علاقة غريبة تلك التى كانت بين الرئيس عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر علاقة صداقة دائما يشوبها الكثير من المشاكل. ولكن العلاقة بين الرئيس والمشير هى علاقة مثيرة بين أصدقاء جمعتهم السلطة وفرقتهم السلطة, كما كان يقول الجميع ممن عرفوا المشير عامر جيدا أنه كان يدير القوات المسلحة ليس بمنطق المشير- وكان المشير عامر أول من حصل على لقب مشير فى العالم العربى وهو مايشاوى لقب المارشاليه – ولكن بمنطق العمد لقد قال عنه الجميع أنه يدير القوات المسلحة بمنطق العمد من فوق المصطبة، وكان الأستاذ هيكال دائما يصف المشير بأنه نصف فنان ونصف بوهيمى. وكانت علاقة المشير بالقوات المسلحة علاقة أكثر من رائعة فقد استطاع المشير أن يجعل القوات المسلحة عصا فى يده يدافع بها عن نفسه تجاه صديقه القديم جمال عبد الناصر، فزادت عطاياه للضباط والجنود وزادت المنح والمرتبات لهذا لم يكن غريبا جدا أن يثور الجيش فقط، إذا لوح المشير بالاستقالة، ولقد أدرك الرئيس هذا من سنة 1957 عندما قرر حل مجلس قيادة الثورة، وقرر أن يمنح الضباط الأحرار أرفع وسام فى مصر وهو قلادة النيل، وقد جاء ترتيب عبد الحكيم عامر الأخير، فعندما أمسك الوسام رفعه وأشار به إلى الضباط والجنود عندها هلل الجميع وتعالت هتافاتهم للمشير. أدرك الرئيس مدى خطورة المشير على موقعه فى الدولة، وكان عبد الحكيم عامر نائب القائد العام للقوات المسلحة، فأراد عبد الناصر أن يقلص من نفوذه، لكن المشير أدرك هذا فقام بتقديم استقالته إلى عبد الناصر، ثم سافر سرا هو وسكرتيره على شفيق إلى مرسى مطروح، ولم يعلم بخبر سفره أحد، وحينها ثار الجيش وطالب بعودة قائده، وبحث عنه جمال عبد الناصر فلم يجده وبعدها رجع عبد الحكيم عامر إلى الجيش ليس نائبا للقائد العام، ولكن قائدا عاما للجيش، وعندها زادت نفوذ المشير عامر وأصبح هو المتحكم بتعيين المناصب القيادية ليس فقط خارج القوات المسلحة، وإنما أيضا خارج القوات المسلحة فى الهيئات المدنية. وكانت نهاية الصديقين فى نكسة يونيو وبدأ أول صدام حقيقى معلن بين الصديقين بعد 8 أيام من النكسة عندما قال عبد الناصر للمشير (احنا الاتنين ضحكنا على الشعب ولازم نمشى)، واقترح المشير أن يخلف عبد الناصر شمس بدران فوافق عبد الناصر، ثم عدل عن قراره وقرر أن يكون مكانه زميله زكريا محيى الدين، وقرر أن يعلن تنحيه أمام الجميع فى التليفزيون، وعندما أراد الشعب أن يعود جمال هتف الجميع فى مظاهرات البعض، يقول إنها كانت بفعل عبد الناصر والبعض يقول إنها بالفعل كانت إرادة الشعب. عندها أدرك المشير أن عبد الناصر خرج فأرجعه الشعب، أما هو فخرج ولابد أن يرجعه رجاله فى الجيش، وبالفعل جمع رجاله فى بيته وجهز أطنانا من الأسلحة و300 مقاتل، بجانب 25 من أقاربه، وقرر عبد الناصر تحديد إقامة المشير. حددت إقامة المشير فى فيلا بالمريوطية، تحت العناية الطبية وفى ذات يوم جاء وقدم له الخادم منصور أحمد على الموظف برئاسة الجمهورية عصير الجوافة الذى يحتوى على سم الاكونتين الذى يختفى طعمه ورائحته فى عصير الجوافة، ولم يأت اسم هذا الخادم فى التحقيق نهائيا وأصدرت وزارة الإرشاد بيانا بانتحار المشير عامر وتم حفظ القضية.