سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خطة إسرائيلية للسيطرة على سوق الغاز العالمية.. تل أبيب تستغل غازها الطبيعى المكتشف حديثاً لتغيير موازين القوى الاقتصادية فى العالم.. وتستعد لتصديره إلى أوروبا لتقييد طموحات «روسيا بوتين»
نقلا عن العدد اليومى: تسعى إسرائيل، للسيطرة على كل أسواق الغاز فى العالم، بدءا من آسيا مرورا بأفريقيا، ووصولا للقارة الأوروبية وأمريكا الجنوبية، عبر تصدير الغاز الطبيعى الذى اكتشفته مؤخرا فى مياه البحر المتوسط. وتهدف إسرائيل إلى التأثير بشكل مباشر فى الأزمة الأوكرانية الراهنة بين روسيا ودول الناتو، بجانب استغلاله لإعادة بناء العلاقات المتوترة التى نشأت مؤخرا مع كل من مصر وتركيا. وكانت تل أبيب قد وقعت خلال الشهور الأخيرة اتفاقات بيع الغاز مع الأردن والسلطة الفلسطينية، رغم تردى العلاقات مع الفلسطينيين، وتسعى الآن لتوسيع آفاق التصدير للقارتين الآسيوية والأفريقية من خلال مصر، بينما ستعمل على تصدير الغاز للقارة الأوروبية من خلال تركيا للاستفادة من الاكتشافات الضخمة التى حققتها مؤخرا. وكشفت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى فى صناعة النفط الإسرائيلية، أنه إذا سار كل شىء على ما يرام، فربما تؤدى التطورات الأخيرة إلى بدء العمل فى إقامة أول خط أنابيب بين إسرائيل وتركيا فى العام المقبل، مضيفين أنه قد بدأت بوادر تعاون فى مجال الغاز بين إسرائيل ومصر فى الظهور وهو ما سيفتح الباب أمام إمكانية التصدير للأسواق الآسيوية الكبرى، على حد قولهم. وقال موقع «مكور» الإخبارى الإسرائيلى، إن النمو السكانى وارتفاع الطلب أديا إلى عدم كفاية الإمدادات المخصصة لمحطات إسالة الغاز الطبيعى فى مصر، وأن نقص المعروض فى السوق المحلية أدى إلى تآكل صادرات مصر المحمولة بحرا عبر قناة السويس إلى أفضل أسواق العالم ربحية. ودفع ذلك إسرائيل إلى تأجيل البت فى خطط سابقة لضخ احتياطيات الغاز إلى محطة تصدير تقام مستقبلا فى جزيرة قبرص لتوجه بذلك لطمة كبرى لطموحات قبرص التى تعيش حاليا تحت عبء دين كبير. وأوضحت المصادر الإسرائيلية، أنه قد تأكدت حاجة أوروبا الماسة لتنويع مصادرها من النفط والغاز بفعل احتمال فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسى، ردا على ضم موسكو شبه جزيرة «القرم» وحشد قواتها على امتداد الحدود الشرقية لأوكرانيا، وبالتالى تأمل إسرائيل تصدير الغاز عن طريق خط أنابيب وعدة محطات عائمة لإنتاج الغاز المسال التى يتم فيها تبريد الغاز لتحويله إلى الصورة السائلة حتى يمكن شحنه لأكبر أسواق العالم. ويمثل المشروع لإسرائيل حصيلة ضريبية تبلغ 150 مليار دولار إذا أبرم «الكونسورتيوم» - مجموعة الشركات العالمية التى تعمل فى مجال الغاز داخل إسرائيل– الذى يدير حقول الغاز اتفاقات للتصدير، حيث قال مصدر دبلوماسى إسرائيلى: «فى نهاية الأمر تحتاج مصر وتركيا للطاقة وامتلاكنا لهذه الطاقة يخلق تلاقيا للمصالح على المستوى الإقليمى». وقالت المصادر الإسرائيلية فى مجال الطاقة، إن