سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزمة نقص ألبان الأطفال المدعمة "عرض مستمر" رغم النفى المتكرر ل"الصحة".. مواطنون: أقل سعر لعبوة اللبن غير المدعم 45 جنيهاً.. وهى لا تكفى الطفل أكثر من 4 أيام
بعد أن أنهت زيارتها للوحدة الصحية بمنطقة الدراسة، استعدت "فاطمة أحمد" الزوجة الشابة وأم لثلاثة أطفال للعودة للمنزل، وهى تحمل بإحدى يديها طفلها الصغير المستسلم للنوم على كتفها، وباليد الأخرى أغراضها التى تضم "رضعة" معدة سلفاً من الحليب لتسد بها جوع صغيرها. وقالت فاطمة ل"اليوم السابع": "عمرى ما بلاقى اللبن المدعوم أبو 18 جنيه.. وأقل علبة لبن أطفال ب45 جنيه".. فاطمة التى رزقها الله بتوأم بعد طفلتها الأولى جعلها تضطر مرغمة للاعتماد على لبن الأطفال الصناعى لتغذية وليديها، نظرا لعدم استطاعتها إرضاعهما بشكل طبيعى، ففى الستة أشهر الأولى من عمر وليديها كانت تحصل على 4 علب حليب مدعم من الوحدة الصحية، رغم أن تلك الكمية لم تكن كافية على الإطلاق لإرضاعهما، فالعلبة الواحدة كانت تستهلك خلال يومين فقط، إلا أنها كانت تعوض هذا النقص برضعات "أعشاب"، لكن الأزمة تفاقمت بعد بلوغهما 6 أشهر، فلم تعد تستطيع صرف اللبن الخاص بتلك المرحلة العمرية من الوحدة الصحية، فى حين أنها لا تجد مثيله المدعوم بأى صيدلية، مما اضطرها لإعطائهم اللبن العادى، قائلة "بديهم اللبن العادى رغم إنى عارفة أنه غلط على صحتهم، لكن مفيش حل تانى"، خاصة أنها لا تعمل وزوجها مبيض محارة، وبالتالى لا يكفى دخلهما لشراء اللبن الصناعى الكافى لأبنائهم. وتعد فاطمة واحدة من آلاف الأمهات والآباء الذين يجدون صعوبة بالغة فى الحصول احتياجات أبنائهم من اللبن الصناعى، ففى الوقت الذى تشهد فيه الصيدليات نقص حاد من لبن الأطفال المدعم من وزارة الصحة بأنواعه المختلفة "بايوميل (2،1)، نكتاليا (2،1)، ليبتوميلك (2،1)" وتباع ب18 جنيها للعلبة الواحدة، يصل فيه أقل سعر لعلبة لبن من الأنواع غير المدعومة 45 جنيه، وتصل فى بعض الأنواع ل72 جنيه، وهو ما يشكل عبئا ماديا بالغ على ميزانية أى أسرة، خاصة أن العلبة الواحدة لا تكفى الطفل لأكثر من 4 أيام، هذا فى الوقت الذى تنفى فيه وزارة الصحة وجود أى أزمة بألبان الأطفال المدعمة، حيث أصدرت خلال شهر سبتمبر الجارى فقط، بيانين رسميين تؤكد بهما عدم وجود أزمة نقص بالألبان المدعمة، وأن المخزون الإستراتيجى منها يكفى ل7 أشهر. وبشكل عام تدعم وزارة الصحة ألبان الأطفال بطريقتين، الأولى بصرف ألبان المرحلة الأولى، التى تعطى للطفل منذ الولادة وحتى 6 أشهر، عن طريق مراكز رعاية الأمومة والطفولة والوحدات الصحية، وتصرف العلبة بسعر 3 جنيهات، وتميز العبوة الخارجية باللون الأحمر ويعنى منع بيعها بالصيدليات، إلا أنها تضع شروط صارمة لصرف تلك العبوات، حيث يتم توقيع الكشف الطبى على الأم للتأكد من أن الحليب الخاص بها غير كافٍ لتغذية طفلها، بجانب شروط أخرى مثل وفاة الأم أو إنجابها لتوأم أو إصابتها بمرض يستحيل معه إرضاع أطفالها بشكل طبيعى، أما الطريقة الأخرى هى دعم علب الأطفال المسموح بيعها بالصيدليات بسعر 18 جنيها للعبوة، وتميز باللون الأزرق. اختفاء عبوات اللبن المدعم من الصيدليات دفع العديد من الآباء والأمهات لقطع مسافات طويلة إلى "صيدلية الشكاوى"، الملحقة بمقر الشركة المصرية لتجارة الأدوية، والواقعة بكورنيش النيل بشبرا، للحصول على ما يسد رمق أبنائهم، حيث يؤكد سيد شوقى، سائق تاكسى وأب لطفلة تبلغ من العمر 6 أشهر، أنه يضطر للقدوم من مسكنه بمنطقة عيش شمس إلى منفذ بيع الشركة بشبرا، للحصول على حليب الأطفال المدعم، الذى لا يجده فى أى صيدلية سواء بمنطقته أو خارجها، حيث يتمكن للحصول على علبتين فى المرة الواحدة بعد تقديم شهادة الميلاد للصيدلية، وإثبات عدد العلب وتاريخ شرائها على ظهر شهادة الميلاد، لافتا إلى أنه يضطر لقطع كل تلك المسافة للحصول على اللبن المدعم لأبنته ولابنة أخيه الرضع، لأنه لا يستطيع شراء أنواع اللبن غير المدعمة لارتفاع أسعارها. كما تؤكد نادية على، ربة منزل وأم لطفلين، أن تلك هى المرة الأولى التى تحضر فيها لصيدلية الشكاوى، حاملة شهادة ميلاد رضيعها، بعد أن يأست من إيجاد اللبن المدعم بأى صيدلية بمنطقتها روض الفرج، قائلة "مفيش لبن مدعم فى الصيدليات، وحتى لو فى (معرفة) صيدلى مش هيقدر يشيلك أكتر من علبة"، وتضع منافذ الشركة المصرية لتجارة الأدوية شروط محددة لبيع ألبان الأطفال المدعمة، وهى ضرورة إحضار شهادة ميلاد الطفل وإثبات تاريخ البيع وعدد العبوات على ظهر الشهادة، كذلك تقديم بطاقة المشترى وضرورة أن يكون أحد أقرباء الطفل من الدرجة الأولى، كما يتم تحديد كميات العبوات التى يتم صرفها للجمهور وقفا للكمية المتوافرة بالصيدلية. ومن جانبه أكد الدكتور محمود فتوح، صيدلى ورئيس اللجنة النقابية المستقلة للصيادلة الحكومين، أن أزمة نقص ألبان الأطفال المدعومة من الصيدليات ليست جديدة، بل هى أزمة مستمرة منذ سنوات، موضحا أن تلك الألبان تصرف لصيدليات وفق "كوته" محددة، حيث تحصل كل صيدلية على على 12 علبة شهريا، وغالبا ما تحصل على كوته إضافية 6 علب، ليصبح إجمالى ما تحصل عليه الصيدلية الواحدة 18 علية شهريا، فالأزمة هنا ليست فى عدم توزيع الكميات المقررة للصيدليات، بل فى أن تلك الكمية لا تكفى بالطبع أطفال المنطقة المحيطة بها، لأن الطفل الواحد يحتاج علبة كل 3 أو 4 أيام على أكثر تقدير، فالحل هو زيادة عدد العبوات التى تصرف لكل صيدلية. وحذر فيه المركز المصرى للحق فى الدواء من النقص الشديد فى ألبان الاطفال المدعمة، خاصة بمراكز الأمومة والطفولة بالمحافظات، والتى تصرف عبوتين شهريا لكل طفل مسجل لديها، مرجعا الأزمة إلى تأخر إرسال موافقة وزارة المالية للشركة المصرية لتجارة الأدوية باستيراد تلك المنتجات، مما أدى إلى النقص الحاد بها، على فى الوقت الذى تتوافر فيه بدائلهما المستوردة غير المدعمة. جدير بالذكر أن وزارة الصحة أصدرت، خلال سبتمبر الجارى، بيانين أكدت بالبيان الأول بتاريخ 17 سبتمبر، أن الألبان الصناعية المدعمة للأطفال متوافرة بجميع وحدات الرعاية الصحية الأساسية المنتشرة على مستوى الجمهورية من خلال أكثر من 600 منفذ، كما تم توفير حصة من الألبان المدعمة بالصيدليات الخاصة، موضحه زيادة كميات الألبان عن العام السابق من خلال المناقصة الجديدة لعام 2013 /2014، حيث زادت كميات الألبان من النوع الأول " للأطفال أقل من 6 أشهر" من 12 مليون إلى 15 مليون من علبة، بحيث يباع 7 ملايين علبة مدعمة للأطفال المستحقين بوحدات الرعاية الصحية الأساسية، و8 ملايين علبة بالصيدليات الخاصة، وأما بالنسبة للأطفال من 6 أشهر إلى 12 شهراً فقد تم مضاعفة الكمية من 2 مليون علبة إلى 4 ملايين علبة تباع بالصيدليات الخاصة، ويكفى المخزون الإستراتيجى لتلك الأنواع لمدة تراوح من 5 إلى 7 أشهر، فى حين أكدت الوزارة فى بيانها الثانى بتاريخ 23 سبتمبر أن المخزون الإستراتيجى بالشركة المصرية لتجارة الأدوية من الألبان المدعمة يكفى حوالى 11 شهرا.