بَيْنَ قَصيدَتَيْنْ ...!

بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ بِضْعُ خُطْواتٍ بلا زَرْع ٍ
يُخَصِّصُها المُزَارِعُ لامتِدادِ الجِذر ِ بَيْنَ النَّخْلتَيْنْ ...
هِي سَكْتَة ٌ مَحْسُوبَة ٌ ( لا تَكْسِرُ الإيقَاع َ )
بَيْنَ النَّغْمَتَيْنْ ...
دَوْماً يُنَاسِبُ سَمْتُها ما قَبْلَها
و تُمَهِّدُ الأحْلامَ فيما بَعْدَها
و كَأنَّهَا تَرْديدُ لازِمَةٍ بأُغْنِيَةٍ
فَتُثْري مَقْطَعَيْنْ ...!
يَحْتَارُ فيها أفضَلُ الشُّعَرَاءِ
كَيْفَ ...؟!
متى ... ؟!
و أيْنْ ...؟!
هِي لَحْظَة ُ الإظْلام ِ عِنْدَ البَعْض ِ
و الإشْرَاق ِ عِنْدَ البَعْض ِ
(والإظْلامُ و الإشْرَاقُ يَمْتَزجَان ِ عِنْدَ البَعْض ِ)
مِثْلَ الشَّكِّ بَيْنَ حَقيقتَيْنْ ...
بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ في الحَياةِ مِسَاحَة ٌ زَرْقَاءُ
تَسْمَحُ بانْتِقَال ِ الحُلْم ِ مِنْ غُصْن ٍ إلى غُصْن ٍ
كَما العُصْفُور ِ بَيْنَ الدَّوْحَتَيْنْ ...
هي لَحْظَة ٌ تَمْتَدُّ في نِسَبِ الفَرَاغ ِ بالامْتِلاءِ
كَسُلَّم ٍ في الوَهْم ِ بَيْنَ اللحْظَتَيْنْ ...
بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ وَحْشَة ٌ
تَمْتَدُّ في ألَم ٍ
و في أمَل ٍ
و في وَجَع ٍ
كَدَرْبٍ مُقُفِر ٍ يَمْتَدُّ بَيْنَ مَدينَتَيْنْ ...!
أو هَدأةٍ في قَلْبِ صوفيٍّ يُسَبِّحُ رَبَّهُ
بضَريح ِ سَيِّدِنَا الحُسَيْنْ ...
تَسْتَرْسِلُ الأشْعَارُ عَبْرَ قَصيدَةٍ عَسَليَّةِ العَيْنَيْن ِ
تَنْظُرُ للسَّمَاءِ
و تَنْتَهِي تلكَ القَصيدَة ُ بانْسِدَال ِ الجَفْن ِ فَوْقَ المُقْلَتَيْنْ ...
بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ غَمضَة ُ العَيْنَيْن ِ
بَيْنَ النَّظْرَتَيْنْ ...
أو جِلْسَةِ العُبَّادِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنْ ...
أو كَالشَّهِيق ِ و رِعْشَةِ العُشَّاق ِ بَيْنَ القُبْلَتَيْنْ ...
بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ ألفُ ألفِ قَصيدةٍ
قَدْ أُدْغِمَتْ في بَعْضِهَا
و تَفَرَّقَتْ كَالشَّعْر ِ بَيْنَ ضَفيرَتَيْنْ ...
مَا زلتُ بَيْنَهُما كَأنِّي عَامِلٌ يَسْعَى إلى تَسْديدِ دَيْنْ ...
مَا زلتُ أهْبِط ُ فَوْقَ قُبَّةِ مَسْجِدٍ
أشْدو هَديلاً كَالحَمَامَةِ
ثُمَّ أسْرَحُ طَائِراً للقُبَّةِ الأُخْرى
أرى بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ
مِثْلَ سَعْي الطَّيْر ِ بَيْنَ القُبَّتَيْنْ ...
أنَا مَنْ غَدا يَسْعى بأجْنِحَةِ القَصيدَةِ
كَالفَرَاشَةِ تَسْتَحِثُّ السَّعْيَ بَيْنَ الَوَرْدَتَيْنْ ...
و أعيشُ في تِلْكَ المِسَاحَةِ في حِيَادٍ لَمْ يَزَلْ مُتَحَيِّزاً للشِّعْر ِ مثْلَ هُبُوطِ مَاءِ البَحْر ِ بَيْنَ المَوْجَتَيْنْ ...
قَدْ بِتُّ في قَلَق ٍ
أخَافُ مِنَ انْتِهَاءِ العُمْر ِ قَبْلَ قَصيدَتي الأخْرى
كَأنِّي سَابِحٌ في لُجَّةٍ
يَخْشَى انْتِهَاءَ العُمْر ِ بَيْنَ الضِّفَّتَيْنْ ...
بَيْنَ القَصيدَةِ و القَصيدَةِ عَالَمٌ مُتَشَابِكُ الأغْصَان ِ
يَبْدو بَيْنَ بَيْنْ ...
بقَصيدَتي الأولى بَدَأتُ مَسِيرَة َ الألوان ِ
و الفُرْشَاة ُ تَرْسُمُ في يَدي
زَمَناً مِنَ الكَلِمَاتِ بَيْنَ اللوْحَتَيْنْ ...
مِنْ لَحْظَةِ الميلادِ حَتَّى المَوْتِ
يَقْطَعُ كُلُّ إنْسَان ٍ مَسيرَتَهُ
و إنِّي قَدْ قَطَعْتُ العُمْرَ
بَيْنَ قَصيدَتَيْنْ ...!