، وما كان من أهل السنة إلا أن بادلوهم تكفيرا بتكفير، والجهمية حكمت بكفر المعتزلة كذلك كفرت الثانية الأولى .. وما التكفير إلا دعوة لإراقة الدماء التى سالت بغزارة ولم تنضب حتى اليوم .وهذه الحقيقة فطن إليها أعداء الأمة العربية والإسلامية فلجئوا إلى ما يمكن تسميته الحرب بالوكالة، فلم يجدوا أنسب من تلك الفرق الإسلامية لتحقيق أغراضهم الدنيئة والخبيثة، فلعبت جماعة الشباب الإسلامية الدور الأكبر فى خراب دولة الصومال وتحويلها من حالة الأمن والاستقرار إلى حالة الخراب والدمار، من حال الدولة إلى حال اللا دولة، كما قامت حركة طالبان بالدور نفسه فى تدمير أفغانستان، وإشاعة حالة عدم الاستقرار فى باكستان، وهوالدور نفسه الذى تلعبه حاليا جماعة أنصار الشريعة فى ليبيا، وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بتنظيم "داعش" فى العراق وسوريا، وسائر الجماعات الدينية الإسلامية سواء فى السودان أوالبحرين، كما كان هوالدور المنتظر لتلك الجماعات فى تدمير المحروسة مصر لولا أن تغمسها الله برحمته، فكنا على وشك أن يحمل تنظيم أنصار بيت المقدس السلاح فى وجه الدولة وبمعاضدة ما يطلق عليهم تحالف دعم الشرعية، ولكن الله سلم، فاكتفوا بأفعال خسيسة بتفجير هنا أوهناك ... ولكن كما يقول المثل العامى " وليس فى كل مرة تسلم الجرة" .. فعلينا أن نعى الدرس تمامًا ونقوم بتفعيل المادة (74) من الدستور المصرى لعام 2013، والتى تحظر قيام أى نشاط سياسى أو أحزاب سياسية أوجماعات - تحت أى مسمى - على أساس دينى، وذلك إذا أردنا أن نعمل على وأد الفتنة فى مهدها وأن ننقذ بلادنا من خطر محدق عصف بالفعل بمعظم الجيران.