مصر تتيح لمجموعة الشركات الأمريكية - الإسرائيلية التى تطور حقل «ليفياثان» العملاق للغاز، سبيلا للوصول إلى السوق الآسيوية، حيث يبلغ سعر الغاز الطبيعى المسال مثلى سعره فى أوروبا. وقال يوجين كاندل، رئيس المجلس الوطنى الاقتصادى بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو: «إذا استطاعت الشركات التى تشغل الحقول فى إسرائيل، التوصل لاتفاق مع الشركات التى تشغل هذه المنشآت فستستفيد مصر وإسرائيل». وألمح كاندل، إلى أنه لم يحدث تعاون اقتصادى يذكر بين مصر وإسرائيل منذ توقيع كامب ديفيد بين البلدين عام 1979، وأنه فى السنوات الأخيرة أدت الاضطرابات السياسية فى مصر إلى تقليص فرص التعاون بين الجانبين. وقال المسؤول الإسرائيلى، إن المحادثات تتركز الآن بين «كونسورتيوم ليفياثان» الإسرائيلى والسلطات المصرية على تزويد منشآت تصدير الغاز المسال المصرية العاطلة عن العمل بالغاز الإسرائيلى، حيث يتألف الكونسورتيوم من شركات «ديليك دريلينج» و«ريشيو وأفنر أويل» الإسرائيلية وشركة «نوبل انرجى» الأمريكية. وتدير «بى. جى» البريطانية واحدة من محطات إسالة الغاز التى لا تعمل بطاقتها القصوى فى مصر، وهى من أكبر شركات تجارة الغاز المسال فى العالم، كما تجرى «بى. جى» مباحثات مع شركاء «كونسورتيوم ليفياثان». وقالت مصادر بصناعة النفط الإسرائيلية، إن الخيار المفضل لدى إسرائيل هو بناء خط أنابيب تحت سطح البحر من حقل «ليفياثان» وتوصيله بشبكة أنابيب بحرية تابعة لمجموعة «بى. جى» فى المياه المصرية بما يسمح بضخ الغاز الإسرائيلى مباشرة إلى محطة الإسالة فى «إدكو» المصرية، مضيفة أنه إذا تحقق ذلك فلن يكون معناه إحياء محطة إدكو فحسب، بل إن أول صادرات إسرائيلية من الغاز المسال ستنطلق من محطة مصرية. وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أنه قد تعرض خط أنابيب برى بين مصر وإسرائيل لهجمات متكررة من جانب جماعات معارضة للعلاقات مع إسرائيل، لكن استهداف خط أنابيب تحت سطح البحر سيكون أصعب كثيرا. ولفتت المصادر إلى أن مصر قد تواجه صعوبات فى الوفاء باحتياجاتها المحلية المتزايدة من الطاقة، بعد انخفاض الإنتاج المحلى وتكرار انقطاع التيار الكهربائى. فيما أوضح الموقع الإخبارى الإسرائيلى، أنه من الممكن أن يسهم الغاز الإسرائيلى فى تخفيف النقص فى السوق المصرية، مما سيقلل من حدة الاضطرابات التى كانت من أسباب عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى ويقلل عبء متأخرات تبلغ نحو ستة مليارات دولار تدين بها مصر لشركات الطاقة الكبرى مثل «بى. جى». وفى إطار سياسة تصدير ثنائية المسار تهدف إسرائيل أيضا لشحن الغاز الطبيعى المسال إلى أسواق آسيا وأمريكا الجنوبية عن طريق محطة عائمة لإسالة الغاز تقام فوق حقل ليفياثان. وقال كاندل: «بكل تأكيد نريد تقوية العلاقات الاقتصادية مع جيراننا، لكننا لا نريد أيضا أن نكون مكشوفين أكثر من اللازم للتقلبات المحتملة فى المنطقة، ولذلك يجب أن يكون لإسرائيل منافذ لا تقيدنا بالمنطقة». وحول نية إسرائيل نقل الغاز الطبيعى إلى أوروبا عبر تركيا، قال الموقع الإسرائيلى، إن العلاقات بين إسرائيل وتركيا تردت بشدة، بعد أن أغار جنود كوماندوز إسرائيليون على سفينة «مرمرة» التركية التى كانت تحمل نشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية كانوا يحاولون كسر الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة عام 2011، وأنه مازال ضعف العلاقات بين الجانبين يمثل حائلا أمام إبرام اتفاق بشأن الغاز. وكان مسؤول كبير بقطاع الطاقة التركى قد قال: «تعقد دائما مفاوضات على مستوى عال مع إسرائيل لتسوية المسائل السياسية، وهناك أيضا مفاوضات على مستوى أقل تهدف إلى إحراز تقدم فى مجال الطاقة، وسيمهد تطبيع العلاقات السبيل أمام الاستثمار والتعاون فى الطاقة». وقالت المحللة التركية سارة حسن بمجموعة «أوكسفورد ريسيرش جروب» فى تصريحات سابقة لها نقلها الموقع الإسرائيلى: «من الواضح أن هناك إمكانية كبيرة لتحويل ثروة الغاز الجديدة فى شرق المتوسط من مصدر محتمل للصراع إلى عامل مساعد فى التعاون الإقليمى». وتتركز المحادثات بين «كونسورتيوم ليفياثان» الإسرائيلى والجانب التركى على مد خط أنابيب تحت سطح البحر سعة عشرة مليارات متر مكعب بكلفة متوقعة تبلغ 2.2 مليار دولار، بما يفتح المجال أمام إسرائيل للتصدير لسوق رئيسية من الأسواق الناشئة تعد أحد أسواق الطاقة الرئيسية فى أوروبا بحلول 2023. وقال مسؤول بقطاع الطاقة التركى: «نحن نعتقد أن من الممكن أن تبدأ مرحلة بناء خط الأنابيب لنقل الغاز الإسرائيلى إلى تركيا فى النصف الثانى من 2015». ومن الممكن أن يفتح خط أنابيب آخر لم يتم بعد إقامته لربط أوروبا ببحر قزوين عن طريق تركيا فى 2019 الباب أمام سوق جديدة للغاز الإسرائيلى فى غرب أوروبا. وأضاف المسؤول التركى، أن إبرام اتفاق لتوريد الغاز لمدة 25 عاما سيؤدى لتحسين العلاقات التركية الإسرائيلية ويعزز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، وسيتم رفع العقوبات التركية المفروضة على إسرائيل، وإعادة سفير كل من البلدين للبلد الآخر. وقال محمد أوغوتكو، رئيس شركة «جلوبال ريزورسيز كوربوريشن» التركية للاستشارات ومقرها لندن: «السوق التركية للغاز الطبيعى هى السوق الوحيدة النامية فى المنطقة، مساعى التنويع بعيدا عن روسيا ستبرر ضم الغاز الإسرائيلى إلى الغاز الأذربيجانى والإيرانى والكردى». وقال نيكولو سارتورى، محلل شؤون الطاقة والدفاع بمعهد الشؤون الدولية فى روما: «يبدو فعلا أن الغاز الطبيعى يمكن أن يقرب الجانبين من تسوية، لأن الهدف الرئيسى لتركيا هو تأمين الموارد لتلبية الطلب المتزايد بسرعة صاروخية». وقال: «هناك الجهود لإقامة خط أنابيب الغاز بشرق المتوسط خلال الشهور القليلة الماضية، وتلعب فيها الولاياتالمتحدة دورا أساسيا، والتسوية القبرصية على رأس جدول الأعمال، لأنها ستسمح لقبرص باستخدام الخط». وهذا قد يقنع قبرص بالموافقة على خط أنابيب يمر بمياه يطالب بأحقيته فيها كل من الشطر اليونانى القبرصى والشطر التركى من الجزيرة.