"تكوين".. مفردة مستلّة من الكتب المقدّسة، وترمز إلى "قصة الخلق" التى أسفر عنها الكون، تقول الكاتبة بثينة العيسى: أطلقنا على هذا المشروع اسم تكوين لأننا نؤمن بأن عملية الخلق الفنّى هى امتدادٌ محض لعملية الخلق الأولى، الخلق الإلهى. ونؤمنُ بأن النزعة التعبيرية الخلاقة، متمثلة فى الكتابة الإبداعية خصوصًا، وأشكال الفن الأخرى عمومًا، هى أحد أكثر وجوهنا الإنسانية جمالا وجدارة بالاحتفاء. وهذا المشروع، بكل بساطته وإمكانياته، هو محاولة للاحتفاء بالإنسان الجميل، الإنسان الخلاق، الإنسان الكاتب. وتوضح بثينة، أن هذا المشروع بجناحينِ- مع إمكانية نمو المزيد من الأجنحة فى المستقبل – إذ ومنذُ انطلاقة المشروع فى يوليو 2013، قبل خمسة أشهر تقريبًا، وهو يعمل فى برنامجين مختلفين ومتكاملين: البرنامج الأول: إنشاء قاعدة بيانات باللغة العربية متخصّصة فى الكتابة الإبداعية. والبرنامج الثاني: تقديم ورش عمل متخصّصة فى الكتابة الإبداعية ويهدف هذا البرنامج إلى ردم الفراغ الشاسع فى المكتبة العربية فيما يتعلق بالكتابة الإبداعية، إذ تكاد المكتبة العربية تخلو من الكتب المتخصّصة فى قضايا الكتابة. نجد المكتبة العربية فى العادة تتناول منتجات العملية الكتابية، من قصة وقصيدة ورواية، ولكن يندر أن يكتب أحد عن العملية الكتابية نفسها، وما تنطوى عليه. ويندر أن يتم طرح قضايا الكتابة الفنية بالاحترافِ الكافى بحيث يتم التعامل معها كتجارب يمكن الاستلهام والاستفادة منها. وتشير "بثينة" إلى أنه من أجل بناء قاعدة بيانات متخصّصة فى الكتابة الإبداعية، إذ اتضح أن علينا أن نبدأ من الصفر أو فوقه قليلا، تم تشكيل فريق تكوين التطوّعى للترجمة، بأقلام ومبادرات شابة فى الغالب، تتولى ترجمة مقالات ونصوص متخصّصة فى قضايا الكتابة الإبداعية. وفى غضون خمسة أشهر، أنجز فريق تكوين للترجمة ترجمة كتاب Why We Write لمريديث ماران، وتم الاتفاق مع الدار العربية للعلوم لإصدار الكتاب خلال الأشهر القادمة. كما تمت ترجمة عشرات المقالات عن نصائح وتقنيات الكتابة من مصادر مختلفة، ولأشهر الكتاب العالمين، مثل جورج أورويل، إيزابيل الليندى، راى برادبيرى، نيل غيمان، أناييس نن وآخرين، وتوفيرها فى موقع Takweeen.com لكى تكون متاحة للكاتب المبتدئ الذى ما زال يتهجى بداية طريقه إلى النّص الإبداعى. وإذ تجنح المكتبة العربية للاهتمام بمخرجات العملية الكتابية من قصة وقصيدة ورواية، لدرجة التغاضى التام عن العملية الكتابية نفسها، وما تنطوى عليه هذه الرحلة المدهشة من تحديات وآلام وصرخات ورقصات فرح، ولأجل ألا يبقى الكاتب العربى مغيّبًا عن هذا الحوار المستمر مع الكتابة، تم تشكيل فريق آخر يتولى مهمة إقامة لقاءات صحفية مع كتاب عرب تتناول وتركز على قضايا الكتابة، لقاء لا يسأل الكاتب عن مواقفه السياسية والفكرية والثقافية، بل يطلب منه أن يحدثنا عما يفعله وهو يكتب، ببساطة. وحتى الآن تمت محاورة بشرى خلفان، صلاح دبشة، ربعى المدهون، يوسف المحيميد، وحجى جابر.. ولا يزال الطريق طويلاً، ونحن لها. أما عن البرنامج الثانى لمشروع تكوين فهو إنشاء محترف كتابى، للتعاطى مع النّص الإبداعى فى بيئة خلاقة تتمتع بخصائص المختبر، من حيث القابلية للتجريب والكسر وإعادة التشكيل والخلق المستمرّين. وقد قدّم المشروع حتى الآن ورش عمل متخصّصة فى مواضيع الكتابة الوصفية، كتابة الرواية، القفز على حواجز الكتابة (بثينة العيسى)، بالإضافة إلى ورشة عمل للشعراء عن تقنيات كتابة قصيدة النثر (صلاح دبشة)، وتتضمن خطة المشروع تقديم ورش عمل لكتابة السيناريو والترجمة وقصص الأطفال وغيرها. وتختم "بثينة" حديثها قائلة: إن ما نرمى إلى تحقيقه من خلال تكوين، وما نحققه كلّ يوم- بحسب المؤشرات المتاحة من إقبالٍ وقبول هائلين- هو أن نجعل ارتحال الكاتب داخل نصّه أمراً أيسر، بحيث يعرف كيف يستجلبُ الإلهام عندما يتعذر، وكيف يكتشف أخطاءه الكتابية، وكيف يسبك نصه فنيًا، وأمور أخرى كثيرة، هى فى نهاية المطاف تصبّ فى صالح الأدب، ومن ثمّ.. فى صالح الإنسان. هذا الكائن الجميل، الخلاّق، الكاتب. ثقافة الشارقة تطلق موقعًا لرواد المكتبات "لسه جوه البيوت أفاعى" ديوان للشاعر أشرف الشافعى "ثقافة القرية" تحتفى بالمولد النبوى الشريف