جانب من اعمال الغار فى إسرائيل من المحتمل أن يسهم سعي إسرائيل لتصدير الغاز الطبيعي الذي اكتشفته في مياه البحر المتوسط في إعادة بناء العلاقات المتوترة مع كل من مصر وتركيا، لكنه قد يحرم أوروبا من بديل ثمين للغاز الروسي. وفي الشهور الأخيرة وقعت إسرائيل اتفاقات مع الأردن والسلطة الفلسطينية رغم تردي العلاقات مع الفلسطينيين، وهي الآن بحاجة لتوسيع آفاق التصدير للاستفادة من الاكتشافات الضخمة التي حققتها. وإذا سار كل شيء علي ما يرام فربما تؤدي التطورات الأخيرة إلي بدء العمل في إقامة أول خط أنابيب بين إسرائيل وتركيا في العام المقبل كما بدأت بوادر تعاون في مجال الغاز بين إسرائيل ومصر في الظهور، وهو ما سيفتح الباب أمام إمكانية التصدير للأسواق الآسيوية الكبري. وأدي النمو السكاني وارتفاع الطلب إلي عدم كفاية الإمدادات المخصصة لمحطات إسالة الغاز الطبيعي في مصر وأدي نقص المعروض في السوق المحلية إلي تآكل صادرات مصر المحمولة بحرا عبر قناة السويس إلي أفضل أسواق العالم ربحية في آسيا. ودفع ذلك إسرائيل إلي تأجيل البت في خطط سابقة لضخ احتياطيات الغاز إلي محطة تصدير تقام مستقبلا في جزيرة قبرص لتوجه بذلك لطمة كبري لطموحات قبرص التي ترزح تحت عبء دين كبير كي تتحول إلي مركز رئيسي في أسواق الغاز. ومن المقرر أن تنتج محطة قبرصية لتصدير الغاز الطبيعي المسال خمسة ملايين طن علي الأقل سنويا للتصدير لأوروبا وآسيا بما يسمح للأوروبيين بتقليل اعتمادهم المتزايد علي روسيا خاصة بعد الأزمة الأوكرانية. وتثير الخطط الإسرائيلية الجديدة الشكوك في التطورات القبرصية لأن المستثمرين سيحتاجون لكميات من الغاز أكبر مما يمكن لقبرص أن تتيحه لهم بما يحقق العوائد المرجوة علي استثمارات بمليارات الدولارات. وقال مصدر يشارك في أعمال تطوير احتياطيات الغاز القبرصية «إذا كانت إسرائيل قد تخلت فعلا عن قبرص كشريك لتطوير موارد الغاز في المنطقة فعلينا (في قبرص) حقا أن نكتشف كميات أكبر كثيرا من الغاز إذا كنا نريد أن نصبح مصدرا يعتد به وهذا سيؤخر بالتأكيد خططنا عدة أعوام.» 150 مليار دولار وتأكدت حاجة أوروبا الماسة لتنويع مصادرها من النفط والغاز بفعل احتمال فرض عقوبات علي قطاع الطاقة الروسي ردا علي ضم موسكو شبه جزيرة القرم وحشد قواتها علي امتداد الحدود الشرقية لأوكرانيا. وتأمل إسرائيل في تصدير الغاز عن طريق خط أنابيب وعدة محطات عائمة لإنتاج الغاز المسال التي يتم فيها تبريد الغاز لتحويله إلي الصورة السائلة حتي يمكن شحنه لأكبر أسواق العالم. ويمثل المشروع لإسرائيل حصيلة ضريبية تبلغ 150 مليار دولار إذا أبرم «الكونسورتيوم» الذي يدير حقول الغاز اتفاقات للتصدير. وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي لرويترز «في نهاية الأمر تحتاج مصر وتركيا للطاقة وامتلاكنا لهذه الطاقة يخلق تلاقيا للمصالح علي المستوي الإقليمي.» وتتيح مصر لمجموعة الشركات الأمريكية الإسرائيلية التي تطور حقل «ليفياثان» الإسرائيلي العملاق للغاز سبيلا للوصول إلي السوق الآسيوية حيث يبلغ سعر الغاز الطبيعي المسال مثلي سعره في أوروبا. وقال يوجين كاندل رئيس المجلس الوطني الاقتصادي بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي «إذا استطاعت الشركات التي تشغل الحقول في إسرائيل التوصل لاتفاق مع الشركات التي تشغل هذه المنشآت فستفيد فيما يبدو مصر وإسرائيل والشركات كلها.» ولم يحدث تعاون اقتصادي يذكر بين مصر وإسرائيل منذ توقيع معاهدة السلام التاريخية بين البلدين عام 1979. وفي السنوات الأخيرة أدت الاضطرابات السياسية في مصر إلي تقليص فرص التعاون بين الجانبين. إحياء محطة إدكو وتتركز المحادثات بين «كونسورتيوم ليفياثان» والسلطات المصرية علي تزويد منشآت تصدير الغاز المسال المصرية العاطلة عن العمل بالغاز الإسرائيلي. ويتألف «الكونسورتيوم» من شركات «ديليك دريلينج» و«ريشيو» و«أفنر أويل» الإسرائيلية وشركة «نوبل انرجي» الأمريكية. وتدير «بي.جي» البريطانية واحدة من محطات إسالة الغاز التي لا تعمل بطاقتها القصوي في مصر وهي من أكبر شركات تجارة الغاز المسال في العالم. وتجري «بي.جي» مباحثات مع شركاء «كونسورتيوم ليفياثان». وقالت مصادر بصناعة النفط إن الخيار المفضل هو بناء خط أنابيب تحت سطح البحر من حقل «ليفياثان» وتوصيله بشبكة أنابيب بحرية تابعة لمجموعة «بي.جي» في المياه المصرية بما يسمح بضخ الغاز الإسرائيلي مباشرة إلي محطة الإسالة في إدكو. وإذا تحقق ذلك فلن يكون معناه إحياء محطة إدكو فحسب بل إن أول صادرات إسرائيلية من الغاز المسال ستنطلق من محطة مصرية. وتعرض خط أنابيب بري بين مصر وإسرائيل لهجمات متكررة من جانب جماعات معارضة للعلاقات مع إسرائيل لكن استهداف خط أنابيب تحت سطح البحر سيكون أصعب كثيرا. وتواجه مصر صعوبات في الوفاء باحتياجاتها المحلية المتزايدة من الطاقة وأدي انخفاض الإنتاج المحلي وتكرار انقطاع التيار الكهربائي إلي استياء بين مواطنيها. ومن الممكن أن يسهم الغاز الإسرائيلي في تخفيف النقص في السوق المصرية ويقلل من حدة الاضطرابات التي كانت من أسباب عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي ويقلل عبء متأخرات تبلغ نحو ستة مليارات دولار تدين بها مصر لشركات الطاقة الكبري مثل «بي.جي». وفي إطار سياسة تصدير ثنائية المسار تهدف إسرائيل أيضا لشحن الغاز الطبيعي المسال إلي أسواق آسيا وأمريكا الجنوبية عن طريق محطة عائمة لإسالة الغاز تقام فوق حقل «ليفياثان». وقال كاندل «بكل تأكيد نريد تقوية العلاقات الاقتصادية مع جيراننا لكننا لا نريد أيضا أن نكون معرضين أكثر من اللازم للتقلبات المحتملة في المنطقة. ولذلك يجب أن يكون لإسرائيل منافذ لا تقيدنا بالمنطقة.» تقارب تركي - إسرائيلي تردت العلاقات بين إسرائيل وتركيا بشدة بعد أن أغار جنود كوماندوز إسرائيليون علي يخت تركي يحمل نشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية كانوا يحاولون كسر الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة عام 2010. ومازال ضعف العلاقات بين الجانبين يمثل حائلا دون إبرام اتفاق بشأن الغاز رغم أن الجانبين يجريان محادثات. وقال مسئول كبير بقطاع الطاقة التركي «تعقد دائما مفاوضات علي مستوي عال لتسوية المسائل السياسية ومفاوضات علي مستوي أقل تهدف إلي إحراز تقدم في مجال الطاقة. وسيمهد تطبيع العلاقات السبيل أمام الاستثمار والتعاون في الطاقة.» وربما يساهم الغاز في تعزيز مساعي المصالحة التي تقودها الولاياتالمتحدة في الشهور الأخيرة. وقالت المحللة سارة حسن بمجموعة أوكسفورد ريسيرش جروب «من الواضح أن ثمة إمكانية كبيرة لتحويل ثروة الغاز الجديدة في شرق المتوسط من مصدر محتمل للصراع إلي عامل مساعد في التعاون الإقليمي. وسترغب تركيا علي الأقل أن يري الآخرون أنها تحاول تحسين الظروف للفلسطينيين إلي جانب أي صفقة محتملة.» وأوشكت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية علي الانهيار وبدأت الحكومة الإسرائيلية تفرض عقوبات اقتصادية جديدة علي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وسط اتهامات متبادلة بالمسئولية عن الجمود الذي وصلت إليه المفاوضات. وتتركز المحادثات بين «كونسورتيوم ليفياثان» والجانب التركي علي مد خط أنابيب تحت سطح البحر سعة عشرة مليارات متر مكعب بكلفة متوقعة تبلغ 2.2 مليار دولار بما يفتح المجال أمام إسرائيل للتصدير لسوق رئيسية من الأسواق الناشئة تعد أحد أسواق الطاقة الرئيسية في أوروبا بحلول 2023. وقال مسئول بقطاع الطاقة التركي «نحن نعتقد أن من الممكن أن تبدأ مرحلة بناء خط الأنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي إلي تركيا في النصف الثاني من 2015.» ومن الممكن أن يفتح خط أنابيب آخر لم يتم بعد إقامته لربط أوروبا ببحر قزوين عن طريق تركيا في 2019 الباب أمام سوق جديدة للغاز الإسرائيلي في غرب أوروبا.