السواد يأبى مغادرة قرية "المدمر" بسوهاج.. استشهاد شرطيين من أبناء القرية خلال شهر واحد.. الرائد "أبو الدهب" دفع حياته ثمنًا لشهامته.. والأمين "حمدى" استشهد فداءً للواجب الوطنى والأهالى يطالبون بالقصاص

وكأن السواد يأبى أن يغادر تلك القرية الواقعة فى شمال محافظة سوهاج بمركز طما، والتى تعد ثانى أكبر قرى المركز سكانا، وتشتهر بالزراعة والتجارة، إنها قرية "المَدمر" تلك القرية التى قدمت فى غضون شهر أو أقل شهيدين من أبناء الشرطة المنتمين لها فداءً للوطن.
قبل شهر من الآن، وتحديدًا فى 27 سبتمبر الماضى، شيع أهالى قرية المدمر جثمان الشهيد الرائد أحمد أبو الدهب، الضابط بشرطة النجدة بمديرية أمن الجيزة الذى استشهد متأثرا بإصابته بطلق نارى أثناء عودته من عمله وتوجهه بسيارته إلى منزله، حيث سمع صراخ إحدى الفتيات إثر قيام لصين بسرقة حقيبتها، وعلى الفور طاردهما، وتمكن من السيطرة عليهما إلا أن أحدهما أطلق عليه الرصاص من فرد خرطوش ليصاب فى رأسه، وتم نقله للمستشفى إلا أنه فارق الحياة متأثرا بإصابته.
والشهيد "أبو الدهب" الشهير ب"أحمد خلف الله"، من مواليد عام 1977 حصل على الثانوية الأزهرية عام 1996، ثم التحق بكلية الهندسة قسم الإلكترونيات، وتخرج فيها عام 2001، وفى نفس العام التحق بأكاديمية الشرطة، ليصبح ضابطاً للاتصالات بقسم مكافحة المخدرات بمديرية أمن الجيزة منذ عام 2002 حتى منتصف العام الحالى، ثم تم نقله بعدها إلى شرطة النجدة.
لم تكد دموع أهالى القرية تجف بعد تشييع جنازة "أبو الدهب"، إلا وتلقوا اليوم نبأ استشهاد حمدى محمد أحمد أمين شرطة، برصاص الغدر أثناء تأدية عمله، حيث خرج آلاف الأهالى اليوم يتقدمهم اللواء إبراهيم صابر، مساعد الوزير مدير أمن سوهاج، فى نفس المشهد الذى شهدته القرية قبل شهر، لتشييع جنازة أمين الشرطة الذى لقى مصرعه برصاص أقارب المتهم الرئيسى فى حرق نقطة شرطة العتامنة بدائرة مركز طما، انتقامًا من الشرطة لإلقائها القبض على المتهم.
وكان عدد من أقارب المتهم الرئيسى فى حرق نقطة شرطة العتامنة، استهدفوا سيارة الشرطة التى كان يستقلها الشهيد برفقة أمين شرطة آخر أصيب بطلقات نارية أثناء تأمين سيارة نقل الأموال والطوابع التابعة للهئية القومية للبريد، وخلال مرور السيارة فاجأها المسلحون بإطلاق الأعيرة النارية بكثافة، مما تسبب فى استشهاد أمين الشرطة، وإصابة آخر وتم نقله لمستشفى الشرطة بأسيوط، لتبقى القرية متشحة بالسواد كأنه "مكتوب على الجبين".