توقع خبراء الاقتصاد وجود آثار تضخمية على الأسواق والأسعار بدءا من شهر يناير المقبل، نتيجة بعض القرارات التى اتخذتها الحكومة قريبا، ويأتى على رأسها زيادة الحد الأدنى للأجور الذى سيتم تطبيقه بداية يناير بواقع 1200 جنيه، وكذلك زيادة المعاشات. وارتفع معدل التضخم الشهرى إلى 14.2% خلال الشهر الماضى، وهو ما يعد أكبر ارتفاع له منذ عام 2010، حيث بلغ فى يناير 2010 نحو 13.6%، وذلك وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. ومن جانبه قال اللواء أبو بكر الجندى إن مؤشرات التضخم على مستوى شهرى ديسمبر الحالى ونوفمبر الماضى تشير إلى ارتفاعات خطيرة مقارنة بمتوسط الزيادات الشهرية المعتادة فى متوسط أسعار المستهلكين. فيما قال الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط فى تصريح خاص ل"اليوم السابع" إن معدل التضخم عاود الارتفاع من جديد خلال الفترة الماضية، ليصل خلال شهر يوليو 2013 إلى 10.3% مقارنة ب6.4% خلال الشهر المناظر من العام الماضى، كما بلغت نسبة الزيادة فى أسعار الطعام والشراب فى الشهر ذاته 13.9%، وهو ما يعنى تزايد وطأة الغلاء على محدودى الدخل. وبالرغم من تحذيرات الخبراء إلا أن العربى أكد أن تحقيق الحد الأدنى للأجور ورفع المعاشات مهما كانت تكلفتهما، لهما تأثير إيجابى على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى مصر، لافتا إلى أن عجز الموازنة هو السبب الرئيس فى ارتفاع الأسعار، ويعنى أن هناك طلبا لا يقابله عرض، وهو ما يسمى بالضغوط التضخمية ولا علاقة له بشكل مباشر بأى قرارات كالحد الأدنى أو رفع الطاقة من المصانع. ومن جانبها، توقعت الدكتورة سلوى العنترى، الأستاذ بالجامعة الأمريكية والخبيرة فى الحقوق الاقتصادية، حدوث قفزة فى التضخم خلال يناير المقبل، مع تطبيق الحد الأدنى للأجور، فى ظل ثبات الإنتاجية واستمرار نفس الظروف الحالية واحتكارات الأسواق، لافتا إلى أن تقارير التعبئة والإحصاء المتتالية منذ عدة أشهر والتى تظهر دائما ارتفاعا فى التضخم تعبر عن التهاب الأسعار، وتترجم عما يشعر به الناس من تآكل فى الدخل الحقيقى وتراجع القوة الشرائية. وقالت إن ذلك بمثابة جرس إنذار لحكومة الببلاوى لاتخاذ إجراءات فعلية لخفض الأسعار للحفاظ على القوة الشرائية، مقترحة أن تضع سقفًا لهامش الربح للسلع المختلفة، وتقوم بضخ سلع مخفضة فى المجمعات الاستهلاكية. وأوضحت سلوى العنترى أن أداء الحكومة الاقتصادى شديد البطء فى التنفيذ، حتى الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها لم تطبق، بداية من إعفاء أولياء الأمور من المصاريف والتسعيرة الاسترشادية، موضحة أن ارتفاع التضخم يظهر أثره فى ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه. وأشارت إلى أن هناك تراجعًا فى أسعار الدولار حاليًا، وهو ما كان سيسهم فى تراجع الأسعار، ولكن فى ظل وجود الاحتكارات فى مجال السلع الغذائية وعدم مواجهة الحكومة لها أدى إلى استمرار ارتفاع الأسعار. واتفق معها فى الرأى الدكتور إبراهيم العيسوى مستشار معهد التخطيط، الذى أقر أن الإجراءات الحكومية المقبلة ستقود بشكل أو بآخر إلى اشتعال فى الأسعار بداية من يناير بسبب استغلال وجشع التجار لأى ارتفاع فى الأجور أو المعاشات، مؤكدا أن الحد من ارتفاع معدلات التضخم هو مسئولية الحكومة بالدرجة الأولى وأجهزتها الرقابية التى يجب أن تراقب الأسواق بصورة فاعلة، ثم تكون بعد ذلك مسئولية البنك المركزى. وأضاف أن هناك غيابا تاما فى الرقابة على الأسواق وانفلات أسعار السلع، ضبط الأسواق هو مفتاح إصلاح العديد من الأمور فى البلاد قبل أن تلجأ الحكومة لأى إجراءات، لافتا إلى أن محاربة التضخم تحتاج إلى استقرار الأوضاع، وزيادة الاحتياطى، واستقرار سعر الدولار، الذى يشهد ارتفاعات، فضلًا عن معاودة السياحة، أحد مصادر العملة الأجنبية إلى تدفقاتها السابقة. وأشار إلى أن ضرورة تدخل الحكومة لحماية المواطن البسيط من هذا الارتفاع الجنونى ومن جشع التجار، حتى لو وصل الأمر إلى استخدام قانون الطوارئ، مضيفا أن الوزارة لديها من الآليات ما يمكنها من تطبيق التسعيرة الجبرية، مؤكدا أن الدولة قادرة على انتهاج بعض السياسات التى تمكنها من مراقبة الأسواق من خلال الرقابة على جودة السلع، وفرض قوانين لحماية المستهلك، وزيادة أسواق الجملة، مما يساهم فى تنظيم حركة تداول السلع